- جميل أن نختلف في
الرأي أو أن نكون مختلفين مع بعضنا وعن بعضنا في الطرح والآداء.
- الفيلسوف الفرنسي فولتير يقول :( قد اختلف معك في الرأي ولكني على استعداد
أن أدفع حياتي ثمنا لاحتفاظك برأيك ) .
فهل لهذه الثقافة أثر ما بين حراكاتنا المجتمعية الكوردية ؟ التي تدعي
بأنها مع الرأي الآخر وتقبل الطرف الآخر ؟
أم أن من يخالفني الرأي ؟؟؟ هو على خطأ ويستحق كافة صنوف التخوين والازدراء
والتشهير، ومن يوافقني رأيي ويؤيدني في مشاريعي الوهمية ؟؟؟ هو رمز للعلو والخلود والشهامة
والكبرياء والوطنية .
ففي لغة مختلفة وحوارهادئ وبعيد عن التشنج والتجريح والشتم والتهديد والوعيد
والتصغير والاستعلاء, والاعتماد على قاعدة أن لا أحد يستطيع احتكار الحقيقة . بنيت
أعمدة حواري مع الاستاذ هوشنك أوسي لألتمس حدود وفلسفة الاختلاف وكيفية تقبلنا نحن
ككورد لثقافة الاختلاف وماهياته ؟ وحاولت الغوص والاقتراب بقدر الامكان من ردود أفعالنا
وأقوالنا تجاه المختلف الآخر, دون الوقوع في مواطن الخلاف والفتنة والتخوين .
فثقافة الحوار والاختلاف والتسامح تعتمد بالأساس على مبدأ الذي يقول
( إذا كان من حقك أن تعطي رأيك في قضية ما ، فإعلم بأن للأخر أيضاً الحق في ابداء رأيه
والدفاع عنه ) .
فاذا تمترس كل واحد مننا في خندقه وقام برفض الآخر، ولم يساهم بشيئ ولو
كان قليلاً في نشر ثقافة الاختلاف وقام بباء جدارالكراهية والأحقاد ، وقام برفض مبدأ
التسامح والتواصل. نكون قد هيئنا الظروف المناسبة والطبيعية لظهور ثقافة الكراهية والبغض
والانشقاقات المجتمعية أفقيا وعاموديا . هنا وكما تطرقت في مقالتي السابقة والتي كانت
تمهيدا لهذه الحوارية قمت بحوار بلا ضفاف مع الكاتب والشاعر هوشـنك أوسي .
ولكم تفاصيل أسئلتي الموجهة الى الاستاذ هوشنك اوسي *
هوشنك أوسي الانسان ثم الكاتب من الجزيرة الى دمشق فلبنان فتركيا ثم أوربا
هل لكم رغبة ما في زيارة أي بلد آخر في العالم ؟
لديّ رغبة في كل البلدان. أن أتجوّل بداعي نهل المزيد من الصور، من ذاكرة
المدن، قدر المستطاع. الرغبة في ملاحقة المدن، والتعرّف عليها، ربما هي طبع يتأتّى
من الخوف ان اموت، قبل ان اشبع من رؤية العالم. اريد الرحيل الى العالم الآخر، بذاكرة
بصيريّة زاخرة عن المدن والاوطان والشعوب والثقافات. اريد ان أقصّ على أسماع الموتى،
شغفي ومغامراتي المتواضعة في البحث عن العالم في مدن العالم. صحيح انني جبت بضع مدن.
لكنّها، عزّزت لديّ رغبة المزيد من الرحيل، المزيد من التجوال والترحال، المزيد من
الاستكشاف. وبما أننا راحلون عن العالم، فيجب ان نتعرّف ونعانق كل مدن العالم.
المدن كالنساء، إن أحببتها، أحبّتك. إن لاحقتها، تمعنّت. إن هادنتها،
عاركت. إن جافيتها، تناست. إن أحبّت، أغدقت، وإن كرهت، كادت ومحقت وسحقت وأحرقت.
طباع المدن من طباع ساكنيها. للمدن أرواح. لكنها، أرواح لا تكره. المدن
بشعوبها. والشعوب بمدنهم. لذا، تعكس المدن ثقافة ووعي وذوق وأخلاق سكّانها، لجهة الطراز
المعماري، والتناسق والهندسة وفنّ العمارة. المدن إن تأدلجت، تخندقت. وإن تخندقت، خنقت
واختنقت.
عملتني دمشق، أنها اذعنت للاستبداد، طيلة قرون. والآن، بدأت تدبّ في عروقها
الثورة. علّمتني بيروت، الانفتاح وعناد المدينة التي تمرّ بالمجازر والحروب الاهليّة،
وتسقط الحروب، ولا تسقط بيروت. علّمتني اسطنبول، ان المدينة يمكن ان تكون قارّة، أو
قارّتين، ووطناً أو مجموعة أوطان. وأن المدن هي التي تقود البحر، وان البحر يعشق المدن.
ومن فرط عشقه لها، يشقّها، ويريد ابتلاعها أحياناً. علّمتني آمد، ان أسوارها ليست لمحاصرة
الثورة وحبسها في الدوغما العقيديّة، بل لتطلّ منها على العالم، عبر نشر قيّم الحب
والخير والجمال والانفتاح، دون دماء ودخان. علّمتني أن مظلوم دوغان لو عاد، لأحرق نفسه
مرّة أخرى، احتجاجاً على رفاقه. علّمتني آمد، ان المدن العظيمة، ليس فقط مساجد، جوامع،
كنائس، سيناغوغ، أديرة، متاحف، جامعات، شوارع، ابنية، بل بيوت دعارة أيضاً. علّمتني
آمد، ألاّ أنسى أورهان آيدن، وان أبحث عن عظامه في لبنان. انت لا تعرف اورهان آيدن!.
لقد نسيه الجميع، الجميع نسوه، الجمييييع!. حين اتذكّر أورهان آيدن، ينتابني شعور جارف
للبكاء. علّمتني قونية، ان جلال الدين الرومي، واستاذه شمس الدين التبريزي، دوماً في
رقصة السماح، يلعنان الحروب التي كانت ولا زالت تتناهب الاناضول. علّمتني اثينا، انها
حين لا تكون أثينا، ينهار جبل أولمب، وينهار الاكروبوليس، ويئنّ هوميروس في لحده، ويحرق
افلاطون وارسطو وسوفوكليس كل كتبهم، ويحطّم فيدياس كل تماثيله. علّمتني بروكسل، أن
للحريّة مداخل عدّة، منها، بروكسل. وعلّمتني آنتويربين بأن النهر يمكن ان يكون بحراً،
بموانئ ونوارس وزوارق. وان الماس، ليس هو ما يبتاعه البشر، بل ما يخبّئونه في قلوبهم.
حكايتي والمدن، لن تنتهي إلاّ بموتي. في حين ان المدن، كالبشر، الحريّة،
أوكسجينها. إن قلّت الحريّة، ذبلت المدن. وإن انعدمت، تموت المدن. المدن، لا دين لها.
دينها وديدنها الحبّ والتسامح. لا تكره بعضها البعض. البشر هم الذين يجرجرون المدن
لصراعاتهم التافهة. لا توجد مدن كافرة، ومدن مؤمنة. ويجب ألاّ ننسى، ان الايديولوجيا،
سمّ المدن. فإن تأدلجت، تخندقت. وإن تخندقت، خنقت واختنقت.
انتم من الكورد الذين لا يملكون الهوية العربية السورية هل شملكم المرسوم
الذي أصدره النظام السوري والذي بموجبه يستطيع المكتوم الحصول على الهوية, وهل ما زلتم
تريدون بطاقة الهوية العربية السورية ؟
شملت أهلي، وأخذوها. امّا أنا، فلا اريدها. لعدّة أسباب. منها:
انها ستجعل منّي عربيّاً. وانا سوري، ولست عربي. أحبّ العرب، ولا احب
ان أكون عربيّاً، كرهاً وقسراً. لأنها اتت متأخّرة، رشوة من النظام للكرد السوريين،
بغية تحييدهم عن الثورة السوريّة. فهل يجوز لمن يقول عن نفسه مثقف، ووطني، أن يقبل
الرشوة من نظامٍ قاتل. لا اريدها احتجاجاً على تشويه النظام للجنسيّة والوطنيّة السوريّة.
لا اريدها، لأنني قضيت نصف عمري (36 سنة) بدون جنسيّة. وحرمني منها النظام الوحشي السوري.
وما عدت بحاجة لها، بعد ان منحتي بلجيكا الامان والحريّة والهويّة. وكما انني، لا أعارض
من سعى اليها وحصل عليها.
المثقف يسعى دائما الى تجاوز الراهن نحو الأفضل قيمة وجمالا وروحا وأن
يكون هو الموطن الحداثوي للمجتمعات, أين هو مثقفنا الكوردي من الواقع الراهن ؟
مثقفنا ايضاً، يسعى الى بلوغ ذلك. وانا اتحدّث عن المثقف الحقيقي، المتين
المراس، الطليق الوعي والفكر، لا نقيضه، ممن نصادفهم يتكاثرون كالفطر. من المؤسف القول:
إن امراض الحراك السياسي الكردي، تتسرّب للحراك الثقافي الكردي ايضاً. لجهة تفشّي الشلليّة
والمحسوبيّات الحزبويّة، والتطفّل والتطبّل. لكن، أيّاً يكن من امر، ثمّة جهود ثقافيّة
نيّرة، يُشار لها بالبنان، وترفع لها القبّعات. ولا يتّسع المقام لذكر اسماء أصحابها.
ذلك ان قسماً من المثقفين الكرد، ساهموا في هذه الثورة، بحركيّة فائقة وفذّة، وعاضدوا
الثوّار الكرد والسوريين بالكلمة النيّرة والجسورة. وانت تعرف، ان الكاتب والمثقف،
سلاحه الكلام. زد على ذلك ان الكثيرين من الفنانين الكرد، بخاصّة في المهجر، شاركوا
في هذه الثورة، باللحن والاغنية واللون واللوحة. دون ان ننسى الفروق الموجودة بين الظروف
التي يعيشها مثقفنا الكردي في الوطن وفي المهجر. ولا يعني هذا عدم وجود القليل من الارتباك،
بداعي الحذر والترقّب، شاب اداء بعض مثققينا في الوطن حيال الحراك الثوري. واعتقد انه
بعد مضي سنة على الثورة السوريّة، آن لمثقفينا نهل الجرأة والجسارة من ثوّارنا الشباب.
بتقديري، أن الكاتب، يفترض به دأب الاشتغال في المناطق المحرّمة على التفكير.
وإلاّ لغدا تحصيل حاصل، وجوده كعدمه. واسمح لي هنا، بالقول: الثورة، يجب ألاّ تأكل
أبناءها. والثورة، ليست دوماً على حقّ. بينما الحريّة دوماً على حقّ!. الثورة قد تصيب
من يريد ومن لا يريدها. أمّا الحريّة، فتصيب وتعانق وتكافئ من يريدها.
كيف تنظرون الى ثقافة الاختلاف وإحترام الإرادة الحرة للأفراد والجماعات،
في حرية التفكير وحرية الإختيار وحرية التصرف والاعتقاد والالتزام ؟ أسعى إليها. ومن
يقف ضدّها، يقف مع الموت. ذلك ان الحياة قوامها الاختلاف والتنوّع، وسرّ ديمومتها التباين
في الآراء. أما الموت، فأحادي النكهة والمذاق والالم، مهما اختلفت اسبابه.
ما هو تقييمكم للدبلوماسية الكوردية السورية التي بدأت تتشكل وان كانت
بصورة خجولة, الا يدل هذا على أن الحركة الكوردية السورية بدأت بتصحيح مساراتها ؟
لا زال من المبكّر جدّاً الحديث عن وجود ديلوماسيّة كرديّة، تسعى لتدويل
القضيّة الكرديّة. ذلك انه منذ سنة 1957، وحتّى الآن، لا زال الكرد يمارسون السياسة،
بمنطق الهواة، لا بحكنة ودهاء الاحتراف والخبرة. هاتني مركزاً واحداً للدراسات والابحاث
الاستراتيجيّة اسسته الحركة الكرديّة في المهجر، لرفد صنّاع القرار السياسي بالرأي
والتحليل العميق والعملي والسديد؟!. دلّني على مجلّة رصينة محترمة، اطلقتها الحركة
السياسيّة الكرديّة، طيلة هذه العقود الخمس، يعتدّ بها، ساهمت في تزويد الاحزاب الكرديّة
بمواد سياسيّة تحليليّة محكّمة؟. دلّني على موقع الكتروني كردي سوري، يعمل بحرفيّة
مهنيّة، عبر طاقم يمتلك تجربة اعلاميّة ووعي ثقافي عميق!. زد على ذلك ان الكرد، ليسوا
ديبلوماسيين فيما بينهم، فكيف لهم ان يكونوا كذلك مع الآخرين؟!. القيادي الكردي، حتّى
لو كان يحمل إجازة جامعيّة، يفتقد للعمق السياسي. القيادي الكردي، لا يقرأ، أكثر من
البيانات والتصريحات. ثقافته ثقافة جرائد من الدرجة العاشرة. القيادي الكردي، لا يعرف
ان يكتب مقالة "متل العالم والناس"!. وعليه، من أين ستأتيه الحرفيّة في العمل،
وأية دبلوماسيّة يمكن ان تكتنف حراكه؟. وأكبر دليل على ذلك، حالة الاشنقاقات، التي
كانت موجودة قبل الثورة. كتبت مرّة بما معناه: انه من فضائل أطفال درعا والثورة السوريّة،
انها دفعت الحركة الكرديّة نحو التوحّد.
هناك من يقول بأن الثورة السورية اختزلت المسافات والازمان التي كانت
بحاجتها كحركة في التعبير عن حقيقية وأهداف الشعب الكوردي في سوريا ؟ ما تعليقكم ؟
لا. الصحيح، ان الحركة الكرديّة، أهدرت اكثر من نصف قرن، في حراك شقاقي
مسموم، تالف، متلف، فاسد، مفسد. وربما أحسّت الحركة الكرديّة بأن هذه الثورات، ستطيح
بما هو متقرّن وعفن ويابس فيها. لذا، سارعت الى التوحّد والانخراط القلق والمتربك في
الثورة السوريّة. وكما كانت الحركة الكرديّة متخلّفة عن الشارع الكردي المنتفض في اذار
2004، الآن، ايضاً، الحركة الكرديّة، ينتابها القلق، من تنامي الدور والحراك الشبابي.
ربما تساهم هذه الثورة في تجديد دماء الحركة الكرديّة. اتمنّى ذلك.
المعطيات والمؤشرات على الساحة الكوردية السورية تشير الى أن الشباب الكوردي
الواعي والمثقف والوطني لن يدع هذه المرة بأن تمر قافلة المساومات ثانية كما حدثت في
انتفاضة 2004 فما هي قرائتكم لهذه ؟
أمل ذلك.
وهناك من يقول بأن التاريخ يعيد نفسه , فكورد اليوم هم نفسهم كورد البارحة
الذين فوتوا الفرص التاريخية واحدة تلو الآخرى وحتى قيل عنهم بأن ( ما يحصل عليه الكوردي
في قتاله يخسره على طاولة السياسة والمفاوضات ).ما هو رأيكم ؟
التاريخ لا يعيد نفسه. حركة التاريخ، لا تقبل التكرار والتطابق. ربما
تكون بعض الاحداث التاريخيّة متقاربة في الشكل، ولكنّها من حيث الجوهر والعلل والاسباب،
تختلف. مقولة "التاريخ يكرر نفسه"، يفندها علم التاريخ. وربما الاقرب الى
الصواب القول: ان مآسي الكرد تكررت، بسبب تشابه الاسباب. واعتقد ان ما تخشى منه، لن
يتكرر. انا واثق جداً بالشباب الكردي. وما زال هنالك أمل وثقة بالحركة الكردية. الظروف
مختلفة. وإذا حدث ما تخشى منه، فحقّت العبوديّة والظلم على الكرد الى أبد الآبدين.
وسيؤكّد ذلك انه هنالك خلل وعطل ما، كامن في سوسيولوجيّة وسيكولوجيّة الكرد، تدفعهم
نحو استمراء الفشل والعبوديّة.
كيف تنظر الى الذين يقفون عائقاً أمام احداث التغيير الوطني المنشود في
سورية ويعلنون دعمهم جهاراً للاستبداد بحجة ان القادم أسوئ وأن الراهن أفضل السيئيين
؟
لقد كتبت كثيراً عن هؤلاء، ولا اريد تكرار ما قلته فيهم.
سقوط النظام السوري سيكون سقوطا لسياسة الانتقام والاقصاء والتهميش التي
نعيشها منذ أكثر من 40 عاما وسيكون أيضا سقوطا للعقلية والنهج والفكر الواحد والقائد
الواحد الذي لا شريك له سواءا على الصعيد السوري ككل أو على الصعيد الكوردي الداخلي
ولربما الكوردستاني أيضا ما هو تعليقكم ؟
لا أعلم، لماذا تطوي الكثير من أسئلتك على الأجوبة!؟. ولا تترك لي شيء
إلاّ التعليق، وكأنك تودّ ان تقول لي: اجب بنعم أو لا؟!. يبدو انه لا زلت واقعاً تحت
تأثير العمل في "روج تي في". أليس كذلك يا عزيزي!.لقد كتبت في إحدى مقالاتي
المنشورة في صحيفة المستقبل، بما معناه: ستكون للثورة السوريّة ذلك السحر والتأثير
الذي يتجاوز ما فعلته الثورة الفرنسيّة في العالم، وطاقة التحفيز التي خلقتها لدى الثوّار
على مدى قرنين ونصف. وسيكون تأثيرها أقوى من الثورة التونسيّة والمصريّة والليبيّة.
وإن الغد لناظره لَقريب.
بات الخوف السياسي يخيم على المناطق الكوردية من سوريا برأيكم على ماذا
تعتمد الجريمة السياسية قي هذه المناطق وخاصة بعد استهداف بعض الرموز الكوردية المناوئة
للنظام السوري تحديداً ؟
الجريمة السياسيّة تعمد في أسّها وأساسها على الجهل والاحقاد والخوف من
خسارة النفوذ او الامتيازات. والخلافات البينيّة الكرديّة، توفّر مناخاً خصباً وسانحاً
للنظام السوري، ليسرح ويمرح في المناطق الكرديّة ويستهدف بعض الرموز الكرديّة. اعتقد
ان الاحزاب الكرديّة، تتحمّل موضوعيّأ، وأخلاقيّاً، جانباً من المسؤوليّة إزاء حدوث
تلك الجرائم. لو كان البيت الكردي مرتّباً، بما فيه الكفاية، لما استطاع النظام وشبّيحته
التسرّب وارتكاب الجرائم.
عبر هذه الاجواء ونتيجة للافرازات الجديدة التي حصلت في منطقة الثورات
العربية والازمات الاقتصادية في العالم, ألم ترى بأن روسيا تعمل جاهدة من أجل خلق توازن
عالمي جديد والرجوع الى سياسة الأقطاب والأحلاف وقد تكون المسألة السورية احدى أهم
مفاصلها الرئسيسة ؟
لا. لا ارى ذلك. روسيا تخشى خسارة القاعدة العسكريّة في طرطوس. وهي المنفذ
الروسي الوحيد على المياه الدافئة. وتخشى تسرّب هذه الثورات المندلعة الى بلادها، بخاصّة
في المناطق الهشّة والرخوة فيها. واقصد مناطق القفقاس، ثم تمتد النيران الى موسكو.
روسيا تدافع عن مصالحها في ايران، وتفبض الثمن من كيس الدم السوري. لا توازنات ولا
هم يحزنون. روسيا، كسوريا، تحكمها مافايات. وهل للمافيا أخلاق ورادع إنساني!؟.
هناك من يقول بأن عدم مهاجمة النظام السوري للمناطق الكوردية هو خوفه
من تكرار نموذج الهجرة الميليونية لكورد العراق من القرن الماضي الى تركيا وهذا ما
لا يريده النظام السوري؟.
هذا ما لا يريده النظام التركي. فالنظام السوري، بسياساته، قام بتهجير
عشرات الالوف من الكرد الى المدن الداخليّة والى خارج سورية، بهدف تغيير التركيبة الديموغرافيّة.
وبالتالي، النظام السوري ليس حريصاً على بقاء الكرد في مدنهم وديارهم. بل تركيا تحسب
ألف حساب لذلك. وليس غمزاً من ذهنيّة المؤامرة، يجب ان يتوقّع الكرد، انه ربما لا زال
هنالك اتفاق بين الاسد واردوغان. وسقوط الاسد، سيكفل بالكشف عن ذلك.
هناك من يقول بأن رئيس اقليم كوردستان العراق السيد مسعود البارزاني عبر
حضوره اللافت لمؤتمر هولير قد نزع الورقة الكوردية السورية من أيدي بعض المتربصين بها
كورداً وعرباً وعجماً كيف ترون هذا ؟.
هذا رأيك. واختلف معك فيه. حضوره في المؤتمر، واجب قومي، كردستاني، لا
يمكن التمنن به على الكرد السوريين، او المبالغة في مدحه، من قبل الكرد السوريين. هذا
ما هو المؤمول والمتّوقع من زعيم كردي من وزن بارزاني.
الرئيس بارزاني، يحاول أن يقدّم الدعم والمساندة للكرد السوريين. ويجب
ألا يكون ذلك، بمقابل، من طينة نشر النفوذ، واستجلاب الولاءات. واجب على قيادات الديمقراطي
الكردستاتي والاتحاد الوطني وحزب العمال، تقديم أقصى درجات الدعم والمساندة للكرد السوريين،
دون ان يكون ذلك بمقابل الاستحواذ على المزيد من الاستقطابات الحزبويّة، او بداعي المكاسرة
على بغداد لكونها تدعم دمشق. موقف بارزاني، لا شكّ انه مثار تقدير. إلاّ ان الكرد السوريين
يريدون المزيد ثم المزيد ثم المزيد. واسمح لي هنا، ان اورد مثالاً يدلّ على حضور مظاهر
الشقاق الكردي السوري حتّى في مؤتمر هولير الذي اشرت له. ففي صورة فوتوغرافيّة، للجلسة
الافتتاحيّة، لفت انتباهي جلوس بارزاني في المنتصف والى يساره رئيس الحكومة السابق
برهم صالح، والى يساره الاستاذ عبدالحميد درويش، والى يمين بارزاني، جلس رئيس السابق
للبرلمان كمال كركوكي، والى يمينه الدكتور عبدالحكيم بشار. انظر!. انه منتهى الاصطفاف
الحزبي!. ولو كان السيّد مراد قره ايلان حاضراً، لرأينا صالح محمد جالساً الى جواره!.
ولو كان كانت الصورة الفوتوغرافيّة معكوسة، بحيث جلس بشار الى جانب صالح، وجلس درويش
الى جانب كركوكي، لقلنا ان مؤتمر هولير، طوى صفحة الخلافات والانحيازات الحزبويّة.
اعتقد ان المشكل فينا، نحن الكرد السوريين، أكثر مما هو موجود في الأحزاب الكردستانيّة!.
إذ نحن من علّمناهم على ان يتعاطوا معنا بمنطق الوصاية والاملاء!.
هل نستطيع القول بأن الاغتيال السياسي هو بمثابة رسالة دموية من النظام
الى كوردستان العراق بأن لا تتمادى في دعمها للمشروع الفيدرالي الكوردي في سوريا وعليها
لجم الحركة السياسيّة الكرديّة والشارع الكردي السوري كيف تعلقون ؟
لقد كتبت في مقالة عن جريمة اغتيال تمو، اشرت فيه الى ذلك. يمكن للقارئ
العزيز، العودة اليها.
هل تابعت فصول الجريمة التي وقعت مؤخراً والتي راح ضحيتها الشهيد الدكتور
شيرزاد حاج رشيد من كورداغ ,هذه الجريمة التي كشفها عناصر الـ بي يي دي باعتقال شخصين
من خارج عفرين , ألم تذكرنا هذه المشاهد بتلك التي جيئ بها النظام السوري بعد مقتل
رفيق الحريري وإستشهاد الشيخ معشوق الخزنوي ؟
هذا رأيك. وانت حرّ في طرحه. ولكن، ينبغي عدم التسرّع بالتلميح، فسقوط
النظام السوري، صحيح انه ليس قاب قوسين او ادنى. إلاّ أنه حاصل، لامحاله. وقتئذ، ستبيضّ
وجوه وتسودّ وجوه!. ولئن اتيت على ذكر جريمة اغتيال الحريري، ليس سرّاً القول: إن الذين
اغتيلو؛ تمو، حج رشيد وبرهك، الثلاثة، ينتمون لبيئة سياسيّة معيّنة!. تماماً، مثل كل
ضحايا جرائم الاغتيال التي شهدها لبنان، كانوا من بيئة سياسيّة معيّنة!.
كيف تقرأ الثنائية المتناقضة في سلوكيات الـ بي يي دي, فهم مع اسقاط النظام
والمؤشرات تدل عكس ذلك ,حتى أنت قلتها في احدى كتاباتك ( فكيف للثوري أن يكون متصالحاً
مع ثوريّته في شمال كردستان، وضدّها في غرب كردستان؟!.) ماذا تريد أن تضيف أكثر بهذا
الصدد ؟
لا اريد ان اضيف شيء على ما قلته سابقاً في مقالاتي بهذا الخصوص. فقط
أقول: متى يتفرّغ حزب الاتحاد الديمقراطي لغرب كردستان، ولا يعتبر نفسه حزب معارضة
تركيّة!؟. فطول السنّة، جلّ نشاطات هذا الحزب في غربي كردستان، ليست لها علاقة بغربي
كردستان!. باستثناء مناسبات عالميّة وقوميّة كرديّة، كل نشاطات هذا الحزب، هي صدى وتتمة
لنشاطات حزب العمال الكردستاني في شمال كردستان والمهجر!. مثلاً: من 21 اذار الى
27 يقيم حزب الاتحاد الديمقراطي الندوات بمناسبة اسبوع المقاومة بين استشهاد القائدين
البطلين مظلوم دوغان ومعصوم كوركماز. وهذه من مناسبات حزب العمال. وفي 4 نيسان، يحتفل
بميلاد أوجلان. وهذه المناسبة، لم يكن حزب العمال يحتفل بها، الا بعد تأسيس ب ي د سنة
2003. ويستذكر الحزب، ويصدر البيانات مناسبة وفاة ولادة السيّد أوجلان، الراحلة عويش
"عائشة"!. وفي 18 ايار، يحتفل الحزب، بيوم استشهاد حقي كارر، الذي يعتبره
العمال الكردستاني عيد الشهداء!. ويقيم المسيرات والندوات ويصدر البيانات بهذا الخصوص.
وفي 31 حزيران، يحتفل الحزب، ويقيم الندوات ويصدر البيانات بمناسبة استشهاد المقاتلة
زيلان!. وفي 14 تموز، يقيم الحزب الندوات والمظاهرات ويصدر البيانات بمناسبة اضراب
القياديين الشهداء كمال بير وخيري دورموش في سجن امد سنة 1982!. وقبل 15 اب باسبوع،
وبعدها باسبوع، تكون نشاطات ومظاهرات وبيانات وندوات حزب الاتحاد الديمقراطي مركزة
على الاحتفال بمناسبة اعلان العمال الكردستاني الكفاح المسلح!. ويأتي 1 ايلول، ويصدر
الحزب البيانات وبقيم الندوات، بمناسبة اعلان حزب العمال وقف اطلاق النار!. ويوم
10 أكتوبر، يقيم الحزب المظاهرات ويقيم الندوات ويصدر البيانات، للتنديد ببدأ المؤامرة
الدولية. ومعلوم انه في هذا اليوم من سنة 1998، خرج القائد الكردي اوجلان من دمشق!.
وتستمرّ هذه النشاطات لغاية 15 يوم تقريباً لندخل شهر تشرين الثاني، حيث يحتفل حزب
الاتحاد الديمقراطي بميلاد حزب العمال الكردستاني 28 تشرين الثاني، ويقيم الندوات ويصدر
البيانات. ويتخلل هذه المناسبات، المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية على الحكومة التركيّة،
بسبب ارتكابها الجرائم والمجازر بحق الكرد، وبسبب فرضها حالة التجريد والعزلة على اوجلان.
هكذا، حتى نصل الى 10 شباط، حيث يبدأ الحزب بحملة نشاطات مظاهرات وندوات بخصوص المؤامرة
التي استهدفت اوجلان. والحال هذه، لا اعرف متى يلتفت هذا الحزب الكردي السوري، وهو
فعلاً حزب كردي سوري، الى مهمّته الرئيسة والاستراتيجيّة، (بموجب قرارات حزب العمال
الكردستاني، القاضية بتأسيس حزب كردي سوري، ينشط في غرب كردستان، وفق الشروط والظروف
الخاصة هناك)، ان ينشط في غربي كردستان، وفق شروط وظروف غرب كردستان، ومتطالبات هذا
الجزء من الوطن!. ولا يفهم من هذا الكلام، عدم التنديد بالمجازر التركيّة بحقّ الكرد،
أو عدم التضامن مع القائد أوجلان. لا قطعاً. بل المطلوب ان يلتفت هذه الحزب لمسؤوليّاته
ومهامه، وأن يتعلّم من حزب السلام والديمقراطيّة كيف يتشط وفق الظروف والشروط التركيّة.
فهل يتظاهر حزب السلام والديمقراطيّة تنديداً بمجزرة 12 آذار في قامشلو؟!، كل سنة!؟.
هل يشارك محنة الكرد السوريين، عبر المظاهرات والندوات واصدار البيانات؟!. ومن المؤسف
القول: ان الكثيرين من قيادات والنشطاء الاعلاميين في حزب السلام والديمقراطيّة، لا
يعرفون اين تقع كوباني، وبل لم يسمعوا باسمها. وهذا ما لسمته اثناء تواجدي في مبنى
صحيفة اوزغورغوندم. اعتقد ان مسؤولية حزب الاتحاد الديمقراطي ان يعرّف كرد الشمال بنا
وبمحتنا، لا ان يعرّف كرد غرب كردستان بمحنة الشمال. فنحن نعرف ذلك، ونتفاعل ونتضامن
معهم، ولسنا بحاجة لمن يعرّفنا بما يجري في شمال الوطن الكردستاني. ثم انه بصراحة،
قبل ان نطالب بتحرير أوجلان من سجون الاتراك، (ويجب ان نطالب ونستمر في ذلك) علينا
المطالبة بتحريره من سجن التأليه والتوثين، الذي وضعه فيه رفاقه، عن قصد او عن دونه!؟.
يجب ان نحرر اوجلان من التأليه والتصنيم، قبل تحرير من الاسر الاردوغاتوركي!. آمل ان
تكون قد وصلت الفكرة.
هناك من الكورد مَن يقول بأن علينا أن لا ننظر الى تركيا بعين الحزب العمال
الكوردستاني مثلما هذا الحزب لا ينظر بعين الحركة الكوردية الى النظام السوري؟
هذا كلام، لا ينطق به الا الجهلة والحاقدين على حزب العمال. هؤلاء، يمتلكون
قدراً هائلاً من الوعي الثأري الانتقامي من الكردستاني. بل يجب علينا النظر الى تركيا
بعين حزب العمال، الذي ينفتح على تركيا، ويبدي كامل المرونة معها، ويتحاور معها، رغم
ارتكابها كل المجازر. وهنا، اسمح لي ان اشير الى ان السيد اوجلان، طلب من محاميه، في
احدى لقاءاته بهم، طالبهم بالتحاور حتى مع فتح الله غولان. وابلغهم ان ينقلوا له تحيات
أوجلان. وطالب الاخير بالانخراط في العمليّة السلميّة. وبل خاطب اوجلان، غولان، بالاستاذ:
خوجه!. أوجلان منفتح على كل تركيا. على الاتاتوركيين والاسلاميين، ويهمّه مصلحة الكرد
والقضيّة الكرديّة. فهل حزب الاتحاد الديمقراطي تحديداً، والاحزاب الكردية السورية
عموماً، تمتلك جرأة أوجلان، وعقلانيّته، في أدارة الخلافات!. هل بإمكانهم الدخول في
حوار جاد وحقيقي ومنفتح مع الاخوان المسلمين!؟. من المؤسف القول: لا. انه الضعف والعجز.
صحيح انه هنالك اخطاء كبيرة وخطيرة، اعترت اداء حزب العمال الكردستاني اثناء تواجد
زعيمه في دمشق، وحتّى في الفترة الاخيرة ايضاً، حين صوّر قياديون فيه الازمة السورية
على انها مؤامرة على قوى المقاومة والممانعة، الا اننا يجب ان نأخذ بإيجابيات العمال
الكردستاني. المشكل، ان حليفه الكردي السوري، مستميت بعدم الاقتداء حتّى بتجربة العمال
الكردستاني في ادارة الخلافات والتحاور والانفتاح على التيارات الكرديّة والتركيّة
والاسلاميّة!. وأخشى مما أخشاه، أن البعض، يريد تحميل المعارضة السوريّة، وزر بطش النظام
بحق الشعب الاعزل، وينزلق به الحال الحزبيّة اللاحزبيّة، دون ان يدري، الى إدارة الظهر
للضحايا. انا النظام التركي هو الذي أجبر ويجبر العمال الكردستاني على حمل السلاح.
والنظام السوري هو الذي أجبر الشعب السوري والمعارضة والثوّار الى حمل السلاح. وما
يصّح في تركيا، يصحّ في سورية. أمّا ان يريد البعض، جرّ حربه على تركيا الى غرب كردستان،
فهذا هو الاخطر والاخطر والاخطر. التدخّل التركي مروفض، جملةً وتفصيلاً. ولا مجال هنا
للمزايدة والمهاترة. فلا أحد سيسيتقبل الجنود الاتراك بالارز والورود. إن همّ دخلوا
قامشلو وعفرين. لا يوجد بين كرد سورية من يلعب دور انطوان لحد. ويجب ألا يتواجد بينهم
من يلعب دور حزب الله، الذي يستجلب حرب ايران الى لبنان.
برأيكم هل هناك أي ارتباط ما, بين تعليق العمليات العسكرية من قبل الـ
( بيجاك ) ضد النظام الايراني وبين ما يجري في سوريا الآن ؟
ربما. دون ان ننسى ان القصف المدفعي الايراني على معاقل الكردستاني، هو
ايضاً توقّف!.
أين ذهبت تلك الحماسة التركية للتخلص من النظام او مساعدة المدنيين السوريين
وتوفير الحدّ الأدنى من الحماية لهم ؟
اذما وصفنا اردوغان بالاعور الدجال، فأننا لا نبخسه حقّه، وربما نظلم
الاعور الدجال!. ذلك ان اردوغان طاغية، بلبوس ملاك. ويكفي هذا لفهم السلوك والذهنيّة
الطاغوتيّة المرائية الاردوغانيّة. انه يستثمر الاسلام، شرّ استثمار. ويستثمر الدم
السوري، شر استثمار. واعتقد ان ما عجر عنه العمال الكردستاني في كشف وجه اردوغان القبيح
للعالم، نجحت الثورة السورية في كشفه وفضحه. لكنها السياسة. فأذا كان العمال الكردستاني
يحاور أردوغان، وكذا قيادات كرد العراق، فلماذا لا يحاوره كرد سورية!.
كمفهومين سياسيين ( الفيدرالية و الادارة الذاتية الديمقراطية ) للكورد
في سوريا, برأيكم ما هو الجامع بين هذين المفهومين وما هو المتناقض بينهما في الطرح
والممارسة ؟
المناطق الكرديّة في سورية، منفصلة. ومجموع مساحتها ربما تصل 39 الف كليومتر
مربع. صحيح انها اكبر من لبنان بأربع مرات (10000 كم)، إلاّ انها لا تعاني من الصفاء
العرقي. وصحيح ان الكرد هم الغالبيّة، الا ان هنالك الاشوريين والسريان والعرب والارمن
والشاشان. زد على ذلك ان وضعيّة وجود الكرد في المدن الكبرى دمشق وحلب، والتشابك القومي
والديني والاثني المعقّد في هاتين المدنيتين والمدن الاخرى، يحول دون تطبيع وترسيخ
الفيدرالية. وبتقديري، طرح الادارة الذاتيّة الديمقراطيّة، هو الانسب. لكونه، لا يستند
لصبغة قوميّة، بل يعمد على لامركزيّة إداريّة. ولا يستوجب اطلاق اسم ذو منشأ قومي،
على الاقاليم السوريّة، بخلاف الحال في كردستان العراق. اعتقد ان الادارة الذاتية تناسب
غرب كردستان، حتّى اكثر من شمال كرستان، رغم ان العمال الكردستاني، جعل من الادارة
الذاتيّة، سقف مطالبه. فهنالك، يمكن تحقيق الفيدراليّة والحكم الذاتي، كحد أدنى. ذلك
ان الفيدراليّة والحكم الذاتي يعطي سلطات وصلاحيّات للاقاليم اكثر من الادارة الذاتيّة
الديمقراطيّة. هكذا أفهم الامر. وقد اكون مخطئاً!.
الكل يريد تغيير النظام والبعض يريد اسقاط النظام الآن وفوراً, لكن اسرائيل
وأميريكا تريدان سقوط النظام في الزمان والمكان المحددين, فمتى يأتي هذا الزمان والمكان
برأيكم ؟
ريثما يستقر الامر على البديل. وتشتت المعارضة، يعرقل إيجاد البديل. وبالتالي،
وكأنّ هنالك تواطؤ خفي، موضوعي، بين سلوكيّات المعارضة السوريّة وتشتتها، مع النظام
السوري، يساهم في استمرار حمّام الدم الذي تغرق فيه سورية.
الا ترى كلما طال عمر الثورة كلما استنزف الوطن السوري, وكلما استمر النظام
في ساديته كلما كان الحفاظ على الوطن السوري صعب ومستحيل, لا من قبل المعارضة ولا من
قبل النظام فإلى اين تتجه سوريا الوطن؟.
عزيزي، حبّذا، لو تتوخّى الايجاز في طرح الاسئلة على محاوريك، ولا تطويها
على الاجوبة. اكرر، انت متأثّر جدّاً بمقدّمي البرامج في "روج تيفي"!.
بالعودة للإجابة، الثورة الفرنسيّة دامت عشر سنوات. وشابها ما شابها من
مذابح وجرائم وفظائع. ولن تستمرّ الثورة السوريّة هذه المدّة. ولكن، مع الظروف الاقليميّة،
ونجاح النظام في تحشيد الطائفة العلويّة خلفه. وبقاء الدروز والمسيحيين صامتين وقلقين.
ومناصرة تجار دمشق وحلب للنظام، والانخراط غير المرضي للقوى السياسيّة الكرديّة، وتشتت
المعارضة، وتشابك الظروف والمصالح الاقلميّة والدوليّة، كل هذا، يمنح النظام السوري
تفويضاً للاستمرار في وحشيّته. إلاّ ان الثورة ماضية الى الامام رغم كل الآلام. وستكون
شهور هذا الربيع، حاسمة. ولربما لن يرى النظام السوري تباشير العام القادم. انا واثق
من سقوط النظام. وقلق، لما سيجري بعده. ولكن القلق، لا يمنع من الدعوة لاسقاط النظام،
الآن الآن، وليس غداً. كما كتبت في مقالة سابقة.
النزاع تخطى الثورة السلمية في سوريا ويرى البعض بأن التسليح بات ضرورياً
لكي يحمي الشعب السوري نفسه من القتل والبطش وسياسة الابادة ,كيف تقرأون هذه الصورة
؟
حق الحياة تكفله الشرائع السماوية والوضعيّة. وحقّ الدفاع عن النفس والمقاومة
أيضاً. وينطبق الحال على الثوار السوريين. هم مجبرون على حمل السلاح دفاعاً عن النفس.
تماماً اضطر الكرد لحمل السلاح في جنوب وشمال وشرق كردستان، دفاعاً عن النفس. وعجبي
ممن يحللون حمل السلاح في شمال كردستان، دفاعاً عن النفس، ويسمون المناطق التي يتواجد
فيها المقاتلون الكرد "مناطق حق الدفاع المشروع" (ولم اكن مع هذه التسمية،
ذلك ان كل جبال ومدن كردستان هو مكان مشروع للدفاع عن النفس، وليس فقط مناطق قنديل
وزغروس)، ويحرّمون على السوريين حمل السلاح دافعاً عن النفس!، بحجّة الحفاظ على سلميّة
الثورة!!. أي منطق أعوج هذا!؟.
قلتم مرة بأنهم غارقون مع سفينة بشار الأسد حتّى لو كانوا على اليابسة
فمَن هم هؤلاء الغارقون؟
عد للمقال، واقرأه ثانية، ستعرف!.
كلمة منكم للشعب السوري ككل وبالأخص الشعب الكوردي بعد سنة من القتل والدمار
والحرق والتهجير وصمود السوريين في ثورتهم !
من يسير نحو الحريّة، تسير اليه الحريّة. ومن يدير ظهره لها، تدير ظهرها
له. الحريّة أكلافها الافعال وليس الاقوال. وكذا الثورة والثوريّة. الكثير من أغلالنا
التي نمقتها دوماً، هي أوهامنا وجهلنا واحقادنا. فلنقي بها، ولنعانق بعضنا بعمق. انتقادنا
لبعضنا، لا يعني اننا اعداء بعضنا البعض، كما يفهم البعض، ويروّج لذلك. انتقادنا لبعضنا
فيه شفاء لنا من قبائحنا والعيوب. الحريّة تُكتسب وتُمارس وتُنتج، وهي فعل جمعي. آزادي...!.
ما اجمل هذا اللفظ المنعش!. ان الحريّة تقترب، افتحوا لها العقول والقلوب والاحضان.
ولا تنظروا للوراء، إذما كانت الاكلاف غزيرة. يجب ان نتحرر، حتّى تلد نساء السوريين
والكرد أطفالاً أحراراً، لم يتلّوث بصرهم برؤية اوثان واصنام الطغاة، ولن تتلوّث بصيرتهم
بجهلنا وأحقادنا المتوارثة.
يقول أوجلان: من يقاوم، يتحرر. ومن يتحرر، يفقد أغلاله. ومن يفقد أغلاله،
يصبح جميلاً. والجميل، دوماً، يستحقّ المحبّة.
الاستاذ هوشنك أوسي شكرا لكم