السبت 21 كانون الأوّل / ديسمبر 2024, 14:10
بولات جان : التدريس باللغة الكردية ما بين الحلم و الحقيقة




تكبير الحروف : 12 Punto 14 Punto 16 Punto 18 Punto
بولات جان : التدريس باللغة الكردية ما بين الحلم و الحقيقة
الثلاثاء 22 أيّار / مايو 2012, 14:10
كورداونلاين
المحطة الثالثة كانت مدرسة تشرين، المديرة كانت من عرب الدرعا، لم يحتاج أعضاء المبادرة إلى طول نقاش، حيث انها وافقت فوراً بشرط أن لا يحدث الفوضى... و أي فوضى و التلامذة الكرد يعيشون أجمل يوم من ايام عمرهم

بدأت الحملة التاريخية الشعب الكردي يمارس حقه بنفسه و يطالب كل الجهات الاعتراف به من أحد أهم المقررات في المؤتمر التأسيسي الأول لكونفدرسيون الطلبة الكرد الوطنيين كان القرار القاضي بإطلاق حملة شاملة للتدريس باللغة الكردية في كافة المراحل الدراسية...

و قد انطلقت هذه الحملة في منطقة كوباني في غربي كردستان بمبادرة من الطلبة الكرد و مؤسساته الشعبية في إعطاء دروس باللغة الكردية في المدارس الحكومية الرسمية.

فبمبادرة من كونفدرسيون الطلبة الكرد الوطنيين و مؤسسة اللغة الكردية في كوباني و العديد من النشطاء الشباب انطلقت حملة هي الأول من نوعها في تاريخ غربي كردستان و سوريا، حيث قامت هذه المبادرة بالتجوال على المدارس الموجودة في القرى الكبيرة في منطقة كوباني، و كذلك في مركز المدينة و أعطت دروسا باللغة الكردية لطلبة المرحلة الابتدائية و الإعدادية و الثانوية في كل من قره حلنج و قره مُغ و عين البط و بوغاز و غورك حبيب و غردى، و ثانوية الخنساء للبنات، و مدرسة المحدثة و مدرسة تشرين. و قد قوبلت هذه المبادة و الحملة التاريخية بترحيب منقطع النظير من قِبل الطلبة و التلامذة الكرد الذين كانوا متشوقين لمثل هذا اليوم منذ سنوات، كما أن الأهالي كانوا فرحين بهذه الخطوة مع أنهم كانوا يلقون الصعوبة في تصديق ما يرونه بأم أعينهم و هم يرون أعضاء المبادرة و هم يكتبون على اللوح الأسود(درس اللغة الكردية) و التلامذة يرددون وراءهم الأحرف الكردية و معاني الكلمات باللغة الكردية و يرددون الأشعار الكردية و يغنون بالكردية و يصدحون بأصواتهم العذبة النشيد الوطني (أي رقيب)...

كانت هذه المرة الأولى التي يختلط فيها الفرح و الخوف و القلق و السعادة و الحيرة بين التصديق من عدمه في صفوف المدارس التي كانت منذ عشرات السنين مكاناً للتعريب و التغريب و تأهيل أشبال النظام و إبعاد الأجيال عن لغتهم و حقيقتهم و تاريخهم و كانت معقلا لممارسة سياسات الصهر... لكن كان موعد الطلبة و المدرسين و المدراء هذه المرة مع دروس باللغة الكردية و نصائح عن ضرورة محبة اللغة الكردية و الحفاظ عليها و ضرورة تعلمها و استخدامها و نشرها و الابتعاد عن كل أشكال التعريب و إنكار الهوية القومية... كما كان التلاميذ شديدو الانتباه إلى النصائح الحياتية التي كان أعضاء المبادرة يعطونها لهم حول ضرورة محبة العلم و الدراسة و النظافة و الانضباط و الاحترام و الثقافة و حتى النظافة الشخصية...

اليوم الأول من الحملة

في التاسع من شهر أيار و قبل أيام من عيد اللغة الكردية دخل أعضاء المبادرة إلى مدرسة قره حلنج و أعطوا أول دروسهم بين دهشة الطلبة و المعلمين و المعلمات و لم يترددوا في إظهار فرحتهم بمثل هذه الخطوة، و لم يكن غائباً من الذين كانوا يخشون على أنفسهم و وظيفتهم و ما قد تفعله الجهات الحكومية معهم... و لم يتمالك بعض المعلمين و المعلمات أنفسهم في المشاركة مع تلامذتهم في تلقي الدروس و ترديد الكلمات الكردية التي طالما أرادوا تعلمها أسوة بكل أبناء و بنات جلدتهم.

و كان الموعد الثاني مع الطلبة الكرد في قرية قره موغ و كان الأساتذة العرب لا يقلون حماسة لهذه الحملة و لم يتردد المدرسون في الجلوس مع التلامذة لتعلم الأحرف الكردية و معاني الكلمات و كيفية نطقها. و هنا أيضاً كان كرم الأهالي بلا مثيل و هم يعبرون عن فرحتهم و ترحيبهم بمثل هذه الخطوة و قد شارك الطلبة الجامعيين من القرية في عمل باقي أعضاء المبادرة في القرية.

الموعد الثالث كان في المدرسة الكبيرة في قرية عين البط و هي تعد من القرى الكبرى في منطقة كوباني، و قد استقبل الكادر التدريسي أعضاء المبادرة بحفاوة تليق بهذه القرية الأصيلة و نظموا قاعات التدريس و دمجوا العديد من الصفوف حتى يسهل العمل على أعضاء المبادرة. أُعطيت دروس باللغة الكردية لكافة الصفوف من الأول و حتى الحادي عشر. انتهى اليوم الأول من الحملة في قرية عين البط، و غادرت المبادرة بين صراخ التلاميذ (نريد اللغة الكردية. عاشت اللغة الكردية) و يلوحون لضيوفهم ويقولون (تعالوا مرة أخرى).

اليوم الثاني من الحملة

بدأت في مدرسة قرية بوغاز، و قد استقبلت مديرة المدرسة أعضاء المبادرة بوجهٍ بشوش و هي تستمع إلى أهداف الحملة و كيفية عملها و المطلوب من مدرستها و طلابها الذين كانوا متشوقين لمعرفة الأمر الذي دفع بكل هؤلاء الشباب و الشابات الغرباء في زيارة مدرستهم المتواضعة. و لم يلزمهم وقت طويل كي يعرفوا بأن ضيوفهم جاءوا لكي يقدموا لهم حصة درس باللغة الكردية. فراحوا يرددون القصيدة الكردية حول الحياة في القرية و يدونون على دفاترهم الكلمات الكردية الأولى التي يتعلمون كتابتها و يتحدثون مع المعلمين الطارئين بلغتهم الأم خاصة و أن هؤلاء المعلمين الجدد لا يحملون في اياديهم عصي أو خراطيم لضرب الطلبة كما هي عادة المعلمين في المناطق الكردية.

المحطة التالية من جولة المبادرة كانت في مدرسة قرية غورك حبيب(Gewrik Hebîb)، بين استغراب و دهشة المدرسين و المدير و الطلبة و خوف آخرين منهم اندمجت الصفوف لكي يتثنى لأعضاء المبادرة إعطاء حصتهم الدراسية و التي اندمج معها التلاميذ الصغار و هم فرحين بتعلم كتابة أسمائهم باللغة الكردية و هم يدونون كل الكلمات التي يكتبها المعلمين المتطوعين لهم على السبورة التي لم تتسلل إليها كلمة كردية منذ أن تأسست المدرسة. المعلمين الذين كانوا مترددين و قلقين في البداية، ما أن زال عنهم الدهشة و التردد حتى اندمجوا مع الطلبة و ازداد تقبلهم للفكرة خاصة و أن البعض منهم يترددون على مدرسة اللغة الكردية في المدينة و كانوا سعداء بمثل هذه الخطوة التي طال انتظارها أكثر من قرن.

المحطة الثالثة من اليوم الثاني للجولة كانت مدرسة قرية غردى(Girdê)، كان الطلبة في الخارج يلعبون كما هي عادة مدارس القرى النائية التي يقضي الطلبة جل ساعات دراستهم في الفرص او اللعب بالكرة أو المشاجرة، و لكن ما أن لمحوا أعضاء المبادرة و عرفوا بأنهم قادمون لأجل إعطائهم حصة باللغة الكردية حتى هرعوا إلى الصف و قالوا (نريد لغتنا الكردية)"Em Zimanê xwe dixwazin"، و بعد أن رؤوا بأن المديرة ترفض رفضاً قاطعاً السماح لأعضاء المبادرة بإعطاء درس باللغة الكردية بحجة (أن هذه المدرسة للحكومة و لم تتلق أوامر من التوجيه والتربية حول الأمر، و من يريد إعطاء دروس باللغة الكردية فليذهبوا و يبنوا مدارس خاصة بهم) و إلى ما هنالك من حجج، حتى دخل تلميذة إلى غرفة المديرة و قالت: "نحنُ نريد أن نتعلم لغتنا، و كلنا نريد ذلك" لكن المديرة طردت الطلبة من المدرسة كما طردت أعضاء المبادرة إلى خارج المدرسة و حملت ابنها الرضيع و ذهبت إلى البيت بين حيرة أعضاء المبادرة واستنكارهم الشديد لهذه المعاملة التي لا يُنتظر من إنسان كردي. لكن الطلبة لم يبرحوا مكانهم و أصروا على تلقي الدرس باللغة الكردية، و لبى أعضاء المبادرة رغبة الطلبة و اعطوهم حصة باللغة الكردية حول الاحرف و الكلمات الكردية و علموهم النشيد القومي (أي رقيب). كما أنهم قالوا بأن حق التدريس باللغة الكردية حق شرعي و مقدس لا يحق لأي كائنٍ كان أن يعيق ذلك تحت أي حجة أو ذريعة كانت. كرم أهالي القرية و حسن استقبالهم للضيوف و اعتذاراتهم الشديدة كانت كفيلة بالتغاضي عن المعاملة المهينة التي عاملتها المديرة بها مع أعضاء المبادرة و الذين ليس لهم هدف سوى تعليم اللغة الكردية و المبادرة إلى كسر الخوف و الممنوع المحرّم على لغتهم و استخدام حق سماوي و شرعي من حقوقهم التي طالما حُرموا منها فأبوا ألا يُحرم الجيل الصاعد منها.

اليوم الثالث من الحملة

في الثالث عشر من شهر أيار، يوم الأحد و بعد يومين من العطلة الاسبوعية، تابعت المبادرة حملتها، و بعد مداولات طويلة و مناقشات استمرت لساعات في اليوم المنصرم، قرروا نقل حملتهم إلى المدارس الثانوية الموجودة في مركز مدينة كوباني... هذه النقلة كانت مهمة جداً و لكن كانت هنالك مخاوف أيضاً، خاصة و إن هذه المدارس كبيرة و قد تتدخل السلطات الحكومية لمنعهم من دخول المدارس أو يقف المدراء عائقاً أمامهم كما حدث في آخر محطة لهم في اليوم الثاني. و مع ذلك، قرروا المخاطرة و ليكن ما يكون، فلأجل اللغة الكردية و هذه الحملة التاريخية كل شيء يهون.

المحطة الأولى كانت ثانوية الخنساء للبنات، كان أحد أعضاء الإدارة يقف في الباب و أبدى استغرابه، و كان رافضاً تماماً لمثل هذه الخطوة و كان يتحجج بأن المدرسة ملك للحكومة و إلى ما هنالك من كلمات لا يرددها أحد في زمن تموت فيها الحكومة و انقبر فيها البعث إلى غير رجعة، موقف المدير كان أكثر تفهماً و لكن ظهر بأنه واقع بين واجبه كانسان كردي يحب لغته و متفهم للمبادرة و بين تخوفه من أي ضرر قد يلحق به خاصة و أن أحد الاداريين كان شديد الاعتراض، و بعد أخذ و رد وجد المدير خط وسط بين واجبه ككردي و وظيفته كمدير لمدرسة حكومية. أعضاء المبادرة لم يسعوا إلى احراج المدير أكثر فقرروا أن يعطوا حصتهم الدراسية للطالبات في باحة المدرسة كما أراد المدير... استهل المنسق العام للكونفدرسيون هذه الحصة بالحق الشرعي للطالبات و الطلاب الكرد بتعلم لغتهم و تاريخهم و علومهم بلغتهم الأم و لكن السلطات تمنع عنا هذا الحق و لكننا لن نسكت بعد الآن، و كانت الطالبات تستمعن إلى الدرس الأول دون أن تخفن فرحتهن الكبيرة و تقدمت العديد منهن للغناء احتفالاً بهذا اليوم التاريخي في حياتهن و حياة مدرستهن...

المحطة الثانية كانت مدرسة المحدثة(mekteba Reş)، في هذه المدرسة لم تظهر أية مشاكل جدية، عكس ذلك ابدى الكثير من المدرسين و المدرسات فرحتهم بهذه الخطوة و شاركوا التلاميذ فرحتهم و تلقي أول دروسهم باللغة الكردية. أما التلاميذ، عن فرحتهم العظيمة فحدث بلا حرج، كان يوم عيدهم العظيم، و الصفوف التي لم يصل إليها أعضاء المبادرة كانوا يمسكون بأيدي أعضاء المبادرة و يسحبونهم سحباً إلى صفوفهم، فكنت تسمع من الصفوف أصوات التلاميذ الكرد و هم يرددون خلف أعضاء المبادرة الأحرف و الكلمات و الأشعار الكردية، البعض منهم يرفع صوته الجميل بالغناء الكردي و من صفوف أخرى يرتفع صوت التلاميذ و هم يرددون النشيد القومي (أي رقيب)... أجمل تلاميذ شعبنا الكردي كانوا ملتفين حول أعضاء المبادرة و هم يخرجون من الصفوف بعد أن أنهوا حصتهم و يصرون قائلين(تعالوا مرة أخرى... تعالوا دائماً... ننتظركم)...

المحطة الثالثة كانت مدرسة تشرين، المديرة كانت من عرب الدرعا، لم يحتاج أعضاء المبادرة إلى طول نقاش، حيث انها وافقت فوراً بشرط أن لا يحدث الفوضى... و أي فوضى و التلامذة الكرد يعيشون أجمل يوم من ايام عمرهم؟ أنهم يتلقون أول درس من دروس حياتهم الدراسية باللغة الكردية، يكتبون الأحرف الكردية على دفاترهم، يكتبون الكلمات الجديدة التي تعلموها، يرددون الأغاني الكردية، يرددون النشيد القومي أي رقيب، يتعلمون على اللوح الأسود جغرافية كردستان و عدد جبالها و انهارها و مواقع مدنها و بحيراتها، يتعلمون أروع كلمات اللغة الملائكية... أنه يوم جديد، درس جديد، معلمين جدد لا يحملون العصي و الكرباج في أيديهم، لا يتكلمون لغة الضاد مع أبناء جلدتهم، لا يصرخون فيهم و لا يقسون عليهم... من فرحتهم لم يتمالك أحد التلاميذ نفسه فاخرج العلم الكردي الذي كان يخبأه في حقيبته و رفع إشارات النصر في وجه الكاميرا، و مع انتهاء الحصة و سماع صوت الجرس، تحولت الفرصة إلى مظاهرة، احتفالية، عيداً و حبوراً في ساحة المدرسة و هم يودعون اعضاء المبادرة الذين بدورهم شكروا المدرسين و الإداريين على حسن استضافتهم لهم...

كافة أعضاء المبادرة من المتطوعين من أعضاء كونفدرسيون الطلبة الكرد الوطنيين و مؤسسة اللغة الكردية و النشطاء الشباب و هم يعملون كخطوة أولى على أمل أن يشارك فيها أكبر عدد ممكن من الطلاب و المدرسين و المثقفين و النشطاء و المنظمات و الأهالي حتى يشرعنوا التدريس باللغة الكردية و يصلوا إلى درجة متطورة من الحملة و تعميمها على كل المناطق و القرى الكردية في غربي كردستان و سوريا، و هذه الحملة هي رسالة إلى كافة الجهات مفادها بأن الشعب الكردي لن ينتظر أن يتصدق عليه أحد بحقوقه، و بأنه ليس متسولاً على باب أي طرف، و بأنه سيمارس حقوقه و على كافة الجهات الاعتراف بهذه الحقوق.

"أنها حملة تاريخية، اكتبوا هذا التاريخ على دفاتركم و لا تنسوه لأنه سيأتي اليوم الذي تدركون فيه معنى عظمة هذه اللحظة" هذا ما قاله المنسق العام لكونفدرسيون الطلبة الكرد الوطنيين بولات جان و هو يفتتح أول حصة باللغة الكردية في مدرسة قره حلنج، و تابع قائلاً: "نحنُ الكُرد خُلقنا كرداً و لنا لغتنا و هي الكردية، و لكن أخوتنا من الشعوب الأخرى تحرم علينا هذا الحق، أن تحريم اللغة هو كفرٌ و جريمة، فلم يمنعوننا من تعلم لغتنا و نحن نتعلم لغتهم و لغة الانجليز و الفرنسيين و الأتراك و الفرس؟ نحن لن نقبل الذل بعد الآن، شعبنا الكردي قرر أن يتحرر و أن ينال كافة حقوقه، و نحنُ قررنا ممارسة هذه الحقوق و لذلك بدأنا بهذه المبادرة، و نحنُ ندرك حجم المصاعب التي ستظهر لنا، و لكنها جميعاً لن تدفعنا إلى اليأس و التراجع، بل ستزيدنا إصرارا و عناداً في النجاح بهذه الحملة." و كما دعى بولات جان كافة المعلمين و المدراء و الأهالي إلى ضرورة مساعدتهم و دعمهم و تقديم التسهيلات لهم و أكد على ضرورة ألا يحاول أي طرف أو شخص من منعهم أو عرقلتهم لأن ذلك لن يكون لصالح الشعب الكردي و مسيرة نيله لحقوقه المشروعة.

 

https://www.facebook.com/polatcano/posts/229504100498908




1343.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات