الأحد 09 شباط / فبراير 2025, 05:12
محمد أحمد بكور:معارضون سوريون يتصارعون و الشعب هو الضحية




محمد أحمد بكور:معارضون سوريون يتصارعون و الشعب هو الضحية
الأحد 20 أيّار / مايو 2012, 05:12
كورداونلاين
أستمرار المجلس الوطني على نهجه و تمركزه على ذاته سيؤدي الى تفككه و نزع الشرعية عنه داخليا و خارجيا عاحلا أم آجلا

معارضون سوريون يتصارعون و الشعب هو الضحية

المحامي محمد أحمد بكور

في خضم الربيع العربي و تفاعلاته ولدت الأنتفاضة السورية كمعجزة من رحم
الشعب و بإرادة الله، و لم تكن وليدة شخص أو فئة أو حزب،و لم تتلق دعما
حتى الآن من أي جهة، و كانت في بداية إنطلاقتها متواضعة بمطالبها مقتصرة
على الإصلاح و التغيير و الحرية و الكرامة، و لكن تعنت النظام و محدودية
تفكيره و إصراره على نهجه لتكريس الإستبدادا بإتباع الحل الأمني
العسكري، و رفضه الإستجابة للمطالب المشروعة، سرعان ما حولها الى ثورة من
أهم الثورات في العالم، أدخلت الشعب في مرحلة فاصلة شكّلت قطيعة مع حكم
الفرد و أستأصلت الخوف من النفوس برغم كل الأرهاب و القتل و التدمير، و
إثارة الطائفية و الحقد و الضغائن للوصول الى حالة من الغليان و الإحتقان
لتفجير الصراح الإجتماعي.
كما أن هذه الثورة خلقت اوضاعا جديدة على الساحات المحلية و العربية و
الأقليمية و الدولية، و أفرزت خلافات و إختلافات و تناقضات في كيفية
التعامل معها أو احتوائها.
و في ظروف الواقع السوري الذي تعيشه الثورة و صعوبته و تعقيداته و
إستبداد لا مثيل له و فراغ سياسي، لم تتمكن من تشكيل قيادة ميدانية، عبر
التواصل و الحوار لتحديد برنامج عملها يتعامل مع الواقع و يحدد قواعد و
أسس المستقبل لبناء دولة عصرية ديموقراطية تعددية في ظل العدالة و
المساواة و التبادل السلمي للسلطة بعيدا عن الهيمنة و الإقصاء.
هذا الواقع أدى الى خلق ثنائية بين داخل و خارج أفرز تشكيل عدة هيئات
معارضة أبرزها كان تشكيل المجلس الوطني كصيغة سياسية لتأدية مهام لا
يستطيعها ثوار الداخل، و يعبر عن مطالبهم و العمل على تحقيق أهدافهم، هذه
الثنائية بين داخل ثائر و خارج مشتت و بعضهم يعيش ترفاً سياسيا و فكريا
أو يحلم بدور شخصي......
إن ظروف تشكيل المجلس الوطني على عجل ضمّ شخصيات وطنية نقدّرها و بجانبها
من ليس له علاقة بعير أو نفير فأختلط الحابل بالنابل، فمنهم لا يصلح
لإدارة روضة أطفال بل من الطفيليات أوصلتهم الصدفة و عوامل أخرى بالإضافة
الى اختراقات من قبل النظام و جهات متعددة.
إن من أيّد المجلس كضرورة و إعتبره خطوة أولى كان مشروطا بإداء مهامه و
التعبير الصادق عن إرادة الثورة و أهدافها و السعي الجاد لتوحيد المعارضة
و الإبتعاد عن المنافسات و المناورات لقيادة الصراع وصولا لتغيير
المنشود.
لقد مرت عدة أشهر و لم يقدم المجلس الوطني شيئا بل أصبح عبئاً على
الثورة، و اذا كان لدى أعضائه الجرأة و الشجاعة الأدبية يقولون ماذا
قدموا للثورة؟؟ و الى متى سيبقى مشلولاً و عاجزاً و فاشلاً و متجاهلاً
مطالب الثورة و منشغلاً بأمور ثانوية؟ بل لقد أثبتت شهور عمره عن ضعف
أدائه السياسي و الإعلامي برغم العديد من القنوات التي تعمل لصالح
الثورة، كما أنه أثبت عجزاً عن تأمين الحد الأدنى من الدعم المادي و
الأنساني، و عدم بذل جهد كافي لتوفير الأجواء لوحدة المعارضة و فشل فشلاً
ذريعاً في معالجة الملفات العديدة التي أمامه و أهمها تقديم الدعم للثورة
بجناحيها المدني و الجيش السوري الحر للصمود و الأستمرار و التصعيد، و
عوضا عن توحيد المعارضة عبر الحوار دخل في صراعات معها، ضعف أدائه في
إقامة علاقات عربية و أقليمية و دولية تحافظ على المصالح العليا للشعب و
فشل حتى الآن في عدم طرح رؤى للتعامل مع مبادرة كوفي عنان.
لقد تحكمت الـ أنا و الذات الفردية و الحزبية و كان لها الأولوية على
المصالح الوطنية، صرفتهم عن هذه الملفات و أنشغلوا بصراعات و تجاذبات
بإستغلال و إستثمار للتضحيات و توظيفها لخدمة أفراد أو فئات في ظروف توجب
الصوفية السياسية و توظيف الامكانات و القدرات لإنجاح الثورة.
إن عجز المجلس الوطني و ضعفه و عدم قدرته على الإرتقاء ليكون قيادة وطنية
و يعالج الأوضاع و الأزمات بالبحث عن أسبابها، أدى الى تناقص الثقة به
يوم بعد يوم و فقد بريق إنطلاقته، و الأدهى و الأمر أن كثيراً من أعضائه
أصبح خطابهم السياسي يتماهى مع خطاب النظام كمقولة المجلس الممثل الوحيد
-  و العمل تحت سقفه ، دون أن يقدموا أي عمل أو تصرف له وزن أو تأثير في
مجرى الأحداث، فاذا كانت الضرورة تملي إيجاد صيغة فهل يجوز إحتكار العمل
و الوطنية؟ و من أين أكتسب وحدانية التمثيل؟
إن من حق أي مواطن أن يسأل كيف تمّ إختيار أعضائه و من أعطاهم حق التفرد؟
و آخرون يتحدثون عن قيادة النخبة، إن هذه الطروحات من رواسب و نفايات
الحكم الشمولي و تتناقض اساسا مع شعاراتهم عن حكم الشعب و الديموقراطية و
حق الأختيار عبر صناديق الإقتراع، و من أصطفى هؤلاء الإخيار النجباء من
أعضاء المجلس؟ و ما هي المعايير لهذه النخب؟
لقد أنطلقت الثورة لرفض هذا الأسلوب و المنطق و تصنيف المعارضة بين
قيادات و قواعد و مرؤسين و منفذين و التسلط و الهيمنة. فالمسؤلية ليست
أمتيازاً و إنما هي وظيفة لإداء خدمة عامة.
إن سبب إخفاق المعارضة بشكل عام يعود لمجموعة من الأسباب أهمها تركيب هذه
المعارضات – و ظروف ولادتها – فقدانها لبرامج العمل – فقدان الثقة ببعضها
-  سيطرة النزعات الفردية و الطموحات – و الصراعات البينية – قصر النظر
تغليب المصالح الخاصة فردية أو حزبية على المصالح العليا -  الأختراقات
الإنغلاق و الإستئثار – المساوامات – توظيف البعض لمصالح الشعب السوري
لصالح دول أخرى.
إن عرضنا لتشكيل المجلس الوطني السوري و الخلل الذي يعاني منه لم يقصد
النيل به من بعض شخوصه و إنما هو وصف لواقع حاله.
أما المعارضة التقليدية بمعظمها هرمت و شاخت و وهن عظمها، و لم تفقد
قدرتها على الفعل بل فقدت الرؤية الصحيحة لإيجاد حلول وطنية، و أهم
فصائلها هيئة التنسيق الوطني و عمودها الفقري التجمع الوطني الديمقراطي
(تود)، اذ كان لنا مع آخرين ممن أنضموا الى الحركة السورية للديمقراطية و
العدالة حوارات لتشكيل هذا التجمع منذ عام 1979 و ندرك جيداً ظروف تشكيله
على هامش النظام و تحت سقفه، و هو يعاني من حالتين الخوف المزمن المستقر
في عقول و قلوب بعضهم و الأخرى هي إختراق الأجهزة الأمنية لقيادات مفصلية
فيه، مما عطّل عمله و شلّ حركته و منعه من الإرتقاء الى مستوى الثورة و
المطالبة بإسقاط النظام. و على الوطنيين منهم و الذين أمضوا أكثر من
أربعة عقود بمعارضتهم الجدية التحرر من الخوف و التصرّف بما تمليه
مسؤلياتهم الوطنية.
إن الواجب الوطني يتطلب وقفة مراجعة و الإسراع بإيجاد صيغة جامعة
للمعارضة تختلف عما هو قائم حاليا كما و كيفاً، و هذا لا يتم إلا بالحوار
بين المجلس و أطراف المعارضة و الشرفاء في هيئة التنسيق الوطني و تشكيل
لجنة تحضيرية و الدعوة الى مؤتمر طاولة مستديرة بأسرع وقت للتوافق على
شراكة فعلية و برنامج سياسي يوضح الرؤيا و التعامل مع المراحل، فالأزمة
ليست أزمة أشخاص فقط و أنما غياب برنامج عمل يوحد الأهداف و الرؤى و يضع
خطة عملية لتنفيذها لتحظى المعارضة بالثقة، و إن من أهم ما يجب أن يتضمنه
هذا البرنامج كيفية العبور من ضفة الأستبداد الى الضفة الأخرى لبناء نظام
ديموقراطي، و المرحلة الأنتقالية و يحدد بصراحة و وضوح الكيفية و مع من
يتم التفاوض و الحوار و الترتيبات لنقل السلطة سلميا و مصير الجيش الحر و
وضع تصورات لتوحيد الجيش و هيكلته على أسس وطنية و الإحتمالات و
التداعيات التي قد تحدث ...
و أن تحدد مدة المرحلة الأنتقالية و ما هي القواعد الدستورية التي
تحكمها؟ من يقودها؟ و كيف؟ ....
•       و نكرر ما عرضناه مرات تجنبا للمطبات العمل بدستور 1950 و قانون إنتخاب
عام  1954 الذي كان آخر قانون حدث في ظله انتخابات حرة، لتجنب الأشكالات
و الخلافات التي حدثت في دول الربيع العربي و منها مصر.
•       و أن تكون الحكومة الأنتقالية من شخصيات مستقلة تتمتع بالكفاءة و النزاهة.
•       أن لا يكون لأي من أعضاء المجلس و بقية أطراف المعارضة أي دور في
المرحلة الإنتقالية لتخفيف حدة دور التنافس السلبي و الشخصنة.
•       إن الإتفاق على برنامج للعمل هو الأساس لإن المشكلة تكمن في غيابه و من
ثمّ توسيع قاعدة المشاركة و إعادة هيكلة المجلس في هيئاته بعد أن اعترف
به كفصيل من فصائل المعارضة، و رفض كل إدعاء باحادية التمثيل فإن النجاح
يتوقف على القناعة المسبقة بالحوار و العمل المشترك و إعتماد
الديموقراطية داخل مؤسسات المعارضة، فإذا كان علم السياسة و التاريخ و
تقاليد الحركات التحررية تؤشر على أن النجاحات حققته جبهات، فإن تعقيدات
المشهد السوري و تشكيل جبهة أكثر حاجة و ضرورة.
•       إن أستمرار المجلس الوطني على نهجه و تمركزه على ذاته سيؤدي الى تفككه
و نزع الشرعية عنه داخليا و خارجيا عاحلا أم آجلا.
•       إن توحيد المعارضة حول ميثاق وطني و الإعتماد على القوة الذاتية للشعب
و توفير مستلزمات الصمود و الدعم المادي و الأنساني و دعم الجيش السوري
الحر بكافة الأمكانات و تأمين متطلباته هي عوامل أساسية لنجاح الثورة، و
يجب الإبتعاد عن الالاعيب بتقريب فصائل و دعمها على حساب أخرى، و التوقف
عنها فورا و التصرف بحكمة و وطنية و تصحيح المسار.
إن جميع أطراف المعارضة المخلصة مدعوة لإنهاء الصراعات فيما بينها لأن
الشعب هو الضحية و إعادة النظر و تصحيح الخلل.
و عندنا نصيحة نقدمها للمعارضة في الداخل و الخارج أن تحافظ على
إستقلالها و مصالح الشعب و نعرف جيداً ان المعارضات التي تكون خارج أرضها
تفقد كثيراً من استقلالها و حرية حركتها، و لكن الأمر المرفوض بالمطلق هو
ربط البعض أنفسهم باستراتيجيات البلدان التي يتواجدون على أراضيها.
و ندعوا أخواننا قيادات الثورة و التنسيقيات في الداخل حث الخطى للاتفاق
على صيغة عمل وطني توحدهم جميعا تحت قيادة واحدة لتجاوز إشكالية الثنائية
بين الداخل و الخارج، و قد أثبتوا كفاءتهم في كل المجالات و أنهم اهل
للقيادة و المسؤلية، لتقتصر مهام المعارضة في الخارج على العلاقات
العامة.

فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين

20-5-2012

451.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات