عدد السجناء تضاعف في عهد أردوغان: النوم بالتناوب والامتيازات للمافيا
السبت 23 حزيران / يونيو 2012, 07:00
كورداونلاين

ازدحام في العنابر إذ تستضيف الزنزانة المخصصة لثمانية أشخاص عشرين سجيناً، يضطرون للتناوب على أوقات النوم والوقوف واستخدام المرحاض طوال مدة اعتقالهم التي تمتد سنوات
أنقرة – يوسف الشريف
السبت ٢٣ يونيو ٢٠١٢
كانت تركيا تظن أنها قد تتخلص من لعنة الفيلم الأميركي «قطار منتصف الليل» الذي كان ممنوعاً في قنواتها في التسعينيات، بسبب تصويره وضع حقوق الانسان في السجون التركية في شكل مفزع. لكن أعمدة الدخان التي تصاعدت من سجن أورفه السيئ السمعة جنوب تركيا الثلثاء الماضي ونبأ وفاة 13 سجيناً حرقاً داخله، أعادت الى الأذهان فوراً المشاهد المروعة لذلك الفيلم، في وقت غابت أخبار اصلاحات الاتحاد الأوروبي أو الحديث عن التعامل مع انتقاداته وتقاريره الدورية بجدية.
مع ارتفاع ألسنة اللهب من مبنى السجن، انكشفت للمحققين ظروف لا انسانية يعانيها السجناء: ازدحام في العنابر إذ تستضيف الزنزانة المخصصة لثمانية أشخاص عشرين سجيناً، يضطرون للتناوب على أوقات النوم والوقوف واستخدام المرحاض طوال مدة اعتقالهم التي تمتد سنوات... برد قارس شتاءَ وقيظ شديد صيفاً دفع السجناء الى اضرام النار في إحدى الزنزانات احتجاجاً على أوضاعهم، بعدما نفى وزير العدل سعد الله أرغيل الرواية التي ترددت عن أن سبب اندلاع الحريق كان شجاراً بين المعتقلين وادارة السجن حول دور الحصول على مروحة تتناقلها العنابر بالتناوب.
وزير العدل نفى مسؤولية وزارته مؤكداً عدم وجود أي دافع لاستقالته، واكتفى بتقديم وعد ببناء مزيد من السجون لتستوعب النزلاء وتخفف الازدحام، ما دفع الكاتب الصحافي المعروف جان دون دار الى القول إن «حزب العدالة والتنمية حوّل تركيا معتقلاً كبيراً، ويعد اليوم بتوسيعه لاراحة سجنائه». وذكّر بأن عدد السجناء لدى تولي رجب طيب أردوغان رئاسة الحكومة بداية 2003 كان 60 ألفاً، وبات اليوم 126 ألفاً، بعد تنفيذ قانون الافراج المشروط الذي استفاد منه حوالى 10 آلاف سجين اطلقوا خلال العامين الماضيين.
وفي الاطار ذاته، قال زعيم المعارضة البرلمانية كمال كيليجدار أوغلو إن أردوغان ينتهج سياسة احتجاز المعارضين وسجنهم بعد تلفيق الاتهامات لهم، وزاد: «عن أي ديموقراطية نتحدث وفي السجون يقبع 8 نواب و مئة صحافي، و600 طالب جامعي وأكثر من ألف ناشط سياسي كردي». وذكّر كيليجدار أوغلو بالحكم الذي صدر الاسبوع الماضي بسجن طالب جامعي ثماني سنوات لأنه تجرأ ورفع لافتة تطالب بالتعليم المجاني في تركيا، أثناء زيارة وزير لجامعته.
في المقابل، تتحدث مؤسسات المجتمع المدني عن «ظروف غير انسانية» يعانيها السجناء والمعتقلون في تركيا، في ظل رفض حكومة أردوغان السماح لتلك المؤسسات بتفقد السجون أو مراقبتها من قبل طرف محايد غير حكومي، خصوصاً أن حزب الشعب الجمهوري المعارض كان قدم قبل ستة شهور تقريراً عن أوضاع السجون، وطالب بمناقشته في البرلمان محذراً من كارثة انسانية.
ورغم كل ذلك تعقد الدهشة ألسنة كثيرين في تركيا، عند قراءة الخبر الذي أوردته صحيفة «تقويم» في نيسان (أبريل) الماضي ولم تكذبه الحكومة. وهو يتناول إعداد سجن خاص لوزير الداخلية السابق محمد أغار الذي حُكِم بالسجن خمس سنوات لتورطه بتشكيل مافيا للضغط على التجار الذين يدعمون «حزب العمال الكردستاني» في تسعينيات القرن العشرين. ويعتبر أغار من أهم رجال ما يسمى «الدولة العميقة» التي أعلن أردوغان الحرب عليها، لدورها في زعزعة أمن البلد وسعيها الى ترتيب انقلابات على الحكومات، من خلال تعاون مشبوه بين مؤسسة الأمن والجيش والمافيا. اذ فرِّغ السجن الصغير من الموقوفين ووزعوا على سجون أخرى لينفرد به بالكامل، وقبل أن يضع رجليه فيه طلي السجن وأعيد تأثيثه بالكامل. كما تسمح إدارته لكل من يريد لقاء أغار بأن يزوره ويقضي ما يشاء من وقت معه، وكان آخر زواره لاعب كرة القدم الشهير أرده توران. كما تسمح ببقاء حارسه الشخصي معه فيأتي السجن ليلاً ويغادره صباحاً، في مشهد يذكّر بفيلم آخر هذه المرة، هو فيلم «الافوكاتو» للممثل الكوميدي المصري عادل إمام.