الأحد 09 شباط / فبراير 2025, 05:24
فرمز حسين :الربيع العربي أينع كرديا




فرمز حسين :الربيع العربي أينع كرديا
الأحد 11 آذار / مارس 2012, 05:24
كورداونلاين
سورية السجن الكبير لجميع أبنائها بكافة مكوناتها . كان دائما للكرد حظا في سور إضافي ، من القهر والاضطهاد في هذا السجن الكبير، لا لشيء فقط لكونه كردي

فرمز حسين

الهدوء الذي يسبق العاصفة كان مخيما على دمشق ،على الرغم من أن الشوارع كانت مكتظة بالمارة والسيارات على حد سواء. أن تحس بالسكينة على الرغم من الضجة من حولك ذلك يمنح الموقف حقيقية استثنائية. الثورة التونسية كانت للتو قد تفتحت ياسمينها ، وبن علي فهم ورحل مع حقائبه. حسني مبارك ( لم يكن ينوي الترشح لفترة رئاسية جديدة ) قالها الرجل مرات عديدة  بامتعاض وبسحنة تنم عن دهشة وخيبة أمل من جحود المصريين الذي فنى عمرا في خدمتهم. على الرغم من ذلك ، أجبر على التنحي. علي عبدا لله الصالح كان قد بدأ صياحه: فاتكم القطا ر......فاتكم القطار، على الرغم من أن اليمن يفتقد أساسا إلى سكة حديد. القذافي وولده كانا متأكدان من أن ليبيا ليست تونس ولامصر. كان هذا في ذلك اليوم الربيعي من منتصف شهراّذار 2011 من أيام دمشق الجميلة. اللهم لانسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه ، ردد الحاج البدين وهو يناولني صحن النابلسية ، (تفضل عمو، تفضل) .ثم استمر في حديثه مع شاب إلى جانبه ، الذي ظننت بأنه كان ابنه،( مسكوهن يابني والله عم يقولوا في بينهون وحدة ست ما بعرف من بيت الأتاسي، و واحد استاذ جامعة ).

 علمت فيما بعد بأن الرجل كان يقصد السيدة سهير الأتاسي والاستاذ طيب تزيني ، عند مشاركتهم أهالي المعتقلين السياسيين الكرد والعرب في مظاهرة احتجاجية أمام وزارة الداخلية واعتقل على اثرها مجوعة من المشاركين من بينهم السيدة سهير الأتاسي والسيدة هرفين أوسي وأخرون. الإحساس بأن شيء ما سوف يحدث، كان موجودا لدى المواطن السوري العادي ! (لقد سحبوا جميع دفاتر المخالفات من شرطة المرور، يأخي الحكومة مابدها تستفز المواطنين)، هذا ما قاله سائق سيارة الأجرة التي استقلناها بعد تناولنا للنابلسية في محل الحلويات القريب من ساحة المرجة.أنا وصديقي الدمشقي الذي كان يرافقني لم ننبس ببنت شفة. هذا الإحساس استطاع أيضا أن يعبر الأسوار إلى داخل القصر الجمهوري. مستحيل أن يستمر هذا البلد بمعزل عمّا يجري من حوله. على وجه الخصوص مايحدث في البلدان العربية التي تخضع لحكومات مشابهة. حتى الأزمة الاقتصادية العالمية لم تمر من سورية! حسب تصاريح المسؤولين السوريين لكن هذه المرة جاء ت ساعة الصفر، لكن تسلسل سوريا في ثورات الربيع العربي جاء لصالح النظام ، الذي هيأ العدد والعتاد، وحاول الاستفادة من التجارب السابقة . أستطيع أن أجزم بأن هناك كتاب مخبأ في مكان سرّي ، خلّفه قائد الحركة التصحيحية . يلجأ إليه النظام كلما أحس بأن بعض الأمور بحاجة إلى التصحيح، فيأخذ منها صفحة أو اثنتين وبذلك تنفرج الأمور إلى إشعار آخر. للحقيقة وللتاريخ يجب أن لاننسى بأن ربيع انتفاضة الكرامة بدأ كرديا سوريا، وتحديدا من القامشلي المدينة الكردية الوديعة. منذ ثمانية أعوام وتحديدا في 12-آذار 2004 كان قد مضى قرابة العام على سقوط تمثال الطاغية صدام حسين ، في ساحة الفردوس ببغداد. التغييرات التي جرت على الساحة العراقية بشكل عام ، الدور الكردي العراقي المتناسق مع أمريكا ، والتقارب التركي السوري، هذه العوامل كلها أدت إلى ازدياد الغل والحقد على أبناء الشعب الكردي السوري، الذي عانى ومازال يعاني منه الشعب الكردي  الأمرّين على يد السلطة الديكتاتورية من سياسة التمييز العنصرية، التعريب مصادرة الأراضي، التجريد من حق المواطنة ، العمل الممنهج والمدروس على إجبار الكرد للتبعية الاقتصادية ومحاربتهم في لقمة عيشهم . الإسهام الحثيث على محاولة تفتيت النسيج الكردي الاجتماعي و السياسي ، من أجل تشتيت واضعاف الحركة الوطنية الكردية، زرع الشك والريبة بين المواطنين , من خلال وضع بعض ضعاف النفوس والانتهازيين كمخبرين وعواينية، شاملا بذلك جميع نواحي الحياة ،هذا النهج العدواني خلق بيئة معاشية مليئة بالاحتقان. كل هذه الممارسات الشوفينية، لم ترضي سادية النظام ، فأبى الا أن يفتك بالشعب الكردي ظنّا منه أن ذلك سوف يجعله ذليلا مسلوب الإرادة. النظام كان يحس بوحدة الحال مع حكم  صدام المنهارعلى الرغم من العداء التاريخي الذي كان بينهما على مدى عقود طويلة. إحساس نظام البعث السوري بالخوف والهلع من أن ينال مصير صدام، وكابوس وجود الجيب الكردي السوري ، وما يمكن أن يقوم به أكراد سورية ، من دور مماثل لما قام به إخوانهم في كردستان العراق ، قض مضجع بشار وأعوانه. هذه التوجسات التي كانت قد سيطرت على مخيلة السلطة الحاكمة في دمشق، جعلتها متوترة ، متشنجة، مما زادها عنفا وهمجية، والتي تفجرت مع مباراة كرة القدم في القامشلي . لاداعي أن نكرر ما يعرفه الجميع عن ممارسات النظام الوحشية ضد أبناء شعبنا الذي قدم عشرات الشهداء، ومئات الجرحى والآلاف من المعتقلين . لكنه فشل في أن ينال بغيته الحقيقية ، وهو كسر إرادة شعبنا ، على الرغم من الاستمرار في ممارسة أعماله الانتقامية بحق الكرد.

 سورية السجن الكبير لجميع أبنائها بكافة مكوناتها . كان دائما للكرد حظا في سور إضافي ، من القهر والاضطهاد في هذا السجن الكبير، لا لشيء فقط لكونه كردي. لم يتورع النظام من محاولة تأليب الأخوة العرب والمسحيين ضد الكرد. ونظرية المؤامرة، وفلسفة التخوين ، والعروبوية، الخ من الاسطوانة المشروخة. الربيع بدأ من أزقة وأحياء القامشلي ، مرورا بباقي المدن الكردية ، ومناطق التواجد الكردي في عموم سورية وخارخها لتكون انتفاضة كردية عارمة ضد الظلم والطغيان . لقد واجه شعبنا اّلة القمع الأسدية البعثية بمفردهم، لكنهم لم يسكتوا على الضيم. الكرد كانوا ومازالوا في صدارة الثورة السورية ، ضد الديكتاتورية ومع التغيير إلى الديمقراطية والتعددية السياسية والاعتراف الدستوري بحقوق الكرد كثاني أكبر قومية في سورية. إذا حاول البعض التقليل من شأن الدور الكردي في الاشتراك بالحراك السياسي ، فهم واهمون، لأن النظام يحس بالزخم الكردي ويعاني منه ويحسب له ألف حساب وتوج ذلك بمشاركة تنسيقيات الشباب الكرد بفعالية في الثورة  ومدينة عاموده ثاني مدينة لبت نداء أهل درعا والشهيد مشعل التمو أول زعيم سياسي سوري يتم اغتياله في الثورة السورية .

 فالتكاتف الكردي مع المعارضة يساهم بشكل كبير في إضعاف الاحساس بالهيمنة عند السلطة ، وسعيها اليائس لاخماد الثورة. انه مدعاة عز وفخار، أن ينادي شباب عاموده والقامشلي وبصوت واحد:

 واحد .. واحد .. واحد الشعب السوري واحد  و بالروح بالدم نفديك يا درعا يا حمص ويا حماة.

 

 

2012-03-10
-  فرمز حسين : كاتب كردي سوري مقيم  في ستوكهولم

farmaz_hussein@hotmail.com
stockholm-sham.blogspot.com
  twitter   @FarmazHusse

453.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات