زاهر الزبيدي : بين حلبجة والشعبانية .. بداية الأنتصار
.. اليوم في حلبجة لا نقيم عزاءاً للشهداء ولا نقيم مآتم لأولئك الذين لم يعرف لهم قبراً حتى .. اليوم نستحضر الدروس المهمة من كلا الأنتفاضتين لننهض بشعبنا
لاشك بأن
ما جرى في مدينة حلبجة الجريحة سوف لن تتمكن الأيام من محو ذاكرته عن جبين الأنسانية
، فتلك المأساة أختلفت كثيراً على حجم الدمار الذي لحقته حتى الحروب العالمية وما
تركته من آثار واضحة المعنى والدلالات عن حجم المعانات التي رافقت تلك الأحداث
المريرة والتي تجاوزت حدود المنطق العقلي لكل من تابعها وكتب عنها ، فهي بحد ذاتها
ملاحم من المآسي التي عانى منها الشعب الكردي طوال العقود الماضية والأثار المؤلمة
التي تركتها كأرث إنساني مؤلم يضاهي بقوة وجعه أقسى الموجات التترية التي تعرض لها
العالم خلال عقود من الزمن .
فما تجني
الطغمة الحاكمة آنذالك على الأطفال والنساء إلا بداية لأنتصار الأرادة الشعبية في
أمتنا الكبيرة ، الأمة العراقية ، على الأنطلاق نحو أفق واسع وكبير وشحته تلك
المأساة بأبهى صور الشهداء من الأطفال والنساء وعبرت في الوقت ذاته عن بداية
السقوط الحقيقي للنظام السابق ومعبرة بأبهى الصورة عن قوة الثورة الكوردية
وقابليتها الكبيرة الواضحة أستلهام المبادي الأنسانية في مسيرتها نحو تحقيق النجاح
في البناء والأعمار لمدن الأقليم .. في حين لم يتمكن أحد من تحويل مأساة الأنتفاضة
الشعبانية المباركة وما راح ضحيتها من دماء زكية الى واقع عملي مشفوعاً بالبناء
والأعمار والتطور والرقي فقد ظلت مدننا الجنوبية الفيحاء تغط بنوم عميق عن رؤيا
التطور وتحقيق الحياة الكريمة لأحفاد أولئك الشهداء ممن بعثرت أجسادهم في المقابر
الجماعية مع أخوتهم من الكرد الشهداء الذين غطت أجسادهم الشريفة مساحة الوطن ..
نعم .. اليوم نحن شركاء لأن أشلاء شهدائنا ضمتهم ذات المقابر الجماعية على طول
وعرض مساحة الوطن وعلينا أن نفقه بجد معنى المشاركة هذا بعيداً عن التقلبات
السياسية .
حلبجة ..
ليست دلالة على مأساة بل هي أهم دلالة على قوة الشعب وعظم تطلعاته لغد أفضل دائماً
فالقوة الموجهة من قبل قلوب نزع الله منها
الرحمة وجعلها تتخبط وتوغل في عصاينها
أعطى إضافة تأريخية مجيدة لقوة الشعب وإمكانياته المهمة على طريق تغير النظام
البائد .. فأمريكا ليست وحدها من حررت العراق من سلطة النظام الديكتاتوري الجائرة
.. بل هي دماء الكرد في حلبجة ودماء الشهداء من مناظلي الأنتفاضة الشعبانية وشهداء
المحارق والحروب التي زج النظام الديكتاتوري نفسه فيها إرضاءاً لنزعة القتل والدم
التي كانت تسيطر على رموز قيادته البائسة الذليلة حيث ارسلتها دماء الشهداء الى
حيث مكانها الصحيح بعيداً عن أفق الأنسانية .
إنا إذا
نستذكر الشهداء في العراق نقف إجلالاً وإكبار لكل الأطفال والنساء والشيوخ من
ابناء حلبجة والشعب الكردي والشهداء من الأنتفاضة الشعبانية وندين لشهادتهم تلك
بالعرفان لكونها كانت مسامير نعش النظام المقبور وفاتحة عهد جديد عسى الله أن
يؤطره ويشيعه بالتلاحم الكبير يشد بعضنا أزر بعض وندير شؤون وطن الشهداء وطن حلبجة
والشعبانية وكل المناظلين من ابناءهم وكل الشرفاء ممن لم يغمض لهم جفناً وهو
يستفتحون ايامهم من ذلك التأريخ في عام 1988 وحتى 1991 بذلك الحزن الكبيرة والوجع
الدائم على تلك الأجساد الطرية التي نامت على حلم كبير بوطن كبير وشعب واع ومدرك
لعظمة الشهداء ودورهم المهم في صناعة الحياة .
حلبجة
جزءاً من تأريخ لا يمكن أن نستثنيه من تأريخ العراق الحديث .. جزءاً مهماً جداً
فريداً من نوعه في كل ارجاء المعمورة .. علينا أن نحيطه بعنايتنا ونغرقه بالتبصر
والأستذكار وبلا دموع حتى بل بفرح غامر إذ أن حلبجة ليست إلا إنتفاضة شعبية شارك
بها الأطفال بأرواحهم وظلماً إن حسبناها مأساة .. بل إنها بداية الأنتصار أو
الأنتصار كله حتى !
.. اليوم
في حلبجة لا نقيم عزاءاً للشهداء ولا نقيم مآتم لأولئك الذين لم يعرف لهم قبراً
حتى .. اليوم نستحضر الدروس المهمة من كلا الأنتفاضتين لننهض بشعبنا ونلم شتات
وطننا ونقدم للعالم صورة أخرى عن هذا الوطن الذي ابخسنا حقه وحق الرجال من أحفاد
الشهداء حاملي شعلة الثورة على التخلف والجهل .. لنقدم للعالم حلبجة على أنها
مأساة صنعت انتصاراً كبيراً وحررت شعبنا من براثن نظام قل نضيره في العالم اليوم بتجاوزه
على كل الأعراف الدولية . دعونا نقف بشموخ يرضي أرواح شهداء حلبجة والشعبانية
ويزيدهم زهواً كل يوم وهم جناة الخلد يرفلون .
زاهر
الزبيدي
zzubaidi@gmail.com