السبت 21 كانون الأوّل / ديسمبر 2024, 13:34
صانع الفرح - للشاعرة المصرية فاطمة ناعوت: دعوة للفرح وسط آلام الخيانة والاحزان




تكبير الحروف : 12 Punto 14 Punto 16 Punto 18 Punto
صانع الفرح - للشاعرة المصرية فاطمة ناعوت: دعوة للفرح وسط آلام الخيانة والاحزان
الخميس 12 نيسان / أبريل 2012, 13:34
كورداونلاين
تتلو الشاعرة فاطمة ناعوت دعوتها للفرح، في قصيدة "زهر القرنفل" (الصفحة 27)، من ديوانها "صانع الفرح"، الصادر مؤخراً عن دار "ميريت" في القاهرة، في 168 صفحة من القطع المتوسط، تتلو آيات الفرح التي يستطيع الفتى خلقها لحبيبته

 الحسكة (ديريك) _ نسرين أحمد

بوسع الفتى أن يدخل البيت الصامت

فترقص الموسيقى وتطير الفراشات.

بوسعه أن يجعل من دخان سيجارته غيمة

تتكثف على سماء الغرفة

فيهطل المطر وينبت القمح.

 

هكذا تتلو الشاعرة فاطمة ناعوت دعوتها للفرح، في قصيدة "زهر القرنفل" (الصفحة 27)، من ديوانها "صانع الفرح"، الصادر مؤخراً عن دار "ميريت" في القاهرة، في 168 صفحة من القطع المتوسط، تتلو آيات الفرح التي يستطيع الفتى خلقها لحبيبته، إنه صانع الخير والفرح والمتحكم بأدواتهما، هو إله قادر، رغم عدم إدراكه لهذه الألوهية، والشاعرة هنا تريد التأكيد على هذه القدرة وإظهار جوانبها المختلفة والدفع بها لتكون مكرسة للخير ونشر الفرح والسعادة، أما المرأة العربية، فهي خاضعة برضاها كما تقول الشاعرة، بأن وضعت كلمة النساء بين مزدوجين دلالة على محدودية القدرة والتأطير الذي تعاني منه في المجتمع العربي الذي لازال قبلياً في تعاطيه مع المرأة. بينما الرجل، فهو القادر على تغيير الواقع والطبيعة والتاريخ. لذا فهو المعني بالدعوة لخلق الفرح، إذ تقول في نفس القصيدة:

بوسع الفتى أن يأتي في قميصه الأزرق

حاملاً شمساً صفراء وعود ريحان.

بوسعه أن ينزع الريشة تاج "ماعت"

فيرتبك الميزان في أرض طيبة

ويثور النيل

وفي الجزيرة العربية

تخضع "النساء" راضيات في كتاب قريش.

وباستخدامها

 مفردات (الأزرق، شمساً صفراء، عود ريحان، أرض، النيل، الموسيقى، الفراشات، المطر، القمح، غيمة، زهر القرنفل، وجه القمر) تؤكد على أن العودة للطبيعة  الأم والتماهي معها هو الباعث الحقيقي للفرح. وتؤكد ناعوت على الحب وقدرته اللامحدودة على خلق الفرح في قصيدة "صوتك" (الصفحة 57)، فكل ما يصدر عن الحبيب مهما صغر يجلب لها الفرح، بعده يعني الفراغ والحزن والأسى وقربه يملىء قلبها فرحاً وسعادة، فتقول:

صوتك إذ يقول: "أنا آت"

ينزع ندبة الخواء من صدري

ويستبدل بها قطعة من الفرح.

 

وفي قصيدة "الخلاسية" (الصفحة 8) تتحدث بلسان هجينة الأنتظار والأنوثة، عن دوائر الحب والانتظار المفرغة التي لا زالت ككل النساء تدور فيها منذ عهود، تتحدث عن الأسيرة التي تمنّي النفس بقدوم الحبيب المخلص المحرر وصانع الفرح، فتقول:

هي أنا الخلاسية ترقص في دوائر منذ دهور

فمتى يعود إليها الفرح

كي تحرر الضفائر من شرائطها؟

 

تكتب الشاعرة فاطمة ناعوت بلغة سلسلة سهلة عذبة رقراقة، تخلو من الزخرفة والحشو. تكتب عن اليومي والمعاش، فتتعدد المواضيع وتتشعب التفاصيل. تكتب عن الحب والانتظار والخيانة والهجر والشوق والوحدة، وفي قصيدة "في بيتكم القديم" تشير إلى الربيع العربي والثورة المصرية التي أعادت احترام الانسان المصري لذاته، وأعادته إلى ساحة الحضارة والتاريخ، فعاد المجد لأرض الفراعنة، ورفع علم طيبة، وإن لم تكتمل الثورة بعد، إلا إنها زادت من ثقة المصري بنفسه وقدرته على إحداث التغيير إن هو أراد، هذه الثقة هي التي دفعته لينادي شريكته في الثورة، حبيبته القديمة طالباً منها الرجوع، فها قد عاد جديراً بحبها، فتقول:

كان لا بد أن تنتفض الثورات

ويسقط الطواغيت

كي تصعد الخلاسية فوق تمثال الشهيد

رافعة علم طيبة الذي بعد لم يحمل عين حورس!

يراها الفتى من آخر الميدان

ويهتف: ها أنا ذا                                                                                                                                            حبيبيك القديم!

عودي إلي!

 

ويستشفّ من المكان والتاريخ اللذين تذيل الشاعرة بهما قصائدها أمرين، أولهما أنها كتبت هذه القصائد بين عامي 2007-2011  وإن كان الجزء الأكبر منها في 2011, ثانيهما، أنها كثيرة التنقل والتجوال. فالأمكنة التي زارتها لها حضور في قصائدها يبلغ حد التماهي في بعضها، كما في قصيدة "البحر الميت" (الصفحة 132)، فهي في وحدتها وفقدانها الاهتمام والحب وضياعها في ازدحام مشاكل الحياة، كأنّها محارة ضائعة في رمال قاع البحر الميت، حيث تقول:

المحارة تلك المتروكة جانباً ووحيدة

في عمق البحر الميت

بين تلال المياه الثقيلة وأمواج الرمل

لا تدري ما الذي أتى بها إلى هنا!     هي أنا.

 

تتحدث الشاعرة عن الخيانة وما تخلقه من حزن وألم أكثر من مرّة في مجموعتها، مقارنة ذلك مع الحب والوفاء اللذان ينشران السعادة والفرح، ففي قصيدة "أنفك" (الصفحة 67)، تؤكّد أنه لكثرة ما عرف الحبيب من نساء، تعطلت لديه قدرة المفاضلة واختلط عليه الأمر، فما عاد يعرف الشاعرة أو يرى خصالها الحميدة وأصالتها. فتنقم على حبيبها، وتفضّل عليه الكلب لكونه لا يخون صاحبه، فتقول:

أنفك الذي أفسدته النساء لا يعرف رائحتي

ولا يميز عطري الفرنسي

أنفك المعطوب

يباعد بينك وبين فصيلة الكلاب

والكلاب وفية.

 

وما جزاء الخائن إلا الهجر والنسيان، في قصيدة "جسدي مدرسة وفصول" تروي قصة حبها التي لم تدم طويلا، بدأت مع آذار وبحلول نهايته كانت قد حسمت أمرها وتخلصت من قلبها كما يتخلص البحر من الاسماك النافقة، فما عاد يحمل غير الألم والخيبة والحزن. والشاعرة في تشبيه نفسها بالبحر تظهر لنا قوة إرادتها في تفضيلها العيش من دون قلب على الاستمرار في حب خائن، فنقول:

ولما اوشك آذار على المغيب:

كان صدري قد أتم تمارينه الشاقة

ليلفظ قلبي خارجاً

مثل سمكة ميتة على الرمال

ويدس محله حفنة من الخواء.

 

يحوي الديوان على 64 قصيدة تتراوح بين الومضة والمتوسطة والطويلة، وأتت عناوينها موحية وكجزء من النص في العديد من القصائد (أنت أخطائي، صوتك، عند الصبح، أنفك، لو أنني).

يبقى القول: إن ديوان الشاعرة فاطمة ناعوت هذا، هو دعوة مفتوحة للفرح إنطلاقاً من العنوان "صانع الفرح" الذي يدخلنا في فضاء الشاعرة. وابتداءً من الإهداء الموجه لكل الأشرار، علهم يتركون شرورهم ويتحولون إلى صانعي فرح بدلاً من صناعة الأحزان والآلام.

 

شاعرة وناشطة اجتماعية

nisrinehmed76@hotmail.com

 

551.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات