الإثنين 10 شباط / فبراير 2025, 00:43
محمد خليفة :النظام السوري , القاعدة , إيران , روسيا , وربما إسرائيل




محمد خليفة :النظام السوري , القاعدة , إيران , روسيا , وربما إسرائيل
الأحد 19 شباط / فبراير 2012, 00:43
كورداونلاين
النظام السوري , القاعدة , إيران , روسيا , وربما إسرائيل ممارسة الشذوذ السياسي السري في أقبح وضعياته

 ماالذي يجمع بين بشار الاسد القرمطي المتطرف , وكل من الظواهري - السلفي السني المتطرف - , ونجاد - الايراني الشيعي المتطرف - , وبوتين الارثوذوكسي الروسي المتطرف - ؟؟ [ وربما يضيف يعضنا إلى هذه المجموعة من الشاذين  نتنياهو اليهودي المتطرف ..!! ]

هل هو التطرف ؟؟

لا بل هو الشذوذ ... السياسي , وربما سواه أيضا من ألوان الشذوذ !

نحن أمام حالة فريدة , قلما تحدث في تاريخ السياسة العالمية , على رغم أنه ليس غريبا على هذا التاريخ إتحافنا بالغرائب والعجائب من حين إلى أخر , ولكن ذلك لا يقلل أبدا أننا حاليا أمام مفارقة نادرة ومثيرة من حالات التحالف الوثيق بين أطراف متضادة , متناقضة , متعارضة في كل شيء , سوى الاتفاق على دعم مملكة بشار الاسد وعرشه , كل واحد منهم لحاجة في نفسه , ولحساب خاص به . والواقع أن تجميع هؤلاء يعود الفضل فيه  لبشار الاسد وأبيه - لا يرحمه الله - , فقد كان نظامهما قادرا بأساليب شيطانية التوقيق بين حلفاء متعارضين في كل شيء , ونسج علاقات بين قوى متنابذة  , يتعذر حشدها في خندق واحد .

وإذا كان حلف وارث العرش السوري مع القيصر الروسي الجديد , والكسروى الفارسي , حلفا رسميا تم تطويبه عالميا واقليميا في أكثر من مناسبة , وتم تسليط الضوء عليه مرارا في الدراسات والابحاث والتقارير الاعلامية , فإن انضمام الشيخ المجاهد أيمن الظواهري إليه هو الجديد والعنصر الاكثر لإثارة والذي يتطلب تسليط الاضواء عليه لإزاحة الدهشة والاثارة عن وجوه من لم يتعودوا على رؤية الغرائب والعجائب في كل ميدان من الواقع اليومي للحياة البشرية , وخاصة في عالم السياسة الدولية , حيث تتماهى في حالات كثيرة مع أفلام الرعب غير الواقعية !!

لنتبع منهج التحقيق الجنائي والقضائي وكذلك التحليل السياسي وأخيرا الصحافي , فكلها تعتمد على ترتيب الأحداث والمؤشرات المتوفرة , لإعادة تركيب السيناريو المحتمل للاحداث وصولا إلى تقديم الدليل والبرهان على صحة الاتهام , توطئة لتحويله إدانة .

  نعم .. إن التطرف هو عنصر تشابه بين أطراف التحالف الخماسي شبه المنحرف , وأضلاعه غير المتساوية , فنجاد متطرف بامتياز سياسيا وطائفيا , وبوتين متطرف الان في ديبلوماسيته الدولية , وخاصة في الشرق الوسط , وفي استئثاره بالحكم داخل بلاده , وبشار الاسد الاكثر وحشية وتطرفا في القتل والديكتاتورية , نتنياهو هو متطرف باعتراف كل من يعرفه بما فيهم اليهود الاسرائيليون , وزعيم القاعدة الظواهري يملك الان مع تنظيمه ماركة دولية واحتكارا للارهاب الأسود في كل مكان , لكن هذا العنصر - التطرف - ليس هو العنصر الأبرز كما قلت , بل هو الشذوذ السياسي الحرام في أعلى وأقبح وضعياته وأنماطه . حيث لا يوجد أي منطق لاجتماع هؤلاء الشاذين في موقع واحد مع بشار الاسد الذي لا يتورع حاليا عن ارتكاب أي محرم او منكر يمكن ان يحمي له عرشه المهدد .

اديولوجية كل واجد من هؤلاء تتناقض بشكل صارخ مع الاخرين , بل كل واحد منهم على حدة , وإلى أقصى الدرجات , لكن الشذوذ الاستثنائي جمعهم في غرفة واحدة مع بشار  .

منذ بداية الثورة السورية الشعبية الراقية جدا بسلميتها ومشروعيتها وأخلاقية هتافاتها وشعاراتها وأهدافها , والنظام يتهمها بالسلفية والتطرف ويدعي أن هناك مجموعات وهابية إرهابية مسلحة جاءت من الخارج وهي التي تشن حربا سرية ضارية على أجهزة الامن والمواطنين في ان واحد , ومع مرور الوقت لم يتمكن أصحاب الإفتراء الزائف تقديم أي قرينة تدعمه وتثبته لا للعالم ولا للمواطنين , سوى بعض الافلام المركبة المثيرة للسخرية على شاكلة الفلم الذي انتجه وليد المعلم وسرق مشاهده من شمال لبنان , ولكنه في الفترة الاخيرة ومع تعاظم الاحتجاجات الدولية وانتقال الأزمة إلى نيويورك ودخولها مرحلة الجد والرصانة  , صار مطلوبا بشكل ماس توفير مادة اكثر إقناعا على المستوى الدولي , وهكذا رأينا تسلسلا لوقائع غريبة ومريبة في فترة واحدة وبتقارب واضح فيما بينها :

أولا - وقعت الانفجارات الثلاثة في كفر سوسة والميدان في دمشق , ثم في حلب , وقد نفذت بطريقة  جعلها تحمل بصمات القاعدة , وخاصة الثالث منها , لتقول للعالم ها هي القاعدة في سوريا تضرب , والهدف أجهزة الامن التي لا يمكن الشك بأنها هي الفاعل الذي يقتل نفسه ليثبت كذبته !! [ أو هكذا يعتقد المخرج السوري للعملية الذي خطط وأخرج ونفذ ] .

ثانيا - بقدرة قادر انتشرت وظهرت أعلام القاعدة السوداء في مناطق عديدة تشهد احتجاجات وتظاهرات شعبية قوية , وسلطة الدولة فيها تراجعت ولكنها لم تتوارى نهائيا . ولا سيما في ريف دمشق والمناطق القريبة منها , وكان ذلك بحسب تقارير الفضائيات الأجنبية صبيحة يوم وصول وزير خارجية روسيا لافروف إلى دمشق , ولا بد ان صورا لهذه الرايات قدمت للضيف برهانا على وجود ممثلة الارهاب السلفي العالمي الشرعية في سوريا وتحاصر العاصمة , ولكن لا لافروف ورئيس المحابرات الروسية المرافق له , ولا بشار الاسد وأجهزته الامنية والفنية أوضحت لنا لماذا لم تظهر تلك الرايات المشبوهة في حمص وحماة وادلب حيث انعدمت تقريبا سلطة الدولة ؟؟؟ ألم يكن أسهل على القاعدة نشر راياتها هناك أكثر من محيط العاصمة .. أم  أن  (المخرج عايز كده)  لأسباب سياسية لا فنية ..؟؟!!

ثالثا - وتلاحقت حلقات المسلسل فظهر علينا شريط فيديو جديد للشخص الاول في تنظيم القاعدة  أيمن الظواهري يتحدث فيه عن سوريا ويدعو جماعته للقتال في سوريا , ولا معنى لشقشقة اللسان هذه سوى أنها خدمة يقدمها الظواهري لبشار الاسد تدعم حجته وروايته وتعزز فريته المزيفة , والدليل أن الثورة السورية تقترب من نهاية عامها الاول , ولم نسمع للظواهري بيانا ولا تصريحا يهاجم النظام ويؤيد الثورة . وهو يعلم بلا شك أنه إذا كان جادا وصادقا في دعم الثورة فالأفضل هو أن يبيعنا صمته , ويسكت . وهو يعلم بنفس القدر أن كلامه في هذا الوقت يخدم النظام ولا يخدم الثورة .

هذه ثلاثة ادلة . وتدعمها قرائن عديدة :

أولها - إن زعماء القاعدة لم بسيق لهم أبدا مهاجمة نظام دمشق , على كثرة مهاجماتهم للأنظمة العربية وذكرها بالاسم بدءا من السعودي ومرورا بالمصري وانتهاء بالمغربي . والاهم انهم لم ينفذوا اية عملية من عملياتهم الكثيرة أيضا في سوريا .

ثانيها - إن القاعدة ضربت في لبنان , وكانت أصابع الاتهام تشير إلى دور ما للمخابرات السورية في تقديم دعم لوجستي وملاذ أمن لبعض قادة القاعدة من فلسطينيي لبنان .

ثالثها - إن الاحتلال الامريكي للعراق أدى لتعاون واسع بين إيران وسوريا مع القاعدة لضرب الاحتلال , وبدا ذلك مؤشرا على تجاوز الاطراف الثلاثة لتناقضاتها المذهبية والاديولوجية والتعاون ضد العدو المشترك , وقد وصل جميع مقاتلي القاعدة للعراق عبر سوريا وإيران حصرا . ويقال أيضا إن إيران وفرت قاعدة خلفية لقادة ومقاتلي القاعدة بعد سقوط طالبان واحتلال أفغانستان بعد (غزوة نيويورك) , ويبدو أن هذه التجارب رسخت ارضية مستقرة للتخالف والتعاون على قاعدة المصلحة  لا على قاعدة المبادىء والاديولوجيا  . وللاسف فالمصالح اقوى من ضرتها دائما !!

رابعها -  إن إحدى زوجات اسامة بن لادن سورية من بانياس وبعض أبناء الشيخ الراحل أقاموا منذ سنوات في سوريا بحماية سلطاتها مكرمين , ولم يتعرضوا لأي مضايقة , وهذه مكرمة ليست من شمائل الاستخبارات السورية , ويذكر أن هناك أبناء أخرين في إيران يقال أحيانا انهم معتقلون وفي اخرى يقال انهم طلقاء احرار   والله أعلم .

خامسها - هناك معلومات عن الاتفاق على التعاون بين القاعدة والاستخبارات السورية بدأ عام 1997 على إثر زيارة صحافي سوري لأفغانستان ولقائه بإبن لادن , وكان مع الصحافي مرافق قام بدور المصور , وهو في الحقيقة ضابط استخبارات سورية . وتمت الصفقة من يومها .

ويمكن أن نضيف إلى هذه الادلة والقرائن أن القاعدة تضررت كثيرا جدا من ( الربيع العربي ) لأن الثورات الشعبية السلمية تنطوي على منهجية نضالية واصلاحية تتناقض تناقضا كليا وعميقا مع منهجية القاعدة العنفية والارهابية . وهي  تبعا لذلك  لا تقل عن الانظمة تضررا من الثورات العربية الشعبية التي قلصت الاهتمام الاعلامي - الصحافي بالقاعدة وعملياتها .

وعلى اي حال نقول لمن يصعب عليه تخيل او تصديق قيام تحالف بين هذه الاطراف المتطرفة والمتناقضة الثلاثة , بل وربما يصابون بجلطة دماغية إذا قلنا لهم أن إسرائيل - نننياهو يمكن أن تكون جزءا من هذا التحالف , ويمكن أن نقول الكثير عن الخدمات المتبادلة بينها وبين أطراف يقفون في مناسبات أخرى في مقدمة أعدائها .. ولكن هكذا هي السياسة .. وهكذا هي الاجهزة الأمنية  ..وهكذا هو الواقع .. ويحفل كل يوم بما يفاجئنا . تذكروا وتأملوا كم وكم وكيف تبادلت اسرائيل وسوريا الاسدية الخدمات والتعاون على مستوى لبنان أو القضية الفلسطينية , وكذلك هو الشأن بالنسبة لإيران , ناهيكم عن روسيا .

هذا كله ليس فيه ما يدهش ويبهر ويثير , أما المثير والمدهش والمبهر فهو طبيعة النظام السوري الامنية التي كانت وما زالت قادرة على حبك هذه التحالفات الشيطانية , وحياكة النقاب لها  ليخفيها تحت كبقة سميكة من شعارات الممانعة والثورية .

 وللعلم فإن أجدد المعلومات المتوفرة لنا عن شيطنات الاستخبارات السورية ومكيافليتها الرفيعة , أنها هي من باع روح عماد مغنية للموساد في عام 2008 لتؤكد استعداد دمشق للتخلي عن حزب الله وإيران , في وقت كانت المفاوضات تجري بضيافة الأتراك , ووساطة الملا رجب طيب اردوغان . ومعلومات أخرى أنها هي التي أرسلت معلومات للاستخبارات الفرنسية في اكتوبر الماضي عن مكان اختفاء معمر القذافي مما سهل للقوات الفرنسية والثوار اللبيين الوصول إليه .. والمعلومات التي قدمتها الاستخبارات السورية للفرنسيين حصلت عليها من خلال الاتصال الهاتفي الاخير الذي أجراه القذافي مع شخص مجهول  في دمشق !!

هل تريدون المزيد : أنا أؤكد لكم أن التعاون الأمني بين الاستخبارات السورية وعدد كبير من الدول العربية والاجنبية ما زال في أحسن أحواله حتى لحظة توقيع هذا المقال .. !!!!

السبت 18 - 2 - 2012

محمد خليفة

548.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات