من مصلحة موسكو أن يرحل الأسد سلمياً
الخميس 15 آذار / مارس 2012, 13:07
كورداونلاين

الحرب الأهلية في سورية طال أمدها، وقد تخلف العديد من الضحايا . وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الرئيس يجب أن يتحمل مسؤولية ما يجري في البلاد ، فعليه أن يضمن الانتقال السلمي للسلطة في أقرب الآجال.
يقول المثل الروسي: "سلام سيء خير من شجار جيد". وهذا ما يمكن قوله اليوم. فبعد أشهر طويلة من المواجهة السياسية في سورية ظهر أخيراً أمل حقيقي بإمكانية تهدئة الوضع في هذا البلد الذي عمت أرجاءه الحرب الأهلية. وجاءت زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى القاهرة ومن ثم إلى نيويورك، لتبين أن موسكو بذلت جهوداً كبيرة من أجل بزوغ مثل هذا الأمل وإيجاد حل سلمي للأزمة.
إن الإتفاق الذي تم التوصل إليه بين الوزير لافروف والجامعة العربية، والذي يتألف من خمس نقاط يمكن أن يعتمد كأساس للحوار بين الرئيس الأسد وخصومه الألداء. واذا قيض لهذا الحوار أن ينطلق، فسيكون ذلك ثمرة لإجماع روسي - عربي - سوري. ووجود إجماع كهذا سيثبت صواب الموقف الروسي رغم أنه تعرض لانتقاد شديد من قبل الغرب، والعالم العربي، على ما قيل أنه انحياز لجانب النظام السوري، ومحاولة تأمين غطاء له.
وخلال النقاش الذي تناول الأزمة السورية تبين أن موسكو تكتسب ، ولو بشكل محدود جدا ، حيزا خاصا بها في منطقة الشرق الأوسط. واستراتيجية روسيا السياسية ليست محاولة من موسكو لاستعادة الموقع الذي كان يشغله الاتحاد السوفيتي في العالم العربي، بل هي محاولة لصوغ نهج سياسي روسي جديد خاص بالشرق الأوسط. ومن المهم الآن بالنسبة للعالم العربي ولروسيا، أن ينطلق الحوار السوري الداخلي، وبأسرع ما يمكن. وهنا ، يتوقف الكثير على الغرب الذي يجب أن يبدي المرونة ويخفف من انتقاداته للنظام في دمشق، فربما كان لذلك تأثير يردع الجزء الراديكالي من المعارضة السورية، ويجعلها أكثر استعدادا للتفاهم مع الآخر. أما إذا لم يحدث ذلك، فإن حربا أهلية طويلة الأمد لن تؤدي إلى فراغ سلطة خطير في سورية، بل وإلى مزيد من التدخل في شؤونها من طرف إيران التي تقف إلى جانب الرئيس الأسد بما لايدع مجالا للشك. إن تشديد النشاط الإيراني في المنطقة يتناقض ومصالح الدول العربية وخاصة الخليجية منها.
وأخيرا، فإن المفاوضات السلمية لا تعني أبدا أن النزاع السوري قد ينتهي نهاية سعيدة ترضي الأسد، وتتيح له الخروج من المأزق ، والاحتفاظ بالسلطة. إن الحرب الأهلية في سورية طال أمدها، وقد تخلف العديد من الضحايا . وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الرئيس يجب أن يتحمل مسؤولية ما يجري في البلاد ، فعليه أن يضمن الانتقال السلمي للسلطة في أقرب الآجال. أما السيناريو الذي يتجاوب ومصالح موسكو، فهو عدم استخدام القوة لإسقاط النظام، بل رحيل الرئيس سلميا لأنه أخفق في إدرة بلده.
المصدر : صحيفة "كوميرسانت"
الكاتب : أليكسي مالاشينكو