آذار أحزان الكورد , آذار أفراح الكورد , آذار الانكسار والانتصار , آذار أمل الكورد بفرحة كبرى , أمل الإنعتاق والحرية , إنه آذار الذي يأبى أن يخيم الظلام فيه ويسوده , فنراه يزيح الشهر الأسود
آذار هو
ذا الشهر الذي لا يشبه أيامه بعضها بعضاً , شهر تقلب المناخ , عاصفٌ وهادئ , بردٌ
ودفء , صحوٌ ومطر , لا بل شهر طبيعة تناقضات الحياة مجتمعة ..؟.
أما آذار
مركز انبثاق الحضارة وتفجرها , آذار مزوبوتاميا , آذار الكورد وكوردستان , له
تناقضات أخرى إلى جانب مشتركاته في الطبيعة ودلالاتها ورموزها المستنبطة ؟.
إنه آذار
أحزان الكورد , آذار أفراح الكورد , آذار الانكسار والانتصار , آذار أمل الكورد
بفرحة كبرى , أمل الإنعتاق والحرية , إنه آذار الذي يأبى أن يخيم الظلام فيه
ويسوده , فنراه يزيح الشهر الأسود (رش مه ـ Reş meh
) ويقطع سواده بتخليص الشمس ( مهر ـ الرحمة ـ Mêhreyîـ Mêhr) من قبضة إهريمان (Ihrîman) وعفاريته , لتسطع الشمس في السماء متلألئاً
بهياً مشرقاً ومعلناً اليوم الجديد في الواحد والعشرين من آذار , ليبدأ اليوم
الأول من نوروز , يوم رأس السنة الآرية والشهر الكوردي الأول في السنة الجديدة ,
ذاك الشهر الذي يشترك أيامه بين آذار ونيسان ؟.
أجل في
آذار النور انتصر كاوا الحداد على الظالم الشرير أزدهاك ( Ajdehak) مخلصاً النار من قبضة الأشرار , أولائك الذين
كانوا يسوؤون لها و بها الحياة , معيداً إياها للأخيار , موقداً لشعلتها الوضاءة
معلناً اليوم الجديد نوروز وانتصار الأحرار ؟!.
أجل أنه
آذار وما أدراك ما هو آذار , فهو النور والألم والانبعاث , واسمه عند الكورد آذار
وآدار وآفدار ( Azar , Adar , Avdar)
, آذار مشتقٌ من النار ـ آزر ـ آتر ـ آكر ( Azer , Ater ,
Agir) , وحرقة الألم عندما تصيب النفس وأغواره , اجترار الآلام وفي
الكوردية آذار وآذَري ( Azar , Azerî)
, ألامي المجترة في النفس ( Azeryê min)
, ومصدر الحرق هو النار وكما هو النار تجسيد للشمس للنور على الأرض ؟, وآدار
اختصارٌ لآذار و آفدار ( Azar û Avdar )
وكأن آدار يحتضن في لفظه النور وتجسيداته والانبعاث بالماء , فلا حياة من دون ماء
ولا نماء من دون نور ؟, ومن هنا كان آفدار ( Avdar)
شهر نمو الحياة , ( Av + dar) (آف ) ماء و (دار ) تعني الحياة العامرة ,
ودار لاحقة صفة وراء كل شيء مادي ؟, وكما هو الحال في الكوردية لفان ( Van) صفة لاحقة لكل ما هو روحي في معنى الكلمة ,
ودار بمعنى الشجر والأشجار بزينتها واخضرارها رمزٌ لنماء الحياة .
آذار
الكورد شهر الألم والأمل , الألم لجهة فقدان الأحبة والأبطال وما أكثرهم وعلى
رأسهم شهداء قامشلو الأبرار , و ألآمهم لجهة الجور والغبن اللاحق وطمس الوجود وغدر
الإخوان بهم , ورغم كل مآسيهم يبعثون بالأمل والنوروز والنصر والإعتاق , ليس لشيء
سوى أنهم أصحاب اعتزازٍ وكرامة وتجزرٍ في الأرض والحياة ومحبون لها ولخيرها .
آذار
النوروز.. عيد النصر على الأشرار , عيد الفرح والتبشير بسقوط الطغاة وتذكيرهم
بالسالف , ذاك التنين الساذج المتوحش الذي اعتقد أنه أقوى من إرادة الإنسان في
الحياة ومن أجلها , عيد الأمل والنماء والانبعاث , عيد الربيع , عيد النار وإعلانه
للنور , نور الحياة نور العقل ودفء القلب وليس أداة لحرق الحياة , عيد الملائكة
السبعة وتبجيل منهم للخالق الأعظم (خودا
ـ Xweda)
و ربطهم ماضي الحياة بمستقبلها إشارة منهم إلى أزلية النور ؟؟ , وذلك عندما ينزل
/ملك زان/ ملك النماء ( Melek zan , Melek Jîn)
في ليلة الثامن عشر من آذار ليقطع إمتداد شهر رش مه ( Reş meh) ذاك الشهر الذي يحجب النور بغيومه السوداء
الداكنة شهر الرعد والبرق وصراعه مع رحمة الشمس ( Mêhre)
ليبقي الحياة في السبات والصقيع ولكن الشمس لا تحجب بغربال رش مه , حيث نزول ملك
زان في نهاياته لينادي الربيع ويبعث النماء في الحياة ويعلن انتصار الشمس مهره ( Mêhre) في الواحد من نوروز والواحد والعشرين من آذار
وليعلن أسبوعاً كاملاً يمتد من الثامن عشر من آذار إلى الرابع والعشرين منه ,
ثلاثة أيام تحضيراً وإعلاناً وحماساً لفرح اليوم الأعظم والذي به يبدأ الانتقال
إلى الميلاد الجديد وليكتمل فيما يليه نماء الحياة وزهو الربيع , إنه نوروز الفرح
والسرور يتشارك فيه الملائكة السبعة مع الإنسان مؤكدين حتمية انتصار الخير والعدل
على الحقد والشر ....؟.
إدريس
بيران
16/3/2010