رفضت حضور مؤتمر استنبول و بروكسل بسبب عدم دعوة الحركة الكردية بشكل رسمي و الاخوان المسلمين كذبوا عليّ أكثر من مرة الولادات القيصرية الكثيرة لتنسيقيات الشباب الكردي دليل على أن الشباب الذين طرحوا أنفسهم لقيادة الثورة لم يكونوا بمستوى طرحهم
أجرى الحوار: أحمد يوسف
"رفضت
حضور مؤتمر استنبول و بروكسل بسبب عدم دعوة الحركة الكردية بشكل رسمي و الاخوان
المسلمين كذبوا عليّ أكثر من مرة .وفكرة قافلة الحرية هي فكرتي و عملت على تنفيذها
لمدة 3 أشهر إلا أنهم سرقوها أيضاً و برهان غليون و كاميران بيكه س شاهدان على هذا."
"القراءة الخاطئة من قبل البعض في
المعارضة العربية للنظام هي التي أطالت عمر النظام , المطلوب من المعارضة أن تدرك
أنها تمارس السياسة و ليس عملية انتقامية لعشيرة ضد عشيرة و عليها أن تعلم أن
الثورة ليست محصورة بتغيير النظام السياسي بل هي تغيير في المفاهيم السائدة
المتخلفة غير القادرة على استيعاب العصر"
"الولادات القيصرية الكثيرة لتنسيقيات
الشباب الكردي دليل على أن الشباب الذين طرحوا أنفسهم لقيادة الثورة لم يكونوا
بمستوى طرحهم , كما على الشباب الكردي الثائر المتحمس أن يتعقلوا بتفكيرهم السياسي
و أن يدركوا أن اللعبة السياسية أكبر من حماسهم ...!!!"
" الـ ب ي د حاجة و ضرورة تاريخية في
هذه المرحلة , و قوتهم و جماهيريتهم أصبحت عقدة لدى البعض الكردي لكن هذا لا ينفي
بعض التصورات و الممارسات الخاطئة من قبل الـ ب ي د و خاصة من قبل بعض الشباب
المتحمس الموجود على الارض و المساهم في الحراك الثوري."
الكاتب الصحفي ابراهيم ابراهيم درس التاريخ
في كلية الآداب بالجامعة العربية في بيروت و لأسباب خاصة لم يستطع اتمام دراسته ,
كان عضواً مستقلاً في المجلس العام للتحالف الديمقراطي الكردي في سوريا لمدّة 3
سنوات, أصدر نشرة " الترجمة " المتخصصة بترجمة الابداع الكردي إلى
العربية , عمل رئيساً لتحرير مجلة المنبر, عضو جمعية خاني للثقافة الكردية , كان
عضواً في الجلسة التأسيسية لمنتدى الحوار الوطني في دمشق " رياض سيف ".
مقيم في الدانمرك منذ ثماني سنوات, أسّس مؤخّراً المركز الكردي للدراسات المعاصرة
في الدانمارك بالتعاون مع العديد من الكتّاب والصحفيّين , وشارك في مؤتمر هولير
للجاليات الكردية , و هو معارض للنظام السوري و يكتب في العديد من التحليلات و
المقالات السياسية المختلفة بتوجهاتها الفكرية مما يثير اشكالاً في الأوساط
السياسية و خاصة الوسط السياسي الكردي . تناقشنا معه حول الثورة السورية و مواضيع
أخرى عبر الحوار التالي :
أستاذ ابراهيم الثورة السورية دخلت عامها
الثاني بتضحيات عظيمة, وغدت أطول وأصعب ثورات الربيع العربي , برأيكم إلى أين يتجه
مسار الثورة السوريّة, وما هي الخيارات المطروحة أمامها..؟
الثورة كمصطلح هي الخروج عن السائد السياسي
أو الاجتماعي أو الاقتصادي و للثورة مفهوم واحد على الأقل اليوم , و هو التغيير
الذي يحدثه الشعب من خلال أدواته كالمظاهرات و الاعتصامات و العصيان المدني, و
تدير هذه الادوات أو تقودوها شخصيات سياسية خبيرة تملك من الرصيد الفكري والسياسي
والجماهيري ما تؤهلها لتكون موضع ثقة لدى الجماهير الثائرة, و تعمل لتحقيق
طموحاتها في تغيير نظام الحكم المستبد و الفردي و الطاغي غير القادر على تلبية
طموحات شعبه. كما يأتي المفهوم الدارج أو الشعبي للثورة وهو الانتفاض ضد الحكم
الظالم.و قد تكون الثورة شعبية مثل الثورة الفرنسية عام 1789 وثورات أوروبا
الشرقية عام 1989 وثورة أوكرانيا المعروفة بالثورة البرتقالية في نوفمبر 2004 , أو
عسكرية وهي التي تسمى انقلابا . في الحالة السورية كان المفهوم المعاصر للثورة هو
السائد على الأقل في البداية عندما انطلقت المظاهرة النسائية من سوق الحميدية في
دمشق مروراً بأطفال درعا, و انتفاض أهالي حمص واللاذقية وكذلك انطلاقة شباب الكرد
منذ بدايات الثورة بقصد تغيير السائد الفاسد و الفاسق من السياسي و الاجتماعي و
الاقتصادي الذي أوصلنا إليه النظام البعثي في سوريا ... إلا أن تدخل قوى معارضة
انتهازية متسلقة على خط الثورة و بدعم اقليمي واضح و استغلال هذه القوى لمشاعر
الشعب السوري الثائر في التوق للحرية و الخلاص من النظام و توظيف الدين في هذا
الاستغلال و التعامل بعقلية انتقامية غير سياسية للوصول إلى رأس النظام و قتله
انتقاماً و ليس بنية التغيير و بأي وسيلة و ثمن كانت هذه الامور قد غيرت للأسف
مسار الثورة وبدأت هذه القوى الدينية المعارضة وبدعم من قوى اقليمية تغير الثورة
من ثورة سلمية إلى مجرد عملية انقلابية و استلام السلطة و الانتقام من السلطة
الحالية وهذا ما أثر سلباً على تعاطف الرأي العام العالمي و المحلي مع الثورة , و
لعلني أقولها إن هذه القوى المتسلقة هي المسؤولة عن إطالة عمر النظام و بالتالي
تتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية في الخسارة الفادحة في الارواح و الشهداء و
الدماء التي تسيل بطريقة غير معقولة و استمرار هذه القوى على هذه الشاكلة سيكلف
الثورة و الشعب السوري الكثير سيما و أن النظام فقد كل المعايير الاخلاقية و
الانسانية و يتعامل بوحشية مع الشعب . المطلوب من هذه المعارضة أن تدرك أنها تمارس
السياسة و ليس عملية انتقامية لعشيرة ضد عشيرة و عليها أن تعلم أن الثورة ليست
محصورة بتغيير النظام السياسي بل هي تغيير في المفاهيم السائدة المتخلفة غير
القادرة على استيعاب العصر و عليها التخلي عن الاستعلاء و الادعاء بتمثيل الثورة,
و التعامل بعقلية سياسية لا بعقلية انتقامية و توضيح برامجها السياسية اليوم و بعد
اسقاط النظام .
دعنا نتطرق إلى المعارضة السورية ولنتحدّث
عنها قليلاً, فمنذ بدايات انطلاقة الثورة السوريّة سارعت أطراف المعارضة إلى لملمة
ذواتها وهرولت لعقد المؤتمرات هنا وهناك وأسست أطراً عديدة منها اختفت ومنها وما
تزال تتصدّر الواجهة. كيف تنظرون إلى وضع المعارضة؟ وهل هي قادرة على تحمل
مسؤولياتها أمام تضحيات الشعب السوري...؟
إن قراءة بسيطة لتاريخ المعارضات السياسية
في معظم بلدان العالم تشير أنها نتاج حاجة تاريخية و طبيعية لمجتمع ما و المعارضة
السورية للأسف الشديد هي في معظمها لم تكن نتاج طبيعي لحالة مجتمعية رغم و جود بعد
الاحزاب ذات التاريخ العريق أقصد الحركة السياسية الكردية و بعض الاحزاب العربية
القومية لكنها تأتي في إطار المعارضة, ثم هناك أيضاً قوى المجتمع المدني التي ظهرت
في العشر السنوات الاخيرة وهي قريبة من القوى السابقة بأسلوبها التقليدي و للأسف لم
تتعامل هذه القوى مع الثورة بأسلوب مغاير عن أسلوبها التقليدي السائد ولم تستطع
استيعاب عناصر الحراك الثوري , وهذا ما أدى ظهور قوى سياسية حديثة المنشأ قليلة
الخبرة في السياسية ... من شبابية و أهلية مما فتح الطريق أمام التيارات الدينية
التي أوقفت معارضتها للنظام السوري منذ فترة طويلة ( الاخوان المسلمون و من يدور
في فلكهم ) لاستغلال مشاعر الشباب و جذبهم إلى الحاضنة الاخوانية و لو بشكل غير
مباشر إلا أن الاخوان و من معهم فشلوا في ذلك لسببين : أولاً لأنها لم تستطع قراءة
النظام السياسي السوري من العمق , فالقراءة الخاطئة للنظام السوري من قبل هذه
التيارات و تعاملهم بالعقلية الانتقامية بدلاً من السياسية أثرت على الثورة و
أطالت عمر النظام . و كثرة مؤتمرات المعارضة و فشل معظمها في تحقيق أية نتائج على
الأرض هي أولاً غياب استراتيجية التغيير لديها و تدخل بعض الدول الاقليمية لفرض
أجندتها السياسية على المعارضة . والاخوان المسلمين مثلاً مارسوا النفاق و التحايل
على الجميع بقصد الاستيلاء و التحكم بالثورة , فمثلاً اتصل الاخوان المسلمين في
الدنمارك بي و عملنا سوياً إلا أنهم حاولوا دائماً الاستحواذ على كل النشاطات
لابعاد الاخرين و سرقة نشاطهم و بعد هذه التصرفات قاطعتهم و قاطعت كل نشاط يقومون
به , فمثلاً تم دعوتي إلى مؤتمر بروكسل و بعدها إلى مؤتمر استنبول الذي انبثق عنه
المجلس الوطني السوري على أساس أن الحركة الكردية مدعوة فتبين لي أنهم يحاولون
سرقتنا من بعضنا ككرد و الحركة الكردية غير مدعوة رسمياً , فرفضت حضور مؤتمر
استنبول و بروكسل بسبب عدم دعوة الحركة الكردية بشكل رسمي, و الأخوان المسلمين
كذبوا عليّ أكثر من مرة , وفكرة قافلة الحرية هي فكرتي و عملت على تنفيذها لمدة 3
أشهر إلا أنهم سرقوها أيضاً و برهان غليون و كاميران بيكه س يشهدان على هذا . وكل
مؤتمر شارك فيها الاخوان فشل و سيفشل كل من يساهم أو يشارك تصورات الاخوان في
التعامل مع الثورة , و للاسف هناك من يصور بأن الاخوان لهم قاعدة جماهيرية و أنهم
لا يستطيعون العمل دون الاخوان و الحقيقة هي ليست كذلك لكن هناك مؤسسات و حكومات
تعمل عبر امبراطورياتها الإعلامية ( الجزيرة + العربية ) لزرع هذا التصور لدى
الرأي العام السوري و العالمي و طبعاً هذا يعود للتقارب الآيديولوجي بين هذه
الحكومات و بين الاخوان .
لننتقل في حديثنا الآن إلى المعارضة
الكرديّة, فثمّة المجلس الوطني الكردي السوري و المجلس الشعبي لغربي كردستان, وهما
عنوانين رئيسيّين للمعارضة الكردية وهناك تنسيق بينهما, ألا تعتقد أنّ المعارضة
الكرديّة متقدّمة على بقيّة أطر المعارضة من الناحية التنظيميّة ومن ناحية التجانس
على الأقل, أم أنّ الواقع غير هذا؟
لنكن صريحين في هذا السياق و نقول إن
المعارضة الكردية " المعارضة الكردية تشمل الـ ب ي د " كانت أكثر واقعية
من غيرها في التعامل مع الثورة السورية حيث كانت و مازالت مدركة لحقيقة الصراع في
سوريا و دورُ الكُرد فيه و ما هي النتائج التي سيحصدونها من هذا الصراع , رغم
الضغوط التي مورست عليها من الشباب الكردي و الذين بدورهم خضعوا لضغوطات من قبل
قوى معارضة عربية عن طريق أكرادٍ عاشوا انفصاماً شخصياً و قومياً مع هذه القوى
العربية بقصد الانخراط الكردي بشكل عبثي غير مدروس في الحراك السوري و التي حاولت
خلط المفاهيم القومية و الوطنية و الديمقراطية لدى الشباب الكردي مع ثبات رؤيتها
غير الواضحة من القضية الكردية و سبل حلها , إنّ عملية خلط هذه المفاهيم و سياسة
القمع و الاضطهاد الممارسَين بحق الشباب الكردي, قد أثّرتا في البحث عن آلية أخرى
للتعبير عن رفضهم للواقع السياسي بطريقة لا تبتعد عن المراهقة السياسية, فما
الولادات القيصرية الكثيرة لتنسيقيات الشباب الكردي إلا دليل على أن الشباب الذين
طرحوا أنفسهم كبديل عن الحركة لم يكونوا و للأسف بمستوى طرحهم, و أنهم ليسوا نتاجاً
طبيعياً معبّراً عن - و نابعاً من حاجة المجتمع إليهم بل هي ردة فعل و ترجمة عملية
لأحساسهم بالانعتاق من القمع الممارس بحقهم و عشقهم للحرية. أما بالنسبة للمجلس
الوطني الكردي و المجلس الشعبي لغربي كردستان في البداية أحب توضيح نقطة مهمة و هي
// أن هناك غموض لدى البعض بتعريف المجلس الشعبي لغربي كردستان فهو ليس مجلس شعب
أو برلمانا كما يظن البعض أو كما يُرَوَج من باب التقليل من شأنه, وإنما يمثّل
أوسع إطارٍ لتنظيم الشعب في مؤسسات // و هذا الإطار يتعامل بجدية و صدق مع المجلس
الوطني السوري و العكس هو صحيح أيضاً وهذا طبيعي لتقارب هذين الإطارين الكرديين و
بالمناسبة الوحيدين من جهة تقارب وجهات
نظرهما السياسية من الثورة السورية مع ذلك هناك من يريد الشر لهاتين القوتين
الكرديتين و اللتين تمثلان الشعب الكردي عامّة, لكن أتصور أن الشعب الكردي أوعى من
الأشرار و أوجه كلامي بشكل خاص إلى الشباب الكردي الثائر المتحمس أن يتعقلوا
بتفكيرهم السياسي و أن يدركوا أن اللعبة السياسية أكبر من حماسهم ...!!!
في إحدى مقالاتك أشرت إلى أنّ الوجود الكردي
في المجلس الوطني السوري غير مقنع لأنّ المجلس لم ينصف الكرد, هل بات الوجود
الكردي الآن وبعد سنة من التخبّط داخل المجلس السوري مقنعاً خاصّةً أنّ الأخبار
تتراود عن احتماليّة انضمام المجلس الوطني الكردي إلى المجلس الوطني السوري؟ وماذا
عن هيئة التنسيق الوطنية وهل ثمّة فرق بينها وبين المجلس الوطني السوري من جهة
التعاطي مع الكرد؟
نحن جزء من التكوين السياسي و الثقافي و
التاريخي من الشعب السوري و من ضرورات العمل السياسي الكردي في سوريا هو التواصل
مع بقية المكونات السورية و في مقدمتها العربية منها و تعريف هذا المكون و غيره
بالقضية الكردية و حقيقة و جود شعب سوري غير عربي يملك من المقومات القومية ما
يملكه الشعب العربي في سوريا يحقق شروط الانتماء إلى الأمة الكردية الموجودة و
المقسمة بين سوريا وثلاث دول مجاورة لها, لكن لأسباب تاريخية وتحكم المصالح
الاستعمارية جعل من هذا المكون الكردي السوري جزءًا من الوطن السوري , و على هذا
الأساس يجب أن تتعامل المعارضة السورية العربية مع القوى التي تمثل الشعب الكردي و
لكن للأسف الذي يحصل أن هذه المعارضة مازالت تتردد في التعامل مع هذه الحقيقة و
تحاول تبرير هذا التردد بحجج و مسوغات غير حقيقية .. و بتصوري أن هذا التردد هو
ليس تردداً أو شكاً بهذه القضية بقدر ما هو موقف سياسي و قومي يعبر عن فلسفة هذه
المعارضة القومية و الدينية الضيقة و أنا على هذا أساس حددت موقفي من وجود الكرد
في هذا المجلس حيث لا زال يتعامل بطريقة استعلائية و عدم وضوح, و كذلك بالنسبة
لهيئة التنسيق الوطنية, فكنت قد أرسلت رسالة لهم عن ضرورة توضيح موقفهم من القضية
الكردية و بشكل جدي.
كيف تقرؤون الدور التركي في مجريات الثورة
السورية في ظل الوعود العديدة التي أطلقها الأتراك بتخليص الشعب السوري من
الدكتاتور بشار, ومن خلال احتضانها للمجلس الوطني السوري؟
المساهمة الكردية القوية في الثورة و احتمال
حصولهم على الاعتراف الدستوري بوجودهم على أرضهم التاريخية بعد سقوط النظام أمر أخاف الدولة التركية , وصمتها منذ شهور عن
جرائم النظام بحق الشعب السوري بعد الوعود و التصريحات الكثيرة هو أكبر دليل على
ذلك الخوف, و إلا لماذا صمتت كل هذه الفترة و هي شجعت بشكل أو بآخر الشعب السوري
على الثورة و وعدت كثيراً دون طائل. و من السذاجة أن يفكر البعض الكردي بأننا
نبالغ بالدور التركي في هذه المسألة إلا أن الحقائق و المعطيات تشير و بوضوح إلى
خطورة الدور التركي في الثورة السورية و بشكل خاص فيما يتعلق بإمكانية حلها بعد
سقوط النظام و هي التي لم تستطع حل قضية أكثر من 15 مليوناً من أكرادها رغم ما
تدعي من الديمقراطية. و الإشاعات التي يتمّ الترويج لها عن علاقة الـ ب ك ك و الـ
ب ي د بالنظام السوري من بعض القوى التي تنام في حضن تركيا, لهي دليل على تخوفها
من التقارب الكردي العربي المعارض في سوريا , فهذه الإشاعات تشق الصف الوطني
السوري حيث تدرك تركيا ويدرك الجميع القوة الجماهيرية لهذين الحزبين الكرديين و
بهذه الأخبار الكاذبة تحاول أن تخلق خلافاً و اختلافاً بين المكون الكردي و العربي
المعارضين للنظام .
ثمّة من يطالب بإرجاء القضيّة الكرديّة في
سوريا إلى مرحلة ما بعد إسقاط النّظام وهناك من الكرد من يتقاطع رأيه مع هذا
التوجّه ويستشيطون وطنيّة عند سماعهم أو رؤيتهم للخصوصيّة الكرديّة في الثورة
السّورية, كيف تقيّمون هذا الوضع؟ هل هو بمثابة تقديم صكوك للغفران ناجم عن الشعور
بالنقص أمام الآخر أم هو اغتراب قوميّ فكري فرضته سنوات الإنكار والصهر؟
الفرق بين هؤلاء و بين الحركة الكردية, و بشكل
خاص بينهم و بين الـ ب ي د يكمن في أن الـ ب ي د وبقية أطراف الحركة يريدون أن يتعاملوا
مع الثورة ضمن الرؤية الكردية لها , و يحددوا هذه الرؤية على ضوء المصالح القومية
للشعب الكردي , بينما أولئك الذين تتحدث عنهم هم في حالة تخبط و ضياع فكري و سياسي
و اجتماعي و هذا ما أنتج حالة من الانفصام القومي و الاغتراب القومي و يتصورون أن
هناك تعارض بين الوطني و القومي أو أُفهِمُوا ذلك من أقرانهم . إنّ الكردي السوري
هو سوري و لايريد شهادة في الوطنية من أحد بل نحن علينا أن نوزع هذه الشهادات و
لعل التاريخ الحديث و القديم لسوريا يثبت ذلك .
في الآونة الأخيرة قامت مجموعات سمّيت
بمجموعات الحماية الذاتيّة بوضع الحواجز للحفاظ على أمن وسلامة المناطق الكرديّة
وللحدّ من عمليّات السرقة والتخريب في ظلّ الفلتان الأمني, سمعنا أن هناك بعض
الارتياح من الشعب لهذا الأمر, خاصّة بعد الهجوم الذي تعرّض له الكرد في منطقة
الشيخ مقصود ذات الأغلبية الكردية في مدينة حلب من قبل بعض الشبيحة الموالين
للنظام, والذي استشهد على إثره المناضلة في تنظيم اتحاد ستار (كولي سلمو ), وقيام
مجموعات الحماية بواجبها تجاه هذا الهجوم الغادر. وبالمقابل لاحظنا رفضاً من قبل
بعض الكتّاب والمثقفين واتهموا تلك المجموعات بأنّها من صنع النظام, كيف تنظرون
إلى موضوع حماية الكرد لأنفسهم؟
في البداية أهدي قلبي للشهيدة كولي كما
أهديه لكل شهداء الثورة السورية و اسمح أن أقول أن الـ ب ي د حاجة و ضرورة تاريخية
في هذه المرحلة , و قوتهم و جماهيريتهم أصبحت عقدة لدى البعض الكردي لكن هذا لا
ينفي بعض التصورات و الممارسات الخاطئة من قبل الـ ب ي د و خاصة من قبل بعض الشباب
المتحمس الموجود على الارض و المساهم في الحراك الثوري و للأسف هذه العقدة هي
عقدتهم و ليست عقدة الـ ب ي د, و هي في معظم عناصرها تاريخية و نفسية يساهم أعداء
الكرد في تنشيطها و دون علم من البعض الكردي الذي بدوره و بشكل غير مقصود يساهم في
تنشيط هذه العقدة .. و أتصور أن ما يقوم به الـ ب ي د هو نابع من حاجة المناطق
الكردية, هذا الأمر و حسب علمي أن مسألة الحواجز و قضية المجالس المحلية التي كان
من المفترض أن تكون ضمن المجلس الوطني الكردي و قضية مجالس و مؤسسات أخرى ناقشها
الـ ب ي د في البداية مع المجلس الوطني الكردي لكن المجلس رفضها والسبب برأيي هو
النسب العليا التي قد يشكلها الـ ب ي د في المجلس الوطني الكردي و التي من خلالها
قد يسيطر الـ ب ي د بتصوّرهم على المجلس و لعل هذا السبب كان من أهم الاسباب التي
حالت دون دخول الـ ب ي د إلى المجلس الوطني الكردي .في الحقيقة إنّ الشيء المحزن هو أن البعض الكردي يبحث عن
سلبيات الـ ب ي د ليكتب عنها و يثير نوعاً من التشويش عليه في حين أنه لا يريد
سماع الايجابيات لا بل و يحاربها , فعندما تشكلت قوة الحماية الذاتية من قبل الـ ب
ي د أقاموا الدنيا و لم يقعدوها بينما الآن المجلس الوطني الكردي وافق على تشكيل
هذه المجالس, بمعنى أن الـ ب ي د كان أكثر إدراكاً لما سيجري, أي سبق كل المعارضة
في قراءة ما ستؤول إليه الأوضاع في سوريا و بنفس الوقت الذين هاجموا هذه التشكيلات
المدنية السلمية .. هللوا لبعض الأفراد الذين شكلوا كتائب مسلحة في عفرين دون أن
يعرفوا ماهية هؤلاء الاجتماعية و السياسية, إنها لمفارقة عجيبة من هؤلاء. إن عفرين
يجب أن تصان من قبل أهلها و ليس من قبل الآخرين و من يدعو و يهلل لدخول الجيش السوري الحر إلى عفرين هو
كالذي يدعو إلى دمار عفرين, فنحن دائماً كنا على قدر المسؤولية و دعوة هؤلاء للجيش
السوري الحر و تشكيل كتائب تناصره هي ردة فعل غير مدروسة العواقب .
مؤتمر هولير للجاليات الكردية أحدث الكثير
من اللغط والتساؤلات, وتعرّض للكثير من الانتقادات, فقد انتقده كلّ من لم يتمّ
دعوته إليه, كما انتقده بعض الأعضاء الذين حضروا المؤتمر أيضاً, استاذ ابراهيم كنت
أحد أعضاء هذا المؤتمر, برأيك ما سبب تعرضه لكل هذا الانتقاد, هل المسألة تتعلق
بداء البروز والظهور و – البَروَظَة – لدى البعض, أم هي أزمة المثقف الكردي على
الدوام, لا يعجبه شيء, أم كان ثمّة خلاف جوهري يلامس العمق؟ حبّذا لو تحدثنا عن
ذلك قليلاً ؟
مؤتمر هولير كان رسالة و جهتها حكومة
كردستان إلى جهات اقليمية عبر المؤتمرين , و إلى الآن لم أفهم لماذا تم تغيير اسم
المؤتمر من مؤتمر منظمات الأحزاب الكردية في الخارج إلى مؤتمر الجاليات الكردية ..
هل لأن الاحزاب الكردية رفعت سقف مطالبها و الجهة الراعية لم تستطع تبني هذه
الشعارات بسبب الضغوطات التي مورست عليها ...؟؟ ثم لماذا لم يُدعَ أكبر الاحزاب الكردية
جماهيرية طبعاً الـ ب ي د , للأسف عدم دعوة اتحاد القوى الديمقراطية كانت حجة
للتغطية على عدم دعوة الـ ب ي د ...!! ربّما كانت هناك أمور غائبة عن الحركة
السياسية الكردية , و لعل الأحداث الاخيرة مثل دعوة الحكومة الكردية للمجلس الوطني
السوري إلى إقليم كردستان و الطلب من المجلس الوطني الكردي الانضمام إليه كانت
إحدى الخطوط المكتوبة في الرسالة التي ذكرناه .
الكرد كلهم متفقون نظريّاً على مبدأ الوحدة والتماسك,
وكتّابنا ومثقّفينا ما برحوا يدعون إلى توحيد الجهود والتأسيس لخطاب كردي سوري
موحّد لتحقيق ثقل سياسي في أيّة معادلة ساسية في سوريا المقبلة, لن نتحدّث على ما
هو متّفق عليه ولكن, حبّذا لو تضعنا في صورة هذه التركيبة العجيبة من الدعوات
بمعنى آخر كيف تفسّر استماتة الكتاب والمثقفين الكرد في الدعوة إلى توحيد الخطاب
وتوحيد الجهود بين القوى والتيارات السياسيّة الكردية ( وهي دعوة مشروعة بالطبع
والوحدة مطلب الشعب ) وبالمقابل تجد عدم اتفاق فيما بينهم على مؤسسّة ثقافيّة
واحدة باسم اتحاد الكتّاب والمثقّفين الكرد, وتجد بين الفينة والأخرى شدّ وجذب
وانشقاق وتأسيس كتلة ثقافيّة هنا وتجمع ثقافي هناك, هذا يصدر بيان انشقاق وذاك
يعلن عن اتحاد جديد...إلخ؟
عزيزي لعل عدم الاجابة على هذا السؤال هو
أبلغ و أعمق إجابة...ّ!!!!! لكن
مع ذلك سأوضح لك أمراً إنّ أي شعب في العالم لو ملك الكم الذي يملكه الشعب الكردي
من الكتاب و المثقفين و السياسيين و الفلاسفة و الشعراء و ...و ... " مجازاً
" لكان في مصاف الشعوب المتقدمة في العالم ولكن .... لماذا لم يكن كذلك لأنه
و بكل بساطة هو إدعاء و ليس حقيقة فليس من هذا الكم الكثير إلا القليل و القليل من
المثقفين و السياسيين ....!!!!
استاذ ابراهيم دعني أقول إنّ انفتاحكم على
معظم أطراف الحركة الكرديّة ومرونة تعاطيكم مع الجميع بشكل إيجابي, جعل منكم موضع
إشكال ولا أقول موضع اتهام من قبل البعض بأنّكم تحلّقون على هذا الغصن وذاك الغصن
كبلبلٍ حرّ دون هدأةٍ ودون استكانة, كيف تردّون على ذلك لإزالة هذا الإشكال
والالتباس؟
أنا بطبيعتي ديناميكي التفكير , بمعنى آخر
لست مصوناً من الحركة و أتجه دائماً بإتجاه الحركة الصحيحة على الأقل حسب قناعتي ,
و أنا ذو اتجاه ليبرالي أستوعب الكل و أستطيع التعامل مع المختلف بصرف النظر عن
درجة الاختلاف لكن في النتيجة أنا على قناعة بأن من يتعاطف و يؤيد حق الشعب الكردي
في الحياة بحرية و كرامة هو الصحيح لأن مقياسي لصحة الافكار هي مدى انسجامها مع
الحق الكردي بكل مفاهيمه .
كلمة أخيرة استاذ ابراهيم, ما هي رسالتك...؟
كل ما أريد قوله أننا نعمل و نناضل من أجل
شعب طحنه التاريخ و المصالح و هذا العمل و النضال ليس أمراً عادياً أو سهلاً
بالمعنى الذي يتصوره البعض منّا, كما أن القضية الكردية لم تعد قضيتنا لوحدنا بل
أخذت بعدها الدولي و أصبحت تطرح في مراكز القرار الدولي و بالتالي لا يمكن حلها
كما نريد و كما نشتهي , فهناك مراكز القرار و هناك المصالح الكبرى و هناك أوربا و
أمريكا و روسيا و الصين و غيرهم ويشكلون ثقلاً في القضايا العالمية العالقة . و
أخير أقول إن السياسة هي حضارة و أدب و اقتصاد و اجتماع و فن و فلسفة فضلاً عن
أنّه فضاءٌ رحب, و ليس فقط شعارات واتهامات و أحزاب و اجتماعات و إسقاط نظام ما .