وحدة الموقف الكوردي ضرورة تاريخية : المجلس الوطني الكوردستاني - سوريا
في خضم الأحداث السورية الجسيمة، يتساءل المراقبون السياسيون عن دور الكورد،
الذين يشكلون ثاني أهم مكون قومي في البلاد، وعن دور حركتهم السياسية التي لها ردحٌ
طويلٌ من الزمن في صراعها السياسي مع النظام الأسدي – البعثي. وتأتي الأجوبة مختلفة
عن هكذا سؤال ومتناقضة أحياناً، على الرغم من أن الوضوح السياسي في هذه المرحلة ضرورة
قومية وتاريخية، لأن الشعب الكوردي خاصة، والشعب السوري بمعارضته الواسعة الطيف عموماً،
يريدان قراءة موقفٍ كوردي ظاهرٍ للعيان ونسج العلاقات على أساسه. ونعني بذلك الموقف
الكوردي من الثورة السورية الكبرى، قبل أي شيء آخر.
هل الكورد مع رفع شعارات مثل "اسقاط النظام برمته"، و
"لا حوار مع القتلة الأسديين" و "لنرفع الملف السوري إلى المجتمع الدولي"
و "نطلب الحماية الدولية للشعب السوري" و"لابد من التدخل الخارجي"...و"فشل
الجامعة العربية يخدم النظام"...؟ ومع الأسف سنجد مواقف مختلفة لدى أطراف الحراك
السياسي – الثقافي الكوردي، حتى ضمن التحالف الواحد أو المجلس الواحد. وهذا يزيد من
مشاكل التلاقي مع بعض أطراف المعارضة السورية غير الكوردية لأن هذه الشعارات تعتبر
في نظر بعضها ذات أولوية تاريخية مصيرية، في حين أن بعضها الآخر يحاول إيجاد تفسيراتٍ
وتأويلاتٍ تناسب أفكارها وبرامجها وامكاناتها على أرض الواقع السوري وكذلك علاقاتها
الداخلية والخارجية.
من ناحيةٍ أخرى، فإن عدم وجود موقف كوردي موحد بصدد القضية القومية للشعب
الكوردي في سوريا يفسح المجال لبعض المعارضين السوريين للقول بأن الكورد غير متفقين
على تحديد هدفهم القومي، ولذلك لايمكن الاعتراف بتلك الحقوق بالشكل المأمول، ومنهم
من يتخذ ذلك ذريعةً للتهرب من مسؤوليته الوطنية تجاه المكون القومي الكوردي الذي قدم
على الدوام تضحيات كبيرة من أجل هذا الوطن المشترك منذ العصر الأيوبي وإلى يومنا هذا.
لذا لابد من الوصول إلى نقاط اتفاق مشتركة بين سائر الفصائل الكوردية
أو أغلبها بصدد قضيتها القومية في سوريا، وتقديم ذلك الاتفاق كأساس للانتماء إلى أي
هيئة أو مجلس أو تحالف سوري وطني، وليس الارتماء في أحضانها على انفراد أو في مجموعات
منفلتة أو كممثليات لبعض الأحزاب دون سواها، كما هو حال الكورد اليوم في كل من هيئة
التنسيق الوطني والمجلس الوطني السوري، مع الاسف، حتى صار بعضنا قرشياً أكثر من قريش
كما يقول المثل العربي.
وعليه، فإن المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا، الذي يدعو إلى تبني استراتيجية
قومية ووطنية محددة بشكل يليق بالحراك السياسي – الثقافي الكوردي في البلاد، يثمن المواقف
التي أبدتها قيادات بعض الأحزاب الكوردية حول ضرورة الانسحاب المؤقت من كل التكتلات
السورية الحالية، أفراداً وأحزاباً، ومن ثم الانضمام إليها كممثلية كوردية مشتركة وثابتة
الموقف، وعلى وضوح وتبيان بصدد القضية القومية للشعب الكوردي، إضافة إلى وضع أولويات
النضال الوطني السوري، على أساس المساهمة الكوردية في الثورة الشعبية السلمية ذات الأهداف
الناصعة في اقامة مجتمع سوري حديث يضم سائر المكونات الاقنية والدينية ويضمن حقوقها
جميعاً، دون إفراط أو تفريط، وعلى أساس وحدة البلاد وصون حقوق الأقليات القومية والدينية
دون استثناء.
إن المجلس الوطني الكوردستاني – سوريا إذ يقيم مثل هذه الدعوات المطالبة
بتوحيد الموقف الكوردي قبل الانغماس في تكتلات قد تستغل ضعف وحدة الصف الكوردي، يرى
نفسه ملزماً، كما كان منذ بداية انطلاقته قبل أعوام، بالدفاع عن حق الشعب الكوردي في
الحصول على "فيدرالية قومية" ضمن الوحدة الوطنية السورية، كما يرى نفسه جزءاً
من حركة الشعب السوري في سبيل الانتهاء من عصر الدكتاتورية والانتقال الحاسم والجذري
إلى عصر الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان، ويرى أن تحقيق ذلك لايتم إلا عن طريق
العمل المشترك بين جميع مكونات الشعب السوري وتيارات المعارضة المؤمنة بالديموقراطية
والتشارك العملي والفعلي في دفع الثورة السلمية إلى الأمام ومن بعد نجاحها في إدارة
البلاد وفي توزيع ثرواتها توزيعاً عادلاً، وتحمل المسؤوليات الكبرى معاً صوب تحقيق
الأهداف المشتركة لشعبنا السوري في العدالة الاجتماعية والتعايش القومي والديني في
سوريا الحرة والحديثة.
10 كانون الثاني، 2012
المجلس الوطني الكوردستاني - سوريا