السبت 08 شباط / فبراير 2025, 08:33
صبيحة خليل : المجلس الوطني الكردي .. و محطة باريس




صبيحة خليل : المجلس الوطني الكردي .. و محطة باريس
الإربعاء 18 نيسان / أبريل 2012, 08:33
كورداونلاين
هل تقف الأحزاب الكردية ومن خلفها قياداتها على حقيقة مفادها أن الملحق الذي ألحق بميثاق العهد الوطني الصادر عن المجلس الوطني السوري بشأن القضية الكردية ,هو أعلى سقفا من العتبة الواطئة للكثير من هذه الأحزاب

صبيحة خليل

منذ بدايات الحراك الثوري السوري ثمة صراع خفي بين السلطة والمعارضة على كسب ود الأقليات , وبخاصة الكرد لا لكونهم يشكلون القومية الثانية في البلاد  من حيث العدد ,إنما لجهة تنظيمهم في أنساق وأرتال متحزبة يمكن تحريكها أو إخمادها إذا ما تمت السيطرة على قادة صانعي الرأي العام الكردي, ومع أن الكفة مازالت وستظل برأيي راجحة لصالح المعارضة ,إلا أن ثمة معيقات تهدد بقلب الموازين التي ما زالت تنوس ذات اليمين وذات الشمال ,فما الأسباب الكامنة وراء حالة اللاستقرار بين كتلة الأحزاب الكردية والمعارضة السورية؟

في حقيقة الأمر يتغاضى الكثير من مشايخ المعارضة السورية عن الحيف والغبن الذي لحق بالكرد خلال العقود الأربعة الماضية ,وفي أغلب الأحيان يتم تسطيح معاناتهم من خلال مقاربتها ومساواتها من حيث القسوة بما لحق بباقي أطراف المعارضة السورية خلال الفترة الماضية, من اعتقال ومطاردة ومحاربة ,ويتم القفز قصدا أو سهوا فوق الخصوصية التي تميز الكرد من حيث أنهم تعرضوا للضغط مرتين, الأولى لأنهم عارضوا نظاما قمعيا بامتياز عندما محا بمادته الثامنة في الدستور كل ألوان الطيف السياسي السوري ,بعدما منح حزب البعث قيادة الدولة والمجتمع ,وهم بذلك أي الكرد تقاطعوا مع باقي أفراد المعارضة لتشملهم حرب الاستقصاء الذي شنه النظام على هذا المختلف معه ,أما الضغط الثاني كان موجها للكرد تحديدا تحت مسميات مثل عروبة سوريا وثوابتها القومية وصمودها في وجه الغطرسة الأمريكية الإسرائيلية ,التي طالما تغنى بها النظام حتى و هو يلفظ أنفاسه الأخيرة ,هذا الغناء في حقيقة الأمر استطابته بعض أطراف المعارضة السورية ذات الغالبية العربية ,التي لم تعرف طيلة العقود الأربعة الماضية ما معنى وما حقيقة أن تصادر تحت مسمى العروبة ,لغة شعب بأكمله وان تعتقل ليس نشطاءه فقط بل يمتد الأمر في أحايين كثيرة لاعتقال حتى الآلات الموسيقية ,لدرجة أن آلة موسيقية  كالبزق كانت تعامل كقطعة سلاح عند مصادرتها إبان الحفلات والأعياد الكردية ,وهنا استذكر مثالا عن تعرض فنان كردي لسؤال في أقبية التحقيق عندما سألوه لماذا لاتعزف على العود لماذا البزق تحديدا.

هذه المنمنمات المتراكمة في سيكولوجية الكرد ,خصتهم ببعد ونفس معارض يفتقده المعارض الآخر العربي ,الذي انحصر نضاله في عملية تغيير النظام سياسيا مع المحافظة على الأبعاد القومية العروبية, التي تشكل في حقيقة الأمر هاجسا مقلقا لدى الكرد ,لا يقل أهمية عن الهواجس السورية العامة تجاه الاستبداد بالحكم وممارسة سياسة الإقصاء التي انتهجها البعث حتى اللحظة الآنية ,والتي تبدو و كأنه يحاول أن يغاير في سلوكياته تجاه الكرد تحديدا ,فها هي الأحزاب الكردية تصول وتجول و يترك لها الحبل طويلا لتتخطى محرمات النظام ,و تجتاز خطوطه الحمر حتى أن  حزبا كان السبب المباشر لارتباط سوريا بجملة معاهدات أمنية مع دولة جارة للحد من انتشاره ,أخذ يكثف من تواجده المسلح في  المناطق الكردية رافعا شعاراته الحزبية المناهضة للجارة التي تحولت بين ليلة وضحاها نتيجة رعونة النظام إلى العدو رقم واحد ,محاولا تشكيل حالة انزياح في الرأي العام الكردي ليتخطى بالكرد إطار الحدود السورية وهذا ما استساغه النظام فترك له الحبل على الغارب.

هذا من جهة ومن أخرى مازالت الاحتجاجات والمظاهرات في المناطق الكردية تمر دون عنف ,مقارنة بخارطة العنف الدموي الذي انتهجه النظام تجاه المحتجين, وما المبادرة التي أطلقها رأس  النظام في بداية الثورة السورية إلا محاولة لاستمالتهم أو تحييدهم على الأقل ,وبالرغم من فشل هذه المبادرة عندما رفضت الأحزاب الكردية مجتمعة عدم  الذهاب للقاء بشار الأسد ,حتى الإطراء الذي أبدته  بثينة شعبان لاقى ردا ساخرا من اللعبة المكشوفة التي حاول النظام لعبها .

إذن ثمة تجاذب بين قوى المعارضة المتمثلة بهيئة التنسيق والمجلس الوطني السوري وباقي الأطر من المعارضة ,وبين النظام في كسب ود الكرد ,من خلال الإيحاء بأن أجنداتهم تستجيب  لمطالبهم

وسط هذا التنافس يشق الكرد السوريين طريقين متوازيين ,فهم من طرف دخلوا مثلهم مثل غيرهم من السوريين الثورة بزخم شديد منذ بداياتها الأولى ,ومن طرف آخر واصلوا حراكهم السياسي الذي ما انفك منذ عقود عن معارضة ومقاومة كل أساليب الإلغاء والمحو التي مورست تجاههم من نظام قمعي شوفيني اختبأ وراء شعارات القومية العربية وقضاياها العادلة على حد زعمه طبعا .

إلا أن الملفت للنظر أن بوادر الصدام الكردي مع ساسة سوريا المستقبل تشف عنها الحوارات التي دارت مؤخرا بين أطراف من المعارضة العربية ,وبين المجلس الوطني الكردي الذي لم يتوصل إلى الآن لصيغة تطمئنه أن سوريا المستقبل مرجعيتها العهود والمواثيق الدولية ,و أن قضية الحريات قضية كلية لا يمكن تجزئتها ,كما يتوهم البعض ,لذا لم يكن غريبا قرار المجلس الكردي بتعليق عضوية أحزابه ضمن كافة اطر المعارضة السورية ,و بانسحابه الأخير من مؤتمر المنبر الديمقراطي و قبله من مؤتمر اسطنبول

إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه في عجالة تتالي الأحداث على الساحة السورية ,هل تقف الأحزاب الكردية ومن خلفها قياداتها على حقيقة مفادها أن الملحق الذي ألحق بميثاق العهد الوطني الصادر عن المجلس الوطني السوري بشأن القضية الكردية ,هو أعلى سقفا من العتبة الواطئة للكثير من هذه الأحزاب, و هل ستدرك أن المضي في طريق الرفض يعني أن يفوتها القطار  قبل وصوله لمحطة باريس بداية مايو أيار المقبل.

608.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات