الأحد 09 شباط / فبراير 2025, 18:47
: ليلى سارة: البُعدُ النفسيُّ في ثوراتِ الرّبيعِ العربي




: ليلى سارة: البُعدُ النفسيُّ في ثوراتِ الرّبيعِ العربي
السبت 23 حزيران / يونيو 2012, 18:47
كورداونلاين
الأمر الذي ساعد المواطن العربي على النزول إلى الشارع والمطالبة بحقوقه؛ فهي ثورة التكنولوجيا التي جعلت مجريات الأحداث تتخطى الحدود الوطنية لأية دولة؛ ما شكّل حافزاً لغالبية الشعوب من أجل ترجمة أفكارها الثورية إلى أفعالٍ، والمناداة بالحرية

بقلم: ليلى سارة

      لعلّ من أبرزِ إرهاصات إشعال فتيل الثورات في المنطقةِ العربيةِ أو ما يسمى ثورات الربيع العربي هو البُعدُ النفسي أو الحالة النفسية لتلك  الشعوب التي تعيشُ تحت نيل الاستبداد والاستعباد منذ أمدٍ بعيد؛ في ظلِّ سلطاتٍ دكتاتورية لا تعترف بالآخر؛ وما هو جليٌ أكثر بالنسبة إلى المحلّلين والمراقبين للوضع العام؛ هو ديمومة تلك الحالة النفسية حتى بعد نجاح ثورات الحرية.

فمن يراقبْ عن كثب ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية، السياسية والاجتماعية لشعوب المنطقة، فسُيدركُ تماماً حالة الاغتراب التي يعانيها الإنسان العربي في وطنه؛ وبالتالي فإن حالة عدم الرضى عن الوضع القائم؛ الذي يصل في بعض حالاتهِ إلى اليأس أو الإحباط؛ قد تدفعُ به إلى التفكير الجِدّي في التغيير والانتقال إلى وضعٍ حياتيٍ أفضل ممّا اعتاده.

لكن في الكثير من الأحايين قد تتحولُ تلك الرغبةُ الجامحةُ في التغيير من حالة سكونٍ إلى حراكٍ ربما يصل إلى حد الثورة، وأحياناً هذه الأخيرة قد تنحو نحو العنف والعنف المضادّ؛ لأن ازدياد الهوة بين حقوق تلك الشعوب الثائرة من جهة والواقع الفعلي المرير الذي تعيشه من جهة أخرى؛ يجعلُ منها عرضةً لتخطي حالة اللاوعي والتصرف بشكلٍ لاحضاري وفوضوي.

وعند التفكير في حقيقة ثورات الربيع العربي؛ يتضحُ أن العامل النفسي هو أحد أهم نقاط الارتكاز لذلك الحراك الشعبي، فسياسة القمع، التنكيل والقتل التي استخدمتها وتستخدمها الأنظمة المستأثرة بالحكم ضد شعوبها، كانت غايةً لتحرِمها من حقوقها وحرياتها المشروعة.

أما الأمر الذي ساعد المواطن العربي على النزول إلى الشارع والمطالبة بحقوقه؛ فهي ثورة التكنولوجيا التي جعلت مجريات الأحداث تتخطى الحدود الوطنية لأية دولة؛ ما شكّل حافزاً لغالبية الشعوب من أجل ترجمة أفكارها الثورية إلى أفعالٍ، والمناداة بالحرية.

بدأت الشرارة الأولى من تونس؛ ثم نشبت نيران الشعوب في هشيم الأنظمة الطاغية والدكتاتورية التي كان بعضٌ منها في حالةِ جمودٍ عقلي وابتعادٍ عن الواقع نتيجة تقدم الأعمار كما في مصر؛ أو طول فترة الحكم كما في ليبيا واليمن؛ وبعضها الآخر نتيجة المعاناة من حالة (الإنكار النفسي) عندما لا يتقبل النظام ورأسه حقيقة ما يجري ويبدأ بالتنكر لها؛ وهذا ينطبق على الحالة السورية؛ خاصةً عندما كان النظام في هذه الدولة يُصرّح، ولا يزال، بأن سوريا ليست تونس ولا مصر أو حتى اليمن؛ لأنه كان يريد أن ينأى بالمجتمع السوري وأزمتهِ وثورة شعبهِ عن المنطق والحقيقة؛ مع يقينه التام بأن هذا الشعب يعيش حالته النفسية الإيجابية التي عبّر عنها بثورة لا تزال مستمرةً ومنتصرة.

إن هذه الثورات وما آلت إليه اليوم برهنت أن الشعوب في المنطقة تتمتع بروح وطاقة إيجابيتين كانت ولزمن طويل غائبة عنها، وأن انتصار ثوراتها ستخلق نوعاً من الثقة والتفاؤل لدى الشعوب الأخرى، ونتيجةً للحالة النفسية الإيجابية التي تعيشها الشعوب العربية في الوقت الراهن وانتصارها على حالة الإحباط وحاجز الخوف؛ ستزداد لديها نزعة التغيير الإيجابي، لكنْ بعد حالة الاستقرار التي ستسيطر على الوضع عقبَ نجاح تلك الشعوب في قطف ثمار ثوراتها.

الايميل الرسمي للاتحاد: yrks2012@gmail.com

الصفحة الرسمية للاتحاد على الفيس بوك: https://www.facebook.com/yrks2012

502.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات