الإثنين 19 أيّار / مايو 2025, 16:54
زينة الأيوبي في الجزء السابع من مقابر الشوك




تكبير الحروف : 12 Punto 14 Punto 16 Punto 18 Punto
زينة الأيوبي في الجزء السابع من مقابر الشوك
الإثنين 16 تمّوز / يوليو 2012, 16:54
كورداونلاين
- مجرد أطفال لا يدركون ما يفعلون ، نعم .. الخطأ يوجب العقوبة ، وها هي أيامٌ ثلاث تُركوا لها ، بلا شك قد تأدبوا ..خذهم بحلمك .. إنهم كأولادك .. فلتأخذك بهم رأفة و لتعف عنهم

يلف المدينة من الطرف الآخر هدوء مشبوه يتقاطر تآمراً ينسجه طرفه الأول .. نُشر على حبال الليل مخاوفه ، بسط الجناحين على قعر البيوت رهبةً في عيون ساكنيها الفَزِعة .. والقلوبُ بين الضلوع تنوء .
ظلمةٌ حالكة جثمت على أفئدة الأمهات تتورم في جسد المجهول ، تراسمت في الأخيلة المخاوف ، وتراقصت على بساط التوجس الظنون ثم ما لبثن أن فصّلن لها أكفاناً من الأمل .
وها هي الأبواب الموصدة دون الحيرة تُطرق .. والأجراس من بابٍ إلى بابٍ تستصرخ .. حتى فرّ الهدوء من الأرجاء ...لعل الأوهام تتعرى عن جسد الذعر المتلبس قلوبهن.. لكنها لا تلبث أن تنتكس على أعقابها في كل مرة تتكشف عتبات الدار عن طيف غير الذي تأمل وتنتظر !


# 
لم يكن الرجال أقل منهن أرقاً ولا أدنى ذعراً .. انقض الهلع عليهم لِما عرفوا من مغبّات الانجراف إلى المخالب الأمنية ، إلا أنهم آثروا كتم انفعالاتهم وضبط جماحها حتى يُوفقوا إلى عقل رشيد ورأيّ سديد !
ضخ الكبت مزيداً من اللظى في الوجوه المتقدة من وقود القلوب الفائرة .. شاوروا بعضهم ثم أجمعوا أمرهم ، حددوا وُجهاءهم و أشرافهم .. ليسوا ككل الرجل أشرافها ، وكل بنيها شريفها !! رجالٌ رضعوا الكرامة عندما ولدوا .. و لُقّنوا النخوة مع أغاني الأمهات في المهد إذ كانوا .. حَبوا على أطراف الفضيلة إذ حبوا .. ثم كان أن مشوا على أقدامٍ من عزةٍ و شهامةٍ وأَنَفة ! قلوبهم تسع الكون طيبةً وحناناً و أخلاقهم رواسٍ شامخات .. يعجز الوصف في الكيف عن الجواب ! ثم إذا ما رماهم الزمان لا يقعون إلا واقفين !
اهتدوا لأن يسوقوا رجاءهم المحفوف بمكانتهم في قومهم .. جاهةً لا تضاهيها أخرى أرفع شأناً إلى أصحاب الشأن كبار المسؤولين الذين يحتفظون بفلذات أكبادهم رهائن حرب .. طرفاها أطفالٌ دون الخامسة عشرة مقابل رجال الدولة من الأمن السياسي 

بعد غيابٍ دامسٍ خيّم على الأطفال ثلاثة أيامٍ طفقوا عليهم تعذيباً بلا هوادةٍ ، توجّه الرجال إلى الفرع السياسي في المدينة لمقابلة المسؤول ، غير أن طلبهم رُفض في اليوم الأول .. حتى إذا كان يومهم التالي عاودوا فأُذن لهم .. لكنّ هذه الأبواب شُرّعت لتوصد على إثرها أبوابٌ أُخر !!
دخلوا عليه.. كانت الأشجان فيهم تهذي بين التفاؤل والترقب لشيءٍ من خيبة الأمل .. حدّثوه بأفضل وأدق الكلمات و أبدوا أحسن النيات .. وبلَّغوه غاية الأسف باسم أهالي الأطفال بل كل المدينة .. كانوا ينثرون رجاءهم على لوحة معقوفة السطح تتدحرج لتقع كل محاولاتهم على أرض المستحيل ! وعاطف يخزر طَرْفَه يجوب بين الحاضرين كِبراً وغطرسةً ! تماهى مع علو منصبه ، بل بحكم قرابته للحاكم ..
استلذ حضورَهم بين يديه.. تفاقم حجمه عن بالونٍ فارغ إلا من هواء .. بادره متقدمهم .. نظم قوله و رتب أفكاره ، دخل عليه من باب إنسانيته ، و استعطاف أبوّته ، و استجداء النُبل فيه :
- مجرد أطفال لا يدركون ما يفعلون ، نعم .. الخطأ يوجب العقوبة ، وها هي أيامٌ ثلاث تُركوا لها ، بلا شك قد تأدبوا ..خذهم بحلمك .. إنهم كأولادك .. فلتأخذك بهم رأفة و لتعف عنهم 

كما لو أخذ عاطف على الزمان عهداً بألا يستبدل غيره به ، كأنه أَمِن مكر الدهر وفطن لعبة الأيام .. فظنها له كما يشتهي ... و توهم بأنها تجود له خلوداً أبدياً ..فاعتراه من جنون البغي مسٌّ .. تطاول على تواضع الشريف ليبلغ مداه من الرعونة ! وما جاء إكرامه بالخُلق إلا زيادة منه في اللؤم .. ليجيبه بلا مبالاة أنْ عوّضوا عن بنيكم بإنجاب غيرهم !!

بين منبت الطرفين سامقات من الأخلاق لم يُلَقّنها المسؤول ، أبت بحار الوضاعة فيه إلا أن تموج.. وما من مركب للآباء في ظلماتها يهديهم إلى برٍ لإقناعه ..فما زادهم إلا صبراً و احتمالاً . هم أعلم بنفوس أمثاله تتمخض نشوته في إذلال الشرفاء .. الذين بات كل همهم خروج الصبية سالمين دون أن تلوث براءَتهم جيفُ الضمائر المتكدسة بعد موتها في جنبات عناصر المسؤول ..

أسرف و أَسَفَّ .. حتى توغل في امتهانهم و نهش أعراضهم .. مسّهم في أجلّ ما يملكون .. استباح سترهم حتى استفرغ عهراً على موائد الوضاعة في حضرة الأعِفّاء .. فكان أن جنى عليه فساد تصوره و سذاجة توقعه .. صبّت عليه وبالاً قصم ظهره حين عن جهل الحكمة .. أغضب الحليم

1572.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات