الإربعاء 08 كانون الثّاني / يناير 2025, 11:19
ميشال شماس : تعزيز مكانة القضاة في سورية




ميشال شماس : تعزيز مكانة القضاة في سورية
الخميس 29 آذار / مارس 2012, 11:19
كورداونلاين
وصل عدد الدعاوى البدائية المدنية في قصر العدل بدمشق إلى أكثر من خمسين ألف دعوى في عام 2004، بينما لم يتجاوز عدد القضاة تسعة عشر قاضياً، أي أن كل قاضٍ مسؤول عن البت في ثلاثة آلاف دعوى

إن مطلب تعزيز مكانة القضاة في المجتمع وضمان استقلالهم عن السطتين التنفيذية والتشريعية مطلب سمعه المواطن السوري مراراً خلال العشر سنوات الماضية. لقد تم صرف 81 قاضياً من الخدمة في عام 2005 خلافاً لما نص عليه قانون السلطة القضائية، بحجة إصلاح القضاء وتطهيره من الفاسدين، ولكن عملية الصرف تلك لم تؤدِّ إلى تطهير القضاء من الفساد والفاسدين، بل أساءت إلى سمعة القضاء داخلياً وخارجياً

 

إن مراجعة سريعة لدواوين المحاكم، تُبيِّنُ لنا بوضوح الكمَّ الهائل من الدعاوى التي ينظر فيها القاضي خلال السنة الواحدة، مما يضطر القاضي إلى دراسة الدعاوى والنظر في الطلبات حتى ساعة متأخرة في مكتبه أو دراستها في منزله، كلُّ ذلك على حساب راحته وراحة أسرته وهذا ما يضطره أيضاً إلى الابتعاد عن الاطلاع على الاجتهادات القانونية وغيرها من الأمور القانونية. وقد انعكس هذا الوضع سلبياً على ضعف ثقافته القانونية وبالتالي ضعف الأحكام التي يصدرها، ومن يراجع أحكام محكمة النقض حالياً يجد أن أغلبها يقتصر على أسطر عديدة، بخلاف الاجتهادات التي صدرت عن محكمة النقض منذ أربعين عاماً التي تعبر عن فهم عميق للقانون وإحاطة واسعة بمجريات القضية

 

وقد وصل عدد الدعاوى البدائية المدنية في قصر العدل بدمشق إلى أكثر من خمسين ألف دعوى في عام 2004، بينما لم يتجاوز عدد القضاة تسعة عشر قاضياً، أي أن كل قاضٍ مسؤول عن البت في ثلاثة آلاف دعوى. وبالمقارنة مع عام 1971 فقد كان لكل خمسة آلاف مواطن قاض واحد، أما اليوم فقد أصبح هناك قاض واحد لأكثر من عشرين ألف مواطن

 

وقد أكد خبراء قانونيون مراراً على أن إصلاح سلطة القضاء في سورية لا يمكن أن يتم من خلال مراسيم وتصريحات هنا وهناك، لأن مشكلة القضاء أكبر من أن تحلها مراسيم واستفتاءات وتصريحات. وتكمن هذه المشكلة بشكل أساسي في تدخُّل السلطة التنفيذية في عمل القضاء، وتعدي السلطة التشريعية على سلطة القضاء من خلال استحداث محاكم ولجان استثنائية وإصدار قوانين تمنع القضاء من النظر في قرارات وأوامر تصدرها السلطة التنفيذية. إن عدم حياد القاضي يعود إلى تعطيل المادة 81 من قانون السلطة القضائية التي حظرت على القضاة إبداء الآراء والميول السياسية والاشتغال بالسياسة، وغياب التفتيش القضائي المستقل، والاختيار غير الموفق للقضاة وقلة عددهم قياساً للعدد الهائل من القضايا، وعدم توفر أمكنة تليق بالقضاة والمتقاضين، والنقص الكبير في المساعدين العدليين بخلاف الوضع في القضاء العسكري، حيث النظام والنظافة وكثرة الموظفين المكلفين بخدمة القاضي العسكري. إن قاضي الفرد العسكري مثلاً يساعده عدد من الموظفين بما يعادل أو يفوق عدد الموظفين الموضوعين لخدمة مجموع قضاة صلح الجزاء في القصر العدلي بدمشق، وتخصيصه بموظف يختص بإنشاء القرارات. يضاف إلى ذلك عدم الاهتمام برواتب المساعدين العدليين وغياب التأمين الصحي وعدم توفر وسائط النقل، وهو الأمر الذي انعكس ومازال ينعكس سلباً على عمل القاضي

 

إن التشكيلات القضائية التي يجيز القانون إجراءها كلياً أو جزئياً في كل سنة تُشكل تهديداً مستمراً لاستقلال القاضي وأمانه واستقراره ومنعته وبالتالي نزاهته، خلافاً للمبدأ الأساسي فيالدول المتقدمة الذي يُعطي القاضي الاستقلال والأمان والاستقرار والمنعة والنزاهة فيأداء مهمته، حيث يُعيّن مدى الحياة في مركز قضائي واحد ولا يتم نقله منه أو تعيينهفي مركز آخر دون موافقته الصريحة والمسبقة أو عند الترفيع أو إذا ارتكب خطأ جسيماً. فالقضاة ليسوا إداريين أو عسكر أورجال شرطة يتلقون وينفذون الأوامر بالانتقال من مخفر إلى مخفر أو من ثكنةإلى أخرى بطاعة عمياء. والجدير بالذكر أنَّ التمييز والمحاباة في دار القضاء مستمر لمصلحة ممثل قضايا الدولة على حساب بقية الأطراف رغم المطالبة المستمرة بمعاملة ممثل إدارة قضايا الدولة مثله مثل بقية الأطراف في الدعوى. ولا بد أيضاً من وضع حلٍ نهائي لمسألة تبليغ إدارة قضايا الدولة، بحيث يُفوض محضر المحكمة بتبليغها ومعاملتها معاملة الأفراد عند التبليغ أو الامتناع عن التبليغ. وهناك الكثير من المعوقات التي تقف أمام تفعيل دور القضاء والتي لا يتسع المجال لذكرها الآن

 

إن هذا الأمر يحتاج إلى عملية إصلاح جذرية تبدأ بوقف العمل بالدستور الحالي ريثما يتم تداول دستور جديد في مؤتمر وطني عام بعد سقوط النظام. وينبغي في مرفق القضاء إعادة بنائه على قاعدة تأمين استقلاله ورفده بالعناصر الكفوءة والنزيهة، وذلك بالتوازي مع بدء إصلاح سياسي وإداري واقتصادي شامل مترافق مع تطوير مناهج التربية والتعليم في المدارس والجامعات. فنحن اليوم نعيش في زمن لا يُقاس فيه تطور الدول بمدى سيادة القانون فيها واستقلال قضائها وحسب، بل وبمدى تطور العملية التعليمية والتربوية أيضاً. ومن الأهمية بمكان العمل أيضاً على نشر روح الحرية واحترام القانون لدى الحكام والمحكومين على حد سواء، لأن النصوص وحدها لا تكفي إذا لم نسعَ إلى تأصيل تلك الروح في نفوس الناس وإبقائها حية على الدوام في قلوبهم

 

إن الحقوقيين والمواطنين بشكل عام يريدون أن يكون قضاؤنا نزيهاً مستقلاً، وإن أيَّ مسٍّ بهذه الطبيعة من شأنه أن يعبث بجلال القضاء، وكل تدخل في القضاء يُخل بميزان العدل ويُقوض دعائم الحكم، فالعدل أساس الملك والقضاء المستقل هو الضمانة الحقيقية لنجاح أية تنمية أو إصلاحات ننشدها في سورية المستقبل

         

 

Empowering Judges in Future Syria

 

Michal Shammas

 

The call for the strengthening of the judiciary’s position in society and the guaranteeing of its independence from the executive and legislative authorities is one which Syrian citizens have heard repeatedly over the past ten years. Eighty-one judges were dismissed from service in 2005 – in contravention of the Judicial Authority Law – under the pretext of reforming the judiciary and cleansing it of corruption. However, rather than ridding the judiciary of corruption and the corrupt, this process damaged the reputation of the judiciary both internally and externally.

 

A brief review of court records clearly demonstrates the enormous quantity of cases considered by a judge during a single year – a situation which obliges judges to work until late in the evening studying cases and considering claims, either at the office or at home. This is at the expense of the repose of both him and his family, and forces him to makedecisions without apprising himself of case law and other such legal matters. This state of affairs has had a negative impact in terms of the weakness of the legal culture among judges, and therefore in the inadequacy of the rulings they issue. An examination of recent rulings of the Court of Cassation will reveal that they are mostly limited to a few lines, whereas the judgments issued by the Court of Cassation forty years ago reflect a deep understanding of the law and a broad comprehension of the facts of the case.

 

The number of civil cases filed at the Hall of Justice in Damascus in 2004 amounted to over fifty thousand, while the number of judges totalled no more than nineteen. This means that each judge was responsible for issuing a decision on three thousand cases. In the year 1971 there was one judge for every five thousand citizens; today there are more than twenty thousand citizens per judge.

 

Legal experts have repeatedly stated that reform of the judicial authority in Syria cannot be brought about by means of piecemeal decrees and statements. The problem, which lies essentially in the executive authority’s intervention in the work of the judiciary, is too great to be solved by such decrees, consultations and declarations. The legislative authority transgresses on the judicial authority through the creation of exceptional courts and committees, and the issuance of laws which prevent the judiciary from considering resolutions and orders issued by the executive authority. The lack of neutrality among judges can be attributed to a number of factors, including the discontinuation of Article 81 of the Judicial Authority Law (which prohibited judges from expressing political opinions and inclinations or from engagement in politics), the absence of independent judicial examination, the inopportune selection of judges and their small number in comparison with the huge quantity of cases, and the lack of provision of locations befitting of judges and litigants. Furthermore, there is a severe shortage of judicial assistants, which can be contrasted with the situation within the military judiciary where order and neatness reign and a plethora of staff are charged with serving the military judges. An individual military judge, for example, is assisted by a number of civil servants equivalent to or in excess of the number of those placed at the service of the entire body of criminal justices of the peace at the Palace of Justice in Damascus, and is also allocated an officer specialised in drafting judgments. Added to this is the lack of concern for the salaries of judicial assistants, the absence of health insurance and the failure to provide means of transport (a matter which has had, and continues to have, a negative effect on judges’ work).

 

The full or partial judicial restructurings – permitted by law to be conducted annually – represent an ongoing threat to the independence, security, stability and stamina of a judge, and therefore to his impartiality. This is contrary to the fundamental principle applied in developed countries which allows for independence, security, stability, and impartiality in judges’ performance of their duties: they are appointed for life to a single judicial position, from which they are neither transferred nor appointed to an alternative position without their explicit and prior agreement, unless by means of promotion or as a result of committing a grave error. Judges are not administrators, soldiers or policemen, ready to receive and carry out orders to move from post to post or from one barracks to another with blind obedience. Furthermore, judges are expected to favour the District Attorney prosecutor or the State’s Attorney General side at the expense of other parties in lawsuits. This practice continues despite the ongoing demand that the representative of the Attorney General should be treated in the same manner as other parties. A final resolution must be reached on the issue of notification of the Attorney General, so that the court usher is authorised either to notify it – treating it like an individual in such notification – or to refrain from notification. There are many obstacles blocking the activation of the role of the judiciary.

 

A process of radical reform is therefore necessary, beginning with the suspension of enforcement of the current constitution while a new constitution is deliberated at a general national convention following the fall of the regime. For the sake of the welfare of the judiciary, it must be rebuilt on a basis of guaranteed independence and bolstered with the elements of efficiency and impartiality. This process must run parallel to the commencement of a comprehensive political, administrative and economic reform, together with the development of education and training curricula at schools and universities. We are living at a time in which the development of states is measured not only by the extent of the rule of law and the independence of their judiciaries, but also by the level of development of the educational and training process. It is also of considerable importance to work to disseminate a spirit of freedom and respect for law equally among the rulers and the ruled: legal provisions alone will prove insufficient if we do not endeavour to establish this spirit in the minds of the people and keep it alive eternally in their hearts.

 

Jurists and citizens alike want our judiciary to be impartial and independent; any infringement of these characteristics will necessarily impair the majesty of the judiciary. Every intervention in the judiciary harms the balance of justice and demolishes the pillars of governance. Justice is the basis of rule, and an independent judiciary provides a genuine guarantee of the success of any development or reforms sought in the future Syria

523.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات