وجهت المعارضة السورية انتقادات حادة الى عمل بعثة المراقبين العرب
في سوريا واتهمتها ب"التغطية على جرائم النظام السوري"، وذلك غداة قرار اللجنة
الوزارية العربية مواصلة مهمة المراقبين وطلب تقديم الدعم لها واعطائها الوقت الكافي
لانجاز مهامها.
ودعت تركيا التي طالبت مرارا برحيل الرئيس السوري بشار الاسد، المعارضة
السورية الى مواصلة مقاومتها النظام "بوسائل سلمية" وذلك بعد لقاء مع المجلس
الوطني السوري، ابرز مجموعة معارضة.
من جانبه، دعا البابا بنديكتوس السادس عشر الى فتح "حوار مثمر"
في سوريا "يشجعه وجود مراقبين مستقلين". وكرر دعوته الى "وقف سريع لاراقة
الدماء" في هذا البلد حيث اوقعت اعمال القمع اكثر من خمسة الاف قتيل منذ 15 اذار/مارس
بحسب الامم المتحدة.
وقالت جماعة الاخوان المسلمين في بيان يحمل عنوان "بعثتهم
لم تعد تعنينا"، انه "غدا واضحا سعي بعثة المراقبين العرب الى التغطية على
جرائم النظام السوري، ومنحه المزيد من الوقت والفرص لقتل شعبنا وكسر ارادته"،
متهمة البعثة ب"حماية هذا النظام من أي موقف جاد للمجتمع الدولي".
وندد البيان الذي يحمل توقيع زهير سالم الناطق الرسمي باسم جماعة
الاخوان المسلمين ب"استرسال الأمانة العربية للجامعة العربية في استرضاء النظام
السوري حتى قبل استقبال بعثة المراقبين العرب"، مذكرا ب"شرط وزير الخارجية
السوري وليد المعلم الذي جاهر به في مؤتمر صحافي تحت سمع الجامعة العربية وبصرها (قائلا)
ان توقيعنا على البروتوكول لا يعني قبولنا بالمبادرة العربية".
وتابع انه بعد ذلك "لم يعد غريبا ولا مفاجئا أن تخرج علينا
بعثة المراقبين العرب بتقريرها الذي خلا من اي اشارة الى مسؤولية النظام عن قتل آلاف
السوريين، بمن فيهم مئات الأطفال، وبما في ذلك مسؤولية ذلك النظام عن عجز أولياء الأمور
عن دفن جثث قتلاهم".
كما اتهم بعثة المراقبين العرب بانها "تساوي بين الضحية والجلاد،
وتوازي بين آلة القتل الرسمية بيد الوحدات العسكرية النظامية وغير النظامية بدباباتها
ومدفعيتها وصواريخها، وبين عمليات فردية للدفاع عن النفس، أقرتها قوانين الأرض وشرائع
السماء".
وتابع البيان "اننا في جماعة الاخوان المسلمين في سورية، نؤكد
للرأي العام الوطني، وللجامعة العربية، وفي ضوء تقرير بعثتها المنحاز للنظام القاتل
المستبد: ان أمر بعثتكم هذه لم يعد يعنينا".
من جهتها وجهت الهيئة العامة للثورة السورية نداء الى الامين العام
للجامعة العربية نبيل العربي والى الوزراء العرب "نعت" فيه مبادرة الجامعة
العربية لحل الازمة في سوريا ودعت الى احالة الملف السوري الى مجلس الامن.
وجاء في هذا النداء "اننا في الهيئة العامة للثورة السورية
اذ لم نلاحظ انخفاضا في اعداد شهدائنا ولا في مستوى عنف النظام منذ زيارة لجنتكم لسوريا
فاننا ننعي لكم و للعالم أجمع مبادرة الجامعة العربية بعدما عجزت لجنتها عن وضع الامور
في نصابها وتسميتها بمسمياتها الحقيقية".
واضاف النداء "نذكركم بان اي مبادرة تدعو للحوار مع نظام الاجرام
والارهاب القابع على صدور الشعب السوري والموغل في دمائه ولا تتضمن الاعتراف الصريح
بعدم شرعيته وسقوطه هي مبادرة لا تحقق مطالب الشعب السوري ولا تنصفه".
وطالبت الهيئة العامة اخيرا الجامعة العربية ب"اعلان فشل"
المبادرة العربية و"تحويل الملف السوري الى مجلس الامن لياخذ القانون الدولي مجراه
في حماية المدنيين".
واعتبر مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن في تصريح
لفرانس برس ان "وجود المراقبين بالشكل والطريقة الموجودين فيها حاليا هو خدمة
للنظام السوري".
وكان المراقبون بدأوا مهمتهم في 26 كانون الاول/ديسمبر الماضي في
دمشق بينما وصل آخر وفود المراقبين السبت قادما من الاردن لمراقبة تطبيق الخطة العربية
للخروج من الازمة التي تنص على وقف العنف.
واعتبرت اللجنة الوزارية العربية المكلفة الملف السوري في ختام
اجتماع لها في القاهرة مساء الاحد، ان الحكومة السورية نفذت "جزئيا" التزاماتها
للجامعة العربية، ورات ان استمرار عمل بعثة المراقبين العرب "مرهون بتنفيذ الحكومة
السورية الفوري" لتعهداتها.
وكان مصدر دبلوماسي عربي اطلع على التقرير الذي قدمه الفريق السوداني
محمد احمد مصطفى الدابي رئيس بعثة المراقبين العرب الى اللجنة العربية، افاد ان هذا
التقرير يدعو الى مواصلة عمل البعثة ويشير الى "مضايقات" حصلت من قبل النظام
والمعارضة على حد سواء.
وجاء في التقرير حسب المصدر نفسه ان مراقبي البعثة "تجولوا
في معظم المناطق السورية وان هناك مضايقات تعرضوا لها من قبل الحكومة السورية ومن قبل
المعارضة وان كل طرف يريد ان يقنع البعثة بانه على حق وان هناك انتهاكات من الطرف الاخر".
الا ان التقرير اشار ايضا الى "ان هناك صورا لأليات عسكرية
على اطراف المدن ولتظاهرات يطلق فيها الرصاص، اضافة الى صور لقتلى وانتهاكات مستمرة
فى مجال حقوق الانسان".
وهاجمت صحيفة "تشرين" الحكومية السورية وزير الخارجية
القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الذي يرئس اللجنة الوزارية العربية واتهمته بالسعي
الى "اعاقة" مهمة المراقبين.
وكتبت تشرين ان "ما قاله أمس اعلاميا وما مارسه من ضغوط في
اجتماع اللجنة الوزارية، يخرجان من خانة التدخل في الشؤون الداخلية لدولة كسورية، ليدخل
في دائرة إعلان الحرب الشاملة على مختلف فئات وشرائح الشعب السوري".
وكان الشيخ حمد اعلن الاحد بعد تلاوة البيان الختامي ان "اجتماعا
سيعقد للجنة العربية ومجلس وزراء الخارجية العرب لمناقشة تقرير المراقبين يوم 19 أو
20 كانون الثاني/يناير".
وتابع "لن نعطي مزيدا من المهل، أول تقرير يأتي إلينا ولم
يحدث موقف سيكون لدينا موقف". واضاف الشيخ حمد "ما زلنا نأمل أن تتمكن البعثة
العربية من أن توفق في عملها، وهذا يتوقف على الحكومة السورية من خلال وقف القتل وسحب
الأليات من المدن والسماح للاعلام بالعمل والدخول الى الاراضي السورية".
وقال "أنادي الحكومة السورية بوقف القتل ووقف الاعتقال"،
مضيفا "نرجو ان يكون للقيادة السورية قرار تاريخي تلبية لتطلعات الشعب السوري"،
من دون ان يفصح عن ماهية هذا القرار.
ميدانيا، اسفرت اعمال القمع الاثنين عن مقتل ثلاثة مدنيين برصاص
قوات الامن السورية، واحد في حماه (وسط) وواحد قرب دمشق وامراة في ادلب في شمال غرب
البلاد، كما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال المرصد ايضا ان الدبابات "لا تزال تنتشر في ريف حماة
الشمالي على الحواجز بين الحواش وقرية قسطون التي يتواجد فيها 12 دبابة وناقلة جند
مدرعة والمطلوب من لجنة المراقبين العرب التوجه الى المنطقة فورا من اجل تسجيل هذا
الانتهاك لبروتوكول الجامعة العربية".
من جانب اخر، قام وزير الدفاع السوري العماد داود راجحة الاحد بزيارة
الاسطول الحربي الروسي الذي وصل الاحد الى قاعدة طرطوس البحرية، كما افادت وكالة الانباء
السورية الرسمية (سانا).
وفي كلمة له، نوه العماد راجحة ب"مواقف روسيا المشرفة إلى
جانب سورية في هذه المرحلة مؤكدا ثقته بصلابة هذه المواقف في وجه المؤامرة التي تتعرض
لها سورية"، كما قالت الوكالة.
وترفض روسيا رفضا قاطعا اي تدخل في الازمة السورية واستخدمت حق
النقض في تشرين الاول/اكتوبر ضد مشروع قرار في مجلس الامن ينص على امكانية فرض حظر
على تسليم الاسلحة الى سوريا.
( ا ف ب )