الإربعاء 09 تمّوز / يوليو 2025, 22:34
لنؤهل الشباب في حركتنا السياسية لحمل الأمانة مستقبلاً




لنؤهل الشباب في حركتنا السياسية لحمل الأمانة مستقبلاً
السبت 21 كانون الثّاني / يناير 2012, 22:34
كورداونلاين
إن المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا، إذ يطلق نداءه هذا لاعادة برمجة العقلية السياسية – الاجتماعية – الثقافية في مجتمعنا الكوردي، أو تطوير برمجة هذه العقلية

لنؤهل الشباب في حركتنا السياسية

لحمل الأمانة مستقبلاً

‏20‏ كانون الثاني‏، 2012

الحضارة الإنسانية في تقدم نحو الأمام، وهي ليست حركة ارتجاعية، على الرغم من أن جذورها تمتد إلى أعماق التاريخ البشري، وشاركت في بناء صرحها الشامخ وتطورها وتعميقها، مختلف شعوب الأرض قاطبة، بتفاوتٍ طبيعي بحكم الظروف المختلفة التي عاشت فيها، أولا تزال تعيش فيها هذه الشعوب. والحضارة الإنسانية متنوعة العناصر، منها الاساسية كالثقافة، ومنها الاضطرارية كالحروب الدفاعية التي تستهدف حماية مجموعة أو مجموعات بشرية، كما منها المادية – العلمية كالتقدم التقني، ولذلك فإن من يريد لشعبه الاستمرار في مساهماته الإيجابية في تعزيز البناء الحضاري، عليه أن لايهمل بأي شكلٍ من الأشكال مختلف العناصر والأسباب التي تقوم عليها الحضارة الإنسانية، وتلك الروابط القوية بين الخاص الوطني والقومي وبين العام الكلي والإنساني، بين الاقليمي والدولي، في سائر أوجه الحياة الحضارية. بمعنى أن يأخذ الاعتبارات الحضارية وأسباب التطور نحو الأرقى والأفضل مأخذ الجد، ولا ينظر إلى قضاياه السياسية أو الاجتماعية من نظرة ركودية، جامدة، وغير قابلة للتأقلم مع الجديد.

 

نحن الكورد، الذين حاولت القضاء على وجودهم القومي سائر القوى الغازية والمحتلة لأرضنا التي نعيش عليها منذ القرون الأولى لولادة الحضارة الإنسانية، ما كنا لنبقى، رغم خلافاتنا وتحاربنا الداخلي المزمن تاريخياً كالمرض العضال، لولا قدرتنا على مجابهة التحديات المتتالية التي أفرزتها الغزوات الكبرى من مختلف الجهات، فقد انقرضت شعوب مجاورة لنا، ومنها من تم إزالتها بالقوة، ومنها ما تبدل ثقافياً ولغوياً، بحيث فقدت شخصيتها القومية بشكل نهائي. وقدرتنا على قبول التحدي وانجاز الانتصار على سائر أشكال الغزو الهمجي، لم تاتِ فقط من كوننا نعيش في منطقة جبلية وعرة، أو أننا المحصل النهائي لمجموع تلك الشعوب "الشجاعة" لجبال زاغروس، حسب الدراسات التاريخية الجادة، وإنما لقدرة تمكن قادتنا وزعمائنا، عبر العصور، من التأقلم مع مستجدات التغييرات الطارئة على الحضارة الإنسانية، وكذلك مع التطورالحادث على الدوام في عالم التقنية العسكرية، ويمكن إيضاح هذا بمثال واحد. فقد كان "الكوردوخ" الجبليون في تصديهم للعشرة آلاف مرتزقة من اليونان الذين عبروا بلادهم عنوة بقيادة المؤرخ العسكري اكزينوفون، قبل الميلاد، يستخدمون "المقلاع" و"أقواس النشاب" في مقاومتهم، وتحولوا أثناء الغزوات المغولية والتتارية من ناحية الشرق، والهجمات الدموية للصليبيين من ناحية الغرب، على بلادهم، إلى بناة للقلاع ومربين للخيول الحربية، حتى سماهم مؤرخ أرمني ب"فرسان الشرق"، وشرعوا يستخدمون بندقية "البورنو" أثناء ثوراتهم حتى هزيمتهم الكبرى في عام 1975 ، وها هم يستخدمون اليوم أرقى أنواع التقنيات الضرورية لصد الهجوم عن أرضهم إن اقتضى الأمر ذلك، في حين أن شعوباً من عمر الشعب الكوردي، لاتزال حتى اليوم، في ذات المرحلة القديمة من مقاومتها للأعداء المغتصبين، بالقوس والنشاب...

 

أي أن التأقلم المستمر مع المستجدات المتشعبة والمختلفة هو الذي يحدد مصيرٍ شعبٍ من الشعوب، إضافة إلى نشوء ظروف موضوعية وذاتية عديدة، وليس "الشجاعة" و"الصبر على الشدائد" فقط.

 

وحيث أن الحروب والسياسة ممتزجتان بقوة وعمق، على مختلف المستويات، فإننا مدينون في بقائنا على وجه الأرض كأمة حية وقادرة على الإنجاب والانتاج لمدى قدرة "السياسة الكوردية" على تفهم الجديد، على مستوى التوازنات الدولية، والتقاربات الاقليمية، وعلى التدريب الذاتي المستمر للتناسب مع حجم المسؤولية التاريخية الملقاة على حراكنا السياسي– الثقافي، في مواكبتنا للعصر الحديث بكل تعقيداته المادية والتقنية ومشاكله التموينية والمالية، الاجتماعية والبيئية، وتعاظم قواه التدميرية.    

 

وعليه، فإن السياسة الكوردية، غيرالقادرة على إنجازالارتفاع بمستوياتها وامكاناتها، والتي لاتملك مشاريع جادة للمستقبل القومي في عصرٍ تعصف به كل يومٍ رياح التغيير الكبير، ستؤدي بشعبنا الكوردي وقضيته القومية الكبرى وبنفسها إلى ركودٍ وذبولٍ يؤديان مع الأيام إلى الانزواء والاحتضار، وموت الشيخوخة بالتأكيد.

 

نلاحظ في المجتمعات الأوروبية ذات النسبة العالية من المواطنين المسنين أن الشباب رغم قلتهم هم الذين يتواجدون في المفاصل الأساسية للاقتصاد والسياسة وسائر مناحي الحياة العامة لهذه البلدان المتقدمة، وذلك لأن الشباب هم الذين سيضمنون المستقبل الاقتصادي والسياسي لهذه المجتمعات وسيحملون المسؤولية العليا فيها، في الوقت الذي سيختفي المسنون من اللوحة السياسية والإدارية لبلدانهم. وهؤلاء الشباب حملة شهادات علمية ويخضعون على الدوام للعديد من الدورات التدريبية، العملية، التي تؤهلهم لقيادة سياسة بلدانهم على مستوياتٍ مختلفة ولادارة مصانعهم ومطاراتهم وسفنهم وجامعاتهم وسواها.

 

وعليه، يجب أن نتعلم نحن الكورد أيضاً كيفية "نقل المسؤولية" بعد أن تعلمنا تحملها، عبر مراحل النضال المختلفة وتجاربنا الشخصية، بتفاوتٍ فيما بيننا من حيث المستويات التي خضنا فيها نضالاتنا.

 

علينا جميعاً، نحن الذين عملنا بشكلٍ أو بآخر، في التظيم السياسي الكوردي أو خارجه، من أجل قضيتنا المباركة، قضية تحرير الشعب الكوردي من الظلم والقهر، ودفع العدوان عنه، أن نهيء أنفسنا لافساح المجال أمام الشباب الكوردي ليتولى هو بنفسه مهام التنظيم وترتيب البيت السياسي من جديد، حسب متطلبات المستقبل، وليس على ذات الأنغام الكلاسيكية الرتيبة التي لاتتناسب وتطلعاتهم الفتية ورؤاهم الأشد عمقاً في موضوعات الحرية الشخصية والانغماس في عالم العولمة، دون تضييع الشخصية الكوردية الثابتة في عناصرها الروحية والثقافية واسسها الإنسانية الاجتماعية الجيدة، وهذا يعني إفساح مزيدٍ من المجال في التركيبة التنظيمية للحياة السياسية الكوردية أمام العناصر الشابة، رجالاً أو نساءً، لتطور خبراتها وتحسن أداءها من خلال المساهمات العملية في الحياة السياسية، لا أن نتشبث بما نراه حقاً لنا بذريعة "الأقدمية في الخبرات والتنظيم!" أو لأن بعضنا يصعب عليه التنازل عن مقعده الوثير في الطوابق العليا للحركة السياسية الكوردية.

 

من ناحية أخرى، فإن على حراكنا السياسي – الثقافي في غرب كوردستان، تقوية روح "الاختلاف في الرأي" على أساس الاحترام التام للتنوع الفكري، العقيدي، والسياسي ضمن المجتمع الكوردي، الذي لن يقبل بعد اليوم، في كل الأحوال، أي محاولة لطبع الناس جميعاً بطابع واحد، أو إخضاعهم عن طريق انتهاج تربية معينة لأفكار زعيم معين من الزعماء، أو فرض آيديولوجية ما على كل شعبنا، كما يحاول البعض مع الأسف، دون إدراك بأن عهد سيادة الآيديولوجيات قد ولى وبدأ عهد التنوع والاختلاف المثمر منذ أمدٍ طويل. فإذا لم يكن هناك "إكراه في الدين" فكيف سيقبل الناس إكراههم على اعتناق آيديولوجية ما، أو السير وراء دكتاتور مستبدٍ بعقولهم، بعد أن ضحوا بدمائهم الزكية للتخلص من دكتاتورية سابقة؟

 

النقطة الأخرى التي تستحق منا الوقوف عندها، هي الانفتاح الشعوري والذهني والأخلاقي على ما وراء أسوارنا التي نشأت وعشعشت في عقولنا وأفئدتنا، عبر العصور، والنظر إلى سائر أنحاء هذا الكوكب المدهش الذي نعيش عليه، وقبوله كما هو، والسعي لقبول الآخرين المختلفين خارج مجتمعنا الكوردي كما هم عليه، ومنحهم ذات الحرية التي نراها حقاً لنا، للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وممارسة حقهم الطبيعي في عباداتهم وعرض تصوراتهم عن الحياة والكون، دون احتقار أو إذلال أو إنقاص لهم، فالإنسان مخلوق ذو كرامة، لايحق لأحد سلبها منه، وهو حر فيما يعتقده فهو ليس بعبدٍ تفرض عليه العقائد والأفكار رغماً عنه، وعليه نقول بأن وعي "الانفتاح" هو الطريق الأمثل لبناء الشخصية الكوردية الكونية، إذ لا مستقبل للإنعزالية القروية في عالمنا الحديث هذا.

 

إن المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا، إذ يطلق نداءه هذا لاعادة برمجة العقلية السياسية – الاجتماعية – الثقافية في مجتمعنا الكوردي، أو تطوير برمجة هذه العقلية، فإنه يتوجه إلى مختلف شرائح حراكنا السياسي – الثقافي، والديني – الاجتماعي، أن تأخذ هذه الأسس التي تطرقنا إليها بعين الجدية والمسؤولية، لأن مستقبل شعبنا الكوردي في غرب كوردستان، بل مستقبل أمتنا الكوردستانية، متعلق بها بشكل تام.

 

المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا

530.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات