ليس هناك تجربة ناجحة بشكل مثالي 100% ومن هنا أرى ان ما يحصل في كوردستان يشبه الى حد كبير أي عملية جراحية تؤدي الى انقاذ او تحسين حياة الانسان لكنها ايضا تخسر نتيجة تلك العملية العديد من الخلايا الصحيحة،
اجرى
الحوار:
صادق المولائي
مسؤول فريق عمل منبر
الإعلام الفيلي
س/ تمخض عن النضال الكوردي الطويل نبتة في ارض
كوردستان ككيان باسم إقليم كوردستان، وهو الكيان الذي يبنى عليه الآمال لمستقبل
القضية الكوردية في الشرق الأوسط برمته، ومازالت هناك قوى كوردستانية من باقي
أجزاء كوردستان تلجئ الى الكفاح المسلح ضد الأنظمة الحاكمة في تلك البلدان، مما
يربك الوضع السياسي والأمني في الإقليم، ماهي تداعيات تلك الحالة على وضع الإقليم
ومستقبل القضية الكوردية بصورة عامة.
ج/ يعتقد الكثير ان
تطور الاحداث في المنطقة ربما سيؤدي الى تغيير آليات النضال وأساليبه من اجل تحقيق
الأهداف بمعنى ان آليات العنف استخدمت في ظروف قاسية لم يكن لها بديل آخر. كما حصل
هنا في جنوب كوردستان مع معظم الأنظمة العراقية التي حكمت، ورغم ذلك كان البارزاني
الخالد ينزع الى السلم والتفاوض مع اشد تلك الانظمة عداوة مع تطلعات الشعب
الكوردستاني حينما يرى بارقة امل لتحقيق الاهداف سلميا.
واعتقد ان ظروف المنطقة وبالذات في كل من
تركيا وسوريا لا يتحمل استخدام آليات عنفية لتحقيق الأهداف فقد تطورت الأمور إلى
مستويات يمكن فيها استخدام الأساليب المدنية والديمقراطية لتحقيق تلك الأهداف
تدريجيا دون أن تحدث إرباكا وتعقيدات ربما تبعدها عن مسارها الأساسي وتعيق تطور الإقليم
بما يحقق الأهداف المرجوة قوميا.
س/ من يمتلك نظرة
حيادية يمكن له أن يقيم حالة التقدم في كوردستان من خلال تقديم الخدمات ومستوى
معيشة الفرد فضلاً عن الحريات وفرقها عن بقية محافظات العراق، ما نسبة التراوح
والاحباطات التي تراها تعيق حالة التقدم؟
ج/ ليس هناك تجربة
ناجحة بشكل مثالي 100% ومن هنا أرى ان ما يحصل في كوردستان يشبه الى حد كبير أي عملية
جراحية تؤدي الى انقاذ او تحسين حياة الانسان لكنها ايضا تخسر نتيجة تلك العملية
العديد من الخلايا الصحيحة، وهنا اقصد تماما ظاهرة الفساد المالي والاداري التي
رافقت عملية تحديث وتغيير الاقليم منذ سنوات ولحد الان واصبحت واحدة من الامور
الخطيرة التي بدأت فعلا الادارة بمتابعتها ومعالجة كثير من ملفاتها. علينا ايضا ان
لا ننسى ما ورثه الاقليم من اشكاليات كبيرة ومعقدة لا يمكن حلها بعدة سنوات قليلة،
وعلينا فعلا الصبر والتأني والحكمة في معالجة كثير من تلك الاشكاليات بما يؤمن لنا
وحدة الصف والامن والسلم الاجتماعيين.
س/ الساسة الترك تبنوا
الحل العسكري للقضية الكوردية في تركيا، مما تُسبب بوقوع خسائر بشرية مستمرة
ومادية تقدر بمئات الملايين من الدولارات، ما الذي يمنع حكومة تركيا من إنفاق تلك
الأموال في مشاريع استثمارية في المناطق الكوردية كجزء من الحل للقضية الكوردية،
وهل يمكن لتركيا حسم القضية عسكريا؟
ج/ اثبتت الوقائع في
كل انحاء العالم المتمدن ان العنف لا يحسم أي قضية بل بالعكس يجعلها اكثر تعقيد،
وفي تركيا ادركت كثير من القيادات التركية ومنظمات المجتمع المدني استحالة حل القضية
الكوردية باستخدام القوة العسكرية التي تدمر الاقتصاد التركي الضعيف، ووقفت في
احيان كثيرة امام مجموعة العسكر والمتطرفين القوميين الاتراك ضد هذا النهج،
وبالذات حينما كانت تبادر القوى الكوردية هناك الى الحل السلمي.
لن تنجح الحكومة التركية في سحق الثورة هناك
باستخدام الجيش والطيران بل على العكس ستثير العالم المتمدن ضدها وستعيق تقدمها
باتجاه الاتحاد الاوربي مما سيبقيها دوما في دوامة التخلف الاقتصادي والاجتماعي
والسياسي.
س/ يعتقد الكثير من
الكورد الفيليين بان هناك تقاعس من قبل حكومة إقليم كوردستان في مساعدتهم للإسراع
بحل المشكلات التي مازالت معلقة، انت ككاتب وصحفي كيف تجد هذه الحالة، الا تسبب
بخسارة أصوات الكورد الفيليين خارج الإقليم مما يؤثر سلبا على القضية، ام ان
القيادة الكوردية السياسية تعتقد انها اليوم في الضفة الآمنة ما عادت بحاجة الى
الكورد خارج الإقليم؟
ج/ هناك دوما طرفان
يتحملان مسؤولية ما حدث ويحدث للكورد الفيليين ولغيرهم من الشرائح الكوردستانية
خارج الاقليم وفي المناطق المستقطعة، وهما بالتأكيد الفعاليات السياسية في كلا
الطرفين.
نعلم جميعا ما حصل للفيليين خلال الحقبة
السوداء التي تعرض فيها الكورد الفيليين لعملية ابادة منظمة كونهم كوردا اولا
وكونهم شيعة ثانيا، وادت تلك الحقبة وتراكم الزمن والتقاعس او عدم الجدية الى
بلورة ولاء مذهبي او ديني تفوق في كثير من المواقف على الولاء القومي مما ادى الى
اتساع البون والمساحة بين الاقليم وفعالياته وبين هذه الشرائح وبالتالي خسارة فرص
مهمة لكلا الطرفين.
لا شك ان المسؤولية الاكبر تقع على الاقليم
بصرف النظر عن نقاط الضعف هنا وهناك في الطرف الاخر، حيث يعتبر الاقليم المرجعية
والملاذ لكل هذه الشرائح التي خسرت الكثير هي الاخرى بسبب تلك الظلال القاتمة التي
تركتها التنافسات السياسية بين الاحزاب سواء في الاقليم او خارجه.