الإثنين 10 شباط / فبراير 2025, 00:51
نادية علي:من قلب الطاولة على ساركوزي




نادية علي:من قلب الطاولة على ساركوزي
الثلاثاء 08 أيّار / مايو 2012, 00:51
كورداونلاين
خمس سنوات تخللتها الأزمة الاقتصادية العالمية، كان فيها ساركوزي ظلا لانجيلا ميركر المستشارة الالمانية مع تناغم واضح مع الأميركي باراك أوباما فى سابقة فرنسية،

كانت آخر اسطلاعات الرأي في الانتخابات الفرنسية والمقدمة من طرف "CSA" تعطي التقدم لصالح الاشتراكي فرانسوا هولاند على غريمه ساركوزي، والذي اعتقد البعض انه ممكن ان يتضاءل يوم الانتخابات في جولتها الثانية، وذلك بالنظر الى ما يعيشه الفرنسيون منذ خمس سنوات من إنخفاض للقدرة الشرائية للمواطن وارتفاع فى نسبة البطالة، وإغلاق لعدد كبير من مواطن العمل وتسريح الكثير من العمال، وتغيير الكثير من القوانين الخاصة بالصحة التى لم يكن لها دور فى مناظرة الأربعاء الماضي، بين مرشحي الرئاسة الفرنسية، إذ دامت المناظرة ثلاث ساعات غابت فيها الصحة والسياسة الخارجية .المرشحة ماري لوبن "يمين متطرف" بعد المناظرة قالت ان ساركوزي هزم وأعلنت أنها حيادية، فيما قرر المرشح فرانسوا بيرو "حزب الوسط" التصويت لهولاند لكنه لم يطلب ذلك من مناصريه، بينما جدد ميلنشون "يسار متطرف" هجومه على ساركوزي وطلب من أنصاره إسقاطه، وهم الثلاثة يملكون مجتمعين حوالي 39% من الأصوات، ولا ننسى ان هناك 19.7% من الفرنسيين يعرفون بالأصوات الغائبة التي عادة ما تظهر في الدور الثاني للحسم.

خمس سنوات تخللتها الأزمة الاقتصادية العالمية، كان فيها ساركوزي ظلا لانجيلا ميركر المستشارة الالمانية مع تناغم واضح مع الأميركي باراك أوباما فى سابقة فرنسية، وهو لا يروق للكثير من ناخبيه وترأس خلالها الاتحاد الاوروبي، لتظهر أيضاً الأزمة اليونانية التي استعصت على الحل، وفي الاخير ياتي الربيع العربي وبدأ الحلفاء يتساقطون الواحد تلو الآخر، فبعد تخطي مقدمة الذهول الاولى لسقوط التونسي بن علي الحليف الاكبر لساركوزي، بدأت محاولات هندسة الربيع والتدخل العسكري فى ليبيا بقيادة فرنسا.

وفيما كانت فرنسا جاك شيراك نأت بنفسها عن حرب العراق، فقد سحقت طائرات الميراج الفرنسية الاخضر واليابس فى ليبيا، الا ان الشركات الفرنسية لم تفز بعقد واحد من عقود الإعمار او النفط والغاز الليبي وسحقت فى المناقصات، مما ولد استياء في الأوساط الاقتصادية الفرنسية، والضربة الأخرى جاءت من سوريا إذ حاول ساركوزي بكل قوته لبس القبعة الأميركية فى التدخل، وبذل كل ما بوسعه لقيادة عملية إسقاط حكم بشار الاسد، لكن الفيتو الروسي - الصيني وقف سدا منيعا ضده فى الامم المتحدة، في نفس الوقت كان مناهضوه يعملون على الارض ويستميلون الناخب الفرنسي، المنشغل بالأزمات الداخلية ولم يعتد على دور قيادة العالم.

بدأت ظاهرة "الأنتي - ساركوزي" للظهور على السطح قبل أشهر من بدء الحملات الانتخابية، والغريب ان أنصاره والقائمين على حملته أكثروا من استخدام هذا المصطلح، وحاولوا الاستفادة منه فى الدعاية ضد الاشتراكي هولاند، الذي قدم برنامجا يدعو للتجديد ويتركز على زيادة الضرائب على البنوك والأغنياء والطاقة وخلق فرص عمل للشباب، واستفاد بذلك من سنوات حكم ساركوزي واخطائه وحالة التفكك وتصفية الحساب التى يمر بها حزبه ومعاونوه.

سفينة "L'UMP" تغرق والكل يفسر الأمر حسب مصالحه. ماري لوبن تعتبر ان حزب ساركوزي انتهى، وتعرف انها فرصتها للانقضاض عليه ليس حبا بهولاند، بل لأنه لا مجال أمامها لاستقطاب انصار اليسار الفرنسي على اختلافهم، فهم وفيون لليسار ولا يحقدون على بعضهم وكثيرا ما يتحالفون ضد أي مرشح ليس يساريا، وغريمها ميلنشون عكسها لا يريد ان يحل محل حزب هولاند "PS"، بل كل ما يريد هو إقصاء ساركوزي الذي يعتبره عدو العمال وهو يسيطر على النقابات العمالية، والوحيد الذي كانت عباراته قاسية وصريحة ضد ساركوزي.

كانت نتائج الدور الاول أرهبت أصدقاء ساركوزي فى الاتحاد الاوروبي، والذين اعتادوا على فرنسا يمينية منذ 17 عاما وخاصة المانيا وبريطانيا، لكن يبدو ان فرنسا الاشتراكية ستعود بقوة خاصة ان برنامج هولاند يحمل بندا يعيد النظر فى اتفاقيات الاتحاد الاوروبي، ويدعو لتصحيح أوضاع المهاجرين وتنظيم الهجرة للاستفادة منها، ويدعو لحق تصويت الأجانب فى الانتخابات البلدية.

سقوط ساركوزي ورجوع فرنسا الاشتراكية هو لا محالة تغيير لقلب حكم اليمين منذ رحيل ميتران عن الاليزيه فى اواخر القرن الماضي، وبعد الحادي عشر من سبتمبر والأزمة العالمية وما يسمي الربيع العربي، لكن هل سيكون تغييرا داخليا فقط يعني يمس المواطن الفرنسي فقط؟ ام انه سيكون له دور كبير فى السياسة الخارجية خاصة بعد ظهور بدوادر لحرب باردة جديدة من خلال لقطب الروسي - الصيني؟، والتي أحياها الصراع على المنطقة العربية بعد الربيع العربي، مع ان العادة ان اليمين واليسار لايختلفان كثيرا فى السياسة الخارجية.

كاتبة تونسية

640.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات