حكمت محكمة في موسكو بالسجن سنتين على الشابات الثلاث في فرقة "بوسي رايوت" الروسية الجمعة بتهمة "اثارة الشغب" بعد اقامتهن "صلاة" ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في كاتدرائية، وذلك عقب محاكمة اتخذت بعدا عالميا.
واعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون الحكم "غير متكافىء".
وقالت في بيان "اعبر عن خيبة امل عميقة للحكم الصادر (..) بحق عضوات بوسي رايوت. هذا الحكم غير متكافىء".
واقيمت تجمعات مؤيدة للمتهمات الثلاثاء في روسيا وفي مدن اوروبية عدة، من وارسو الى سيدني مرورا بباريس ونيويورك.
وجاء في حيثيات الحكم الذي تلته الجمعة رئيسة محكمة خاموفنيتشيسكي في موسكو ان ناديجدا تولوكونيكوفا (22 عاما) وايكاترينا ساموتسيفيتش (30 عاما) وماريا أليخينا (24 عاما) "مدانات بتهمة اثارة الشغب" و"التحريض على الكراهية الدينية".
واستعانت القاضية مارينا سيروفا بشكل كبير بالدفوع التي قدمها المدعي العام الذي طلب السجن ثلاثة اعوام للمتهمات الثلاث بعد ان ادين في 21 شباط/فبراير في كاتدرائية المسيح المخلص في موسكو "صلاة اعتراض" طلبن فيها من السيدة العذراء مريم أن "تخلصهن من بوتين".
واشارت القاضية الى ان المتهمات الثلاث لم يبدين اي "ندم" على فعلتهن متهمة اياهن "بانتهاك النظام العام" و"الاساءة لمشاعر المؤمنين".
كما تحدثت عن "الازدراء" بالاديان، مستندة بشكل كبير الى تصريحات موظفين واعضاء في امن الكاتدرائية ممن تقدموا بشكوى بسبب "الالم المعنوي" الذي تسببت بها "الصلاة" التي ادتها النساء الثلاث.
وهتف اشخاص كانوا موجودين في قاعة المحكمة اثناء صدور الحكم "يا للعار! هذا ظلم!"، وذلك رفضا للحكم الذي جاء اخف مما طلبه المدعي العام بالسجن ثلاث سنوات. وابتسمت ناديجدا تولوكونيكوفا اثناء تلاوة الحكم.
وكان محامو الدفاع طلبوا الافراج عن الفتيات فيما شبهت احداهن المحاكمة "بمحاكمات الترويكا في الحقبة الستالينية"، في اشارة الى المحاكمات الاعتباطية السريعة التي كانت تقوم بها لجان من ثلاثة اشخاص ابان حكم ستالين وكانت تنتهي باحاكم بالسجن او حتى بالاعدام.
والعقوبة القصوى للمدانين "باثارة الشغب" هي السجن سبع سنوات.
وحضر الجلسة دبلوماسيون اميركيون.
وقالت المنشقة السوفياتية السابقة والناشطة الروسية ليودميلا اليكسيفا لتلفزيون دوجد الروسي "في روسيا، اذا ما تم اعتقال متهمين قبل صدور الحكم، فهذا يعني انهم مذنبون".
وجرت المحاكمة وسط انتشار كثيف لعناصر الشرطة وعوائق معدنية تم نصبها على جانبي الطريق، ما منع اي تظاهرة محتملة.
وتجمع عدد من انصار الشابات الثلاث والمعارضين لهن على السواء قرب مبنى المحكمة قبل النطق بالحكم.
ووسارت تظاهرات لقوميين روس وارثوذكس امام المبنى.
في المقابل هتف حوالى مئة شخص "الحرية لشابات +بوسي رايوت+" و"الحرية للسجناء السياسيين".
وتم توقيف حوالى ثلاثين شخصا من انصار "بوسي رايوت"، بينهم زعيم جبهة اليسار سيرغي اودالتسوف وبطل العالم السابق في الشطرنج غاري كاسباروف للتحقيق معهم واقتيدوا في سيارة للشرطة.
كذلك شهدت مدن روسية عدة تجمعات مؤيدة للمتهمات الثلاث منها في ايكاتيرينبورغ بمنطقة الاورال وسامارا في الفولغا.
واتخذت هذه القضية بعدا دوليا حيث تلقت الشابات الثلاث دعما كبيرا في العالم لا سيما من قبل نواب المان والمغنية الاميركية مادونا والفنانة يوكو اونو ارملة جون لينون او حتى عضو فرقة البيتلز السابق بول ماكارتني.
وكتب ماكارتني الخميس عشية صدور الحكم انه "شخصيا وكل الاخرين الذين يؤمنون بحرية التعبير سيبذلون كل ما بوسعهم لدعمهن، ولدعم فكرة الحرية الفنية".
وقد اثارت هذه القضية انقساما عميقا في المجتمع الروسي، حيث يندد العديد من الكهنة والمؤمنين بتدنيس الكاتدرائية وبهجوم منظم ضد الكنيسة. لكن آخرين وبعضم ضمن الكنيسة اعتبروا ان الملاحقات القضائية بحق الشابات وابقاءهن قيد الاعتقال، غير متكافىء مع التهم الموجهة اليهن.
وفي هذا الاطار، وضعت القاضية المكلفة النظر في هذه القضية مارينا سيروفا الخميس تحت حماية الدولة اثر تهديدات صدرت عن انصار الفرقة.
واعلن الكاتب بوريس اكونين والمدون الكسي نافالني وزعيم جبهة اليسار سيرغي اودالتسوف وكلهم معارضون لنظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انهم سيتوجهون الى المحكمة في خطوة لدعم الشابات.
كما شهدت عواصم اوروبية عدة تجمعات ضمت بضع عشرات للتنديد بمحاكمة فرقة "بوسي رايوت". وتجمع حوالى 200 شخص في باريس، وحوالى 50 شخصا في برشلونة قرب كنيسة العائلة المقدسة للمطالبة بالحرية للشابات الثلاث.
ويأتي الحكم في نفس الاسبوع الذي يكمل فيه الرئيس الروسي فترة المئة اليوم في السلطة اثر عودته الى الكرملين في ولاية رئاسية ثالثة والتي شدد فيها الرقابة على منظمات المجتمع المدني ردا على حركة احتجاج قامت ضده.
وبحسب استطلاع اجراه معهد ليفادا ونشرت نتائجه الجمعة صحيفة فيدوموستي فان شعبية بوتين سجلت ادنى مستوياتها منذ وصوله الى الحكم في عام 2000 حيث عبر 48% فقط من الاشخاص عن تاييدهم له مقابل 25% غير راضين عن ادائه. وفي ايار/مايو الماضي اظهر استطلاع للرأي ان 60% كانوا راضين عن ادائه و21% معارضين.
وازاء الضجة التي اثارتها هذه القضية، قال الرئيس الروسي في مطلع آب/اغسطس انه لا يؤيد فرض عقوبة قاسية على الشابات الثلاث.
وفي مقابلة نشرتها الجمعة صحيفة نوفايا غازيتا قالت احدى المتهمات ايكاترينا ساموتسيفيتش ان الحكم في القضية غير مرتبط "بمبدأ العدالة" وانما "بخشية بوتين من العواقب (السلبية) المحتملة بالنسبة اليه في خريف 2012 حيث سياخذ سجننا اهمية خاصة".