الأحد 16 حزيران / يونيو 2024, 19:53
صبيحة خليل : ثقوب المعارضة السورية




صبيحة خليل : ثقوب المعارضة السورية
الثلاثاء 10 نيسان / أبريل 2012, 19:53
كورداونلاين
إذا كان البعض يروج متسائلا لماذا لا يقتل النظام الكرد بنفس الوتيرة التي يفتعلها في المناطق الأخرى وينسى قوافل الشهداء الكرد أيام السبات الشتوي الذي كانت تعانيه المعارضة

صبيحة خليل*

يبرر شيخ المعارضين و الحقوقيين و المعتقلين و نجم إعلام الثورة السورية الأستاذ هيثم المالح انسحابه من مؤتمر المعارضة السورية الأخير في اسطنبول ببساطة متناهية, و دونما حرج يعزو انسحابه لأسباب تقنية تعود لعدم ترأسه المؤتمر الآنف الذكر كونه الأكبر سناً و الأمضى قدماً في شعاب المعارضة السورية. و لا ندري كم كلفت عودته من توسلات و مسحات على اللحى, فالمهم عودة شيخ الكار و خاصة أن الآلاتية من عازفين و كورال و كومبارس قد أخذوا أماكنهم و لا ينقصهم سوى الخواجة لتبدأ الحفلة بصخبها الذي يصم الآذان عن كل من يغرد خارج سرب العروبة.

يبدو الأمر طبيعيا لحد الآن إذا ما أخذنا بالحسبان النزق والدلال  الذي يميز النجوم   إنما المفارقة في أن يعتبر بعض المعارضين خروج الكتلة الكردية لكمة على خد المعارضة السورية, و وصف البعض منهم الأمر بالمسرحية المفبركة بأياد خفية ,والبعض أكد أن الكرد يطلبون أكثر مما يعملون , معزين ذلك إلى تناسي الطرف الكردي القتل و التشريد الذي يلحق بالشعب السوري.و رغم أن تلك الحقيقة ليست وليدة اللحظة  إنما دخلت عامها الثاني و المعارضة السورية تراوح مكانها و لم تقدم جديداً لا على الأرض و لا في السماء,  مجرد حالات من الاستياء و التعاطف مع ما يجري من دم,  قد يشاطرنا في ذلك حتى ألد أعدائنا , بالإضافة لممارسة البعض من هؤلاء الساسة لصنف جديد من السياحة يمكن وصفها بالسياسية .

و إذا كان البعض يروج متسائلا لماذا لا يقتل النظام الكرد بنفس الوتيرة التي يفتعلها في المناطق الأخرى وينسى قوافل الشهداء الكرد  أيام السبات الشتوي الذي كانت تعانيه المعارضة , و ينسى أولوية الضغط باتجاه إيقاف آلة القتل ,و بأن الكرد يستبقون الوقائع و يريدون وضع العصي في عجلات الثورة السورية بالضمانات التي يملونها على الأخر ,لا ندري حقيقة كيف لم ينس هؤلاء من محرري ميثاق العهد الوطني, بأن يضاربوا على الفلسطينيين في قضيتهم ,أو بالأحرى كيف وجدوا متسعا من الوقت لتكون ضمن أجنداتهم المشغولة بأسى السوريين ,أم أن  مسمار جحا و أقصد هنا القضية الفلسطينية , سيبقى مشجبا يصلح في كل الأوقات لتعليق ثيابهم الرثة, مع جزيل احترامنا  للقضية الفلسطينية و للشعب الفلسطيني.

المفارقة لا تكمن هنا فقط ,بل تمتد لتحرير الجولان ,و هنا  السؤال الذي يطرح نفسه في هذه المعمعة ,من ذا الذي يراهن على شعب بات نصفه بين مشرد وجريح و معتقل وشهيد ليفكر بالجولان, في وقت تدك فيه المدن والقرى في العمق السوري ,لا على أطرافه فقط ,لا ندري أية أولوية هذه هل هي لتحرير الأرض , أم لتحرير الإنسان المسلوب كرامته و حريته .

ربما كانت المعارضة السورية حريصة على مداراة  المضيف التركي الذي لن يدع منافذ الربيع مفتوحة كلها أمام شعب جاره السوري, لذا سقطت فقرة حقوق الشعب الكوردي من الوثيقة, و كذلك لواء اسكندر ون الذي لم يستشر فيه أي سوري عندما تنازل عنه الأسد الأب بموجب اتفاقية أضنه.  تلك المجاملة من طرف المعارضة السورية بخصوص الشأن الكردي شأنها أن تنقل إشكاليات مستعصية إلى المستقبل السوري .

هذا من جانب ومن أخر إذا كانت العهود والمواثيق الدولية مخيفة الى هذا الحد, خاصة عندما يتعلق الأمر بشرعنة  قضية شعب ما مثل الكرد , وتبدو مبررة وذات معنى و مغزى في محاسبة و محاكمة المستبد , فالأداة واحدة وهي المواثيق والعهود الدولية التي يحتكم إليها من لا يخاف من عدالة قضيته ,أم أن الكيل بمكيالين هو ميزان الحكمة في ثقافة المعارضة السورية ,التي أثبتت أنها خرجت من عباءة نظام شمولي وهي غير مستعدة للخروج منها على الأقل في الأمد القريب.

الحقيقة الجلية في الوضع السوري تقول أنه لا يمكن للكرد الرهان على المعارضة السورية ,التي كانت حتى الأمس القريب تبدي تعاطفها القوي مع الديكتاتور العراقي المخلوع صدام حسين ,و الكثير من رجالات هذه المعارضة ذهبت قبيل تحريرها تضامنا مع البعث الشوفيني ,والبعض الآخر تحول درعا بشريا للذود عن عرين القائد صدام ,و هي أي هذه المعارضات نفسها حملت الكرد العراقيين خيانة عظمى لأنهم لم يشدوا على أيادي قاتل أطفالهم و نسائهم ,لا بل أوغلوا في غيهم و اتهموهم بالتعامل مع الموساد والناتو والشيطان الأكبر كناية عن بوش الابن .

مع كل هذا مازال الكرد يمسكون بكلتا اليدين بمجذاف الثورة السورية ,رهانهم الأول على الشعب السوري ,الذي بات اليوم يدرك أكثر من أي وقت أخر أن ثمة أخوة لهم في التراب والمصير, عانوا قهراً مضاعفاً, و صهراً وبطشاً, و بأنهم ساهموا من حيث لا يدروا تحت تأثير ثقافة النظام و أعلامه في إيلامهم عميقاً, و قد حان الوقت اليوم لإنصافهم .

و عطفاً على الملحق الذي ألحق بوثيقة العهد حول جدولة المطالب الكردية المشروعة, فما هي إلا محاولة و إن كانت متأخرة لترجمة الضغوط الدولية حول تنصل المعارضة السورية من حقيقة مفادها أن سوريا المستقبل لا تحتمل المواربة و لا اللف و الدوران, على حد تعبير حمد بن جاسم في وصفه للنظام, هذا الشرخ الذي يحاول عقلاء المعارضة ردمه بعد مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في نسخة اسطنبول ,كي لا يحفر عميقاً في زعزعة الوثوقية التي يتعامل بها ساسة الكرد مع أقرانهم من المعارضين السوريين, و ربما يتحول إسفيناً يتعثر به البعض من قادة الأحزاب الكردية التي لم تحسم أمرها بعد من كتلة المعارضات التي تصب في اسطنبول ,مع ما تحمله هذه المدينة من حساسية تجاه العين الكردية المصابة منذ زمن طويل  برمد ربيع الثورات , أم  تترك الأمور هكذا عالقة في المنطقة الرمادية المقلقة لكلا الطرفين .

*عضوة الهيئة التنفيذية في المجلس الوطني الكردي

368.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات