الأحد 08 أيلول / سبتمبر 2024, 02:48
الدكتور شمدين شمدين : الربيع العربي والنوروز الكردي




الدكتور شمدين شمدين : الربيع العربي والنوروز الكردي
الثلاثاء 08 أيّار / مايو 2012, 02:48
كورداونلاين
من مفارقات الأمور أن يجتمع التاريخ والقدر ليقيما معا وبشيء من الخبث والمكر، آلاف السدود والعقبات في مواجهة مستقبل وتطلعات شعب ووطن جار عليهما الزمان

من مفارقات الأمور أن يجتمع التاريخ والقدر ليقيما معا وبشيء من الخبث والمكر، آلاف السدود والعقبات في مواجهة مستقبل  وتطلعات شعب ووطن جار عليهما الزمان ، هذا الشعب الذي عرف على مر التاريخ بحبه وعشقه للربيع والورود، فآذار عنده بداية انبعاث الحب والخير والنماء في أرجاء الدنيا الأربعة ،والربيع عنده مواويل للفرح والإخلاص والصبر في مواجهة الشدائد ، هذا الشعب العاشق للحرية والوفي لمبادئها في كل مكان،  يثور اليوم بشبابه الحر متضامناً مع إخوانه وشركائه في  الوطن والإنسانية من اجل بعث الربيع من جديد في ربوع الشرق الحزينة ، لكننا بين حين وآخر نرى كيف يقابل فعله الخيّر بالنكران والجحود ،فالشعب الكردي الذي يحلم دائما ببعث النوروز كهدية حب وحرية لشعوب الشرق المظلومة، يتلقى يوميا آلاف الطعنات في ظهره ممن كانوا إلى الأمس القريب يعتبرون أنفسهم رفاق درب ونضال ، وأخر هؤلاء السادة السيد حسن عبد العظيم صاحب المبادئ الاشتراكية الراسخة الذي ينفي وجود شيء اسمه كردستان سورية  وهو بذلك يتفق مع برهان غليون في نفي الواقع التاريخي لوجود الكرد فوق أرضهم بل يذهب إلى أبعد من ذلك بالتهديد بمحاربة الكورد وبذل الدماء في سبيل منع حق تقرير المصير للشعب الكردي في سوريا ،وهو بذلك يسير على نفسه المنوال السابق للمفكرين والساسة العرب الذين دأبوا على اتهام الكورد بالتآمر على الأمة العربية وعلى وحدتها ،رغم انهم لم يعترضوا على انفصال السودان ولا على ضياع ارتيريا أو على حق اليمن الجنوبي في الانفصال ،لكن الوضع مع الكرد مختلف تماما ، فهم المتآمرون والمهاجرون ،والطامعون بالتراب والثروة العربية ، رغم كل المواقف الكردية المناصرة ً لقضايا التحرر في العالم ، ولا سيما قضية الشعب الفلسطيني العادلة حيث لا يمكن أن يخفى على أحد مدى التضحيات التي قدمها الكرد ولا سيما في سورية ولبنان لمساعدة ومناصرة نضال الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم ، فكم من الشهداء الكرد الذين سقطوا في حروب تشرين ولبنان ، وكم من الشعراء الكرد الذين نظموا القصائد التي تمجد نضال هذا الشعب وحقه في الحرية والكرامة ، كما أن التاريخ يذكر للشعب الكردي ابنه البار صلاح الدين الأيوبي الذي ما زال حاضرا كبطل إسلامي طرد الصليبيين من ارض القدس الطاهرة ،هذا الشعب ورغم كل مآسيه على أيدي الطغاة العرب فانه لم ينظر إلى العربي إلا نظرة أخوية ممزوجة بالأمنيات بالخلاص من الظلم والطغيان المشترك .

ومع اندلاع الثورة السورية ، نزل الشباب الكورد إلى الساحات في كل يوم جمعة مرددين شعارات الحرية والتضامن مع ضحايا المجازر والمدن المنكوبة ، رافعين علم الاستقلال إلى جانب العلم الكردي ، مخلصين في الطريق إلى التحرر والخلاص من الاستبداد ، وان عدم وقوع الكثير من الشهداء في المناطق الكردية ، ليس مبررا لتلك الأقاويل اللامسؤولة تجاه الكرد لمن يدعون تمثيل الثورة وهم الذين تركوا الشعب السوري في حمص وحماة ودرعا يذبحون ، بينما جلسوا في الفنادق يتصارعون على المناصب والكراسي ، عليهم أن يسألوا النظام نفسه لماذا لم يجتاح المدن الكردية؟ ولماذا لم يقتل المئات والآلاف من الشعب الكردي كما فعل في انتفاضة قامشلو في عام 2004؟ لا أن يسأل الكردي المسكين المغلوب على أمره داخل الوطن لماذا لم تذبح؟ (واذا المؤودة سألت ،بأي ذنب قتلت )، أيريدون أن يصبح  الأكراد ضحايا القتل والتهجير ليحفزوا دول العالم على التدخل الخارجي كما يعتقدون ، رغم ان هذا التدخل ربما لن يأتي أبدا كما يعتقد الكرد .

لقد بتنا نسمع من جديد بين الفينة والأخرى ،من صار يردد وعلى عماه مقولة المؤامرة على الأمة العربية وعلى وحدتها وتضامنها وحدودها المقدسة ،رغم انه والى الأمس القريب كان ينظر إلى هذه الحدود من قبل القوميين العرب والراديكاليين الإسلاميين على أنها صنيعة الاستعمار ومن واجب الشباب العربي العمل على التخلص منها، وهم هنا يتناسون إن الكرد أنفسهم قد ظلموا من قبل نفس القوى الاستعمارية وما اتفاقيات سايكس بيكو إلا تقسيم للوطن الكردي أيضا ،هذا وان هذه التيارات لحرة في اتهام من يشاءون من الغرب وإسرائيل والقوى العربية المتحالفة معها بالتآمر على مشروعهم القومجي الاسلامجي ، ولكن لا يحقوا لهم أن يتهموا الكرد بالاشتراك في هذا التآمر، فالكرد ولعقود طويلة عانوا الويلات والكوارث الكبرى على أيدي هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم حراس الأمة العربية والإسلامية وما مجزرة حلبجة إلا علامة سوداء في جبين هذه التيارات والقوى، ولو كان الكرد خونة وعملاء لإسرائيل كما يدعون لكانت كردستان قامت قبل قيامة الكيانات العربية الحالية

أي مفارقة هذه وأي مصيبة كبرى أن ينظر هذا العربي إلى الأخ الكردي الذي مازالت دمائه البريئة حارة على التراب الكردستاني والعربي،أن ينظر إليه كعميل ومتآمر على الأمة العربية ، لماذا يسقط الثوار العرب من جديد في الفخ العنصري البغيض ويخسرون الكرد مرة أخرى ،لماذا يتشاركون مع إيران وتركية على حرق النوروز وجعل الربيع يبكي من جديد ،أما آن لهم أن يعترفوا بحق الكردي في ترابه ومائه وثروته ،أما آن لهم أن يتنازلوا قليلاً عن غرورهم وتعاليهم ويعترفوا بان  لكل شعب مقدساته الخاصة ومشاعره القومية التي يجب أن تحترم إذا أردنا بناء وطن جديد مبني على فكر منفتح ،والكرد رغم كل شيء سيبقون أشقاء مخلصين في الدين والوطن والتراب الشرقي ،وان الربيع بالنسبة إليهم هو ازدهار لكل الشرق وهو الابتسامة الحنونة التي تلي كل انكسارة مُرة ، وكما يقول الشاعر الكردي إن حياة الكرد هكذا دائما مزيج من العمل والفرح والحروب وكلما دأب المنافقون على نعت الكرد بما هم أنفسهم يمارسونه ، سيكون الكرد اكثر تسامحا وعفوا تقيداً بمبادئ عظمائهم وقادتهم ونوروزهم الذي هو البداية لكل نهار جديد وهو النهاية لكل ظالم آثم جبار يستخدم الدين والشرع أو القومية وأحيانا اسم الديمقراطية ستارا لتحقيق مآربه الخبيثة .

من جديد هو ذا الربيع يطل بثورته السلمية التي ستمحي كل الأسى والجراح الخوالي وأملنا في كل الشرفاء والمخلصين من أبناء هذا الشرق العظيم من عرب وفرس وترك وأشوريين وكلدان وأرمن أنهم سيكونون يدا واحدة ضد الظلم والطغيان وسيعبدون مع إخوانهم الكرد طريق الخلاص من الإرهاب الفكري والطائفي والعرقي  وسيفتحون أبوابهم للربيع الكردي والعربي كي يغني في كل بيت وشرفة حرة .

 

452.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات