تعتبر القضية الكوردية في الشرق الاوسط من أبرز القضايا المعقدة ، وكانت على الدوام محط تجاذبات ، ومقايضات بين الدول المقتسمة لكوردستان التاريخية كموطن للكورد
تعتبر القضية الكوردية في الشرق
الاوسط من أبرز القضايا المعقدة ، وكانت على الدوام محط تجاذبات ، ومقايضات بين
الدول المقتسمة لكوردستان التاريخية كموطن للكورد، وبين الدول العظمى التي تتحمل
الوزر الاكبر في محنة شعب يتجاوز الخمسين مليونا ، فقد أُستغلت هذه القضية
عبر العقود الماضية، ومازالت لتحقيق مصالحهم، حيث استثمروها كورقة ضغط
وابتزاز على كل الاطراف المتنازعة ،ولم تكن الدول العظمى في يوم من الايام مخلصة
لشعاراتها الداعية لنشر الحريات وثقافة حقوق الانسان خارج حدودها، بقدر ما كانت
تستغل تلك القيم لبسط نفوذها ،واستخدامها كمطية للتدخل وتأجيج بؤر التوتر والتسلل
عبرها الى مناطق الصراعات في الشرق الاوسط، فهي كانت الراعية لنمو
الدكتاتوريات وأنظمة الفساد ، وتعتبر شريكة اساسية في المسؤولية التاريخية
للمعاناة والفقر، وحرمان الشعوب ، من الازدهار والتقدم على كافة الاصعدة .
وعلى عتبة التغييرات الجذرية في
المنطقة ، تبدو القضية الكوردية في سوريا كأحدى التحديات الاشكالية التي تستوجب
حلا نهائيا وبجدية.فمع دخول الثورة في عامها الثاني لم تتفق الاطراف
المعارضة على رؤوية جدية وشفافة لمستقبل الدولة السورية وموقع ودور
الكورد فيها مما استدعى ذلك تدخلات اقليمية ودولية للضغط باتجاه التوافق على حل
معتدل يرعى مصالح كل الاطراف وبما فيها تركيا وكانت تلك احدى المحاور الرئيسية
للنقاش في العواصم المعنية بالشان السوري من واشنطن الى القاهرة و المحطة
الفاصلة كانت في انقرة حيث حيث توجه الرئيس الكوردي مسعود البارازاني والذي
يمتلك مفاتيح القضية الكوردية كونه يحظى بشعبية ومصداقية وخاصة بين اوساط الكورد
السوريين
تفيد التقارير المتابعة لزيارة الرئيس
مسعود البارزاني إلى واشنطن و تركيا ،إن الموضوع الكوردي كان هو
المحور الاساسي للزيارتين ،فقد تطرق الجانبان كأختبار أولي
للنوايا، وجس النبض حول ما يدور في ذهن القيادة الكوردية من احتمالات اللجوء
إلى خيار اعلان أقليم كوردستان العراق دولة مستقلة ،وما يترتب على ذلك من تنازلات
وصفقات توافقية بين الاطراف الاقليمية والدولية ، وقد نصح اوباما الرئيس
مسعود البارزاني بالتفاهم مع انقرة ، قبل اتخاذ أي موقف بخصوص إعلان الدولة.
تركيا تريد لقاء الموافقة على
هذه الخطوة اثمانا باهظة، أصعبها المساعدة في القضاء على الوجود المسلح لحزب
العمال الكوردستاني في جبال قنديل ، وان تكون لها الافضلية في الاستثمار
والاستحواذ على السوق الكوردستانية وجعلها مشرعة الابواب للبضاعة والتجارة التركية
،وان تحصل بشكل ما على حصة من النفط المستخرج من حقول الاقليم الغزيرة ،
وعلى الصعيد السوري ، ترغب
تركيا في الضغط على المجلس الوطني الكوردي ، باتجاه التنازل عن حق تقرير المصير
والفيدرالية ،والحصول على ضمانات بعدم تجاوز تطور الحالة الكوردية الى
اكثر من الحقوق الثقافية و المواطنة الكاملة ،وان لا تكون الحركة الكوردية
في سوريا حجر عثرة في طريق النفوذ التركي مستقبلا .
وجاء ت تصريحات رئيس المجلس
الوطني السوري واقطاب بارزة في المعارضة السورية متوافقة مع السياسة التركية
في هذا المجال ، مما وضع المجلس الكوردي في موقف حرج فهو لا يريد ان
يخسر جماهير الشباب الكوردي الذي رفع سقف شعاراته الى اعلى الدرجات
دون الالتفات الى امكانية الحركة الكوردية ومقومات تحقيق تلك الشعارات
ومن جهة اخرى المجلس الكوردي لا حيلة امامه بسبب ظروفه الذاتية
وافتقاره لمقومات الدفاع عن شعاراته سوى الخضوع للرغبات الدولية
ونصائح الاقليم بضرورة الاعتدال والتوافق مع المجلس السوري وهذا كان من وراء تبني
البرنامج المرحلي الذي اقره المجلس الوطني الكوردي والمؤلف من تسع
نقاط كمخرجا مناسبا للحركة الكوردية ورؤوية متوازنة لمستقبل
العلاقة مع الشركاء الاخرين واعطاء دفعة معنوية لمسيرة الثورة وقطع دابر
الاتهامات الباطلة الموجهة لفعالية الكورد في الثورة والتي تنم عن شوفينية بغيضة
ليس الا
و وضع الكرة في ملعب المعارضة السورية
واختبار لمدى جديتها رغم قناعتنا التامة بان المعارضة السورية لا تختلف
كثيرا عن النظام البعثي في موقفه من القضية الكوردية ولكن يقول المثل الحق
الكذاب حتى عتبة الباب