في إقليم كردستان العراق، بنى السياسيون نمطا من المعارضة أخذ شكلا واضحا ومؤثرا في الانتخابات البرلمانية لعام 2009، حيث تراجعت سيطرة الحزبين الرئيسيين لأول مرة منذ عقود
في إقليم كردستان العراق، بنى السياسيون نمطا من
المعارضة أخذ شكلا واضحا ومؤثرا في الانتخابات البرلمانية لعام 2009، حيث تراجعت سيطرة
الحزبين الرئيسيين لأول مرة منذ عقود، وأصبح بالإمكان الحديث عن تعددية سياسية مرشحة
للتطور وذات معنى.
ويشير المستشار الإعلامي في برلمان الإقليم طارق
جوهر، إلى أن قوى المعارضة حصدت في تلك الانتخابات على ما مجموعه 35 مقعدا من أصل
111، ذهب معظمها لحركة التغيير المعارضة التي حصلت على 25 مقعدا، وعشرة مقاعد للقوى
الإسلامية، منها ستة للاتحاد الإسلامي وأربعة مقاعد للجماعة الإسلامية.
ومقابل ذلك فان الحزبين اللذين يتوليان حكومة الإقليم
ومؤسساته وهما الاتحاد الوطني بزعامة جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني
بزعامة مسعود البارزاني حصلا على 29 مقعدا للأول وثلاثين مقعدا للثاني، في تراجع واضح
عن سيطرتهما المطلقة في جميع الانتخابات السابقة التي سبقت تشكيل حركة التغيير عام
2006.
ويقول طارق جوهر -وهو أيضا عضو بالاتحاد الوطني الكردستاني-
إن هناك 11 مقعدا بالبرلمان منحت بنظام "الكوتا" للتركمان والمسيحيين والأرمن،
مشيدا بالحياة السياسية في الإقليم لا سيما بعد انتخابات 2009 التي مثلت -وفق وصفه-
تطورا مهما في الوعي السياسي لمواطني الإقليم، وعبر عن عدم اتفاقه مع انتقادات تطلقها
قوى المعارضة لاسيما حركة التغيير التي باتت قوة المعارضة الرئيسية في كردستان العراق،
وتتهم فيها ما تسميه "حزبي السلطة" بتهميش الآخرين.
وقال إن تيارات إسلامية وعلمانية وقومية ومستقلة
مختلفة شاركت في حكومة الإقليم منذ عام 2005، كما عبر عن عدم قلقه من صعود قوى المعارضة
قائلا إن ذلك سيدفع الأحزاب التقليدية الحاكمة إلى مراجعة حساباتها وأساليبها وتطوير
عملها للحصول على ثقة السكان قبل انتخابات 2013.
اتهامات بالانفراد
من جانبها لا ترى حركة التغيير التقدم الذي يراه
جوهر، حيث يأخذ عضو برلمان الإقليم عن الحركة عدنان عثمان على الحزبين الحاكمين (الديمقراطي
والاتحاد الوطني) ما يصفه "الأسلوب الانفرادي وغير الديمقراطي وغير المؤسساتي".
ويقول للجزيرة نت إن حركته ستعمل على إزاحة الحزبين عن السلطة في الإقليم بالأسلوب
الديمقراطي, إذا ما واصلا هذا النهج.
ولا تشارك حركة التغيير بالحكومة الحالية، كما أن
مصادر إعلامية قالت إن الحركة رفضت أيضا الدخول في حكومة الإقليم الجديدة التي يتولى
نيجيرفان البرزاني تشكيلها حاليا، وهي وفق قادتها تفضل أن تمارس دور المعارضة، في طريق
قد يفضي بها طبقا لمراقبين إلى الحصول على الأغلبية وتشكيل الحكومة بانتخابات مارس/
آذار 2013.
ويؤكد عثمان أن حركة التغيير تسعى بالأساس لتنفيذ
برامجها "الإصلاحية" ولا تفكر بالانفراد بالسلطة، كما أنه استبعد تشكيل تحالفات
مع بقية قوى المعارضة الأخرى التي تحظى بعدد أقل من المقاعد بالبرلمان، لكنه تحدث عن
"وجهات نظر مشتركة" مع هذه القوى بعدم المشاركة في السلطة، والقناعة بضرورة
الإصلاح.
وتمتد اعتراضات حركة التغيير وفق عثمان إلى شكل علاقة
الإقليم مع العاصمة بغداد وقواها السياسية، فهو يعتقد أن هذه العلاقة يجب أن تخضع لإشراف
برلمان الإقليم وليس حكومته فقط، مشيرا إلى غياب رؤية خاصة بالحضور الكردي في بغداد،
وأن ما هو موجود الآن مجرد "رؤية حزبية" لحزبي التحالف الكردستاني وقادتهما.
ويضيف عضو حركة التغيير بهذا الجانب، أن كلا من البرزاني
والطالباني يتأثران في علاقاتهما ومواقفهما بالعلاقة مع بغداد والسياسيين فيها بعلاقاتهما
وارتباطاتهما الداخلية والإقليمية، وهو يشير هنا إلى أن حركته تقف على مسافة واحدة
من جميع القوى السياسية بالعراق، وحذر من أن هناك ميلا في بغداد للمركزية في الحكم
"والتنصل من الاتفاقات ومواد الدستور".
وحول رؤية حركته لمستقبل العلاقة بين الإقليم والعراق،
كان عثمان أكثر وضوحا فيما يتصل بهدف إنشاء (دولة كردية) قائلا إن المصالح المباشرة
للأكراد اليوم هي الوجود ضمن عراق فدرالي ، لكن الاتجاه الإستراتيجي للوضع الكردي بالمنطقة
وفق قوله "يسير ببطء إلى إيجاد دولة كردية على الأقل بين أكراد العراق وتركيا".
لقاء مكي-أربيل
المصدر: الجزيرة