المباحثات الأخيرة التي أجراها زعماء أكراد العراق مع الإدارة الأميركية في واشنطن، ومع الدبلوماسيين الأميركيين الذين زاروا أربيل والسليمانية مؤخرا أفضت الى قناعة أميركية بالاتجاه نحو إعلان استقلال كردستان
في تطور لافت للانتباه، صرح مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان، بأنهم
(أي الحكومة الكردية في أربيل) يتهيأون الآن لعقد مؤتمر ممثلي شعب كردستان في أجزائه
الأربعة. أي سيحضره ممثلون عن أكراد إيران وتركيا وسوريا، إضافة إلى العراق، وهي البلدان
الأربعة التي تضم أكرادا يطمح زعماؤهم إلى إقامة الدولة الكردية الكبرى، التي أصبح
التثقيف بها جزءا من سياسة وثقافة إقليم كردستان العراق، الذي يطلقون عليه مسمى (الإقليم
الجنوبي)، حسب خريطة تلك الدولة الموعودة والمعلقة في مكاتبهم وخلفها ينزوي العلم العراقي
صغيرا خجلا وراء العلم الكردي ذي الشمس الساطعة.
ولأول مرة يخرج الأكراد العراقيون عن حذرهم وخشيتهم من أن يكون مثل هذا
المؤتمر أو غيره، مثيرا لحساسيات الدول الثلاث الأخرى وبالأخص تركيا وإيران.
غير أن مصادر القبس قالت إن القادة الأكراد العراقيين أصبح أمامهم الضوء
الأخضر من أميركا ومن دول أخرى تدعمهم في مشروع بناء الدولة الكردية، وفي مقدمتها فرنسا
وبريطانيا واسرائيل حسب تقارير كثيرة تؤكد ذلك. كما أنهم وبناء على الوعود الدولية
التي حظوا بها باتوا يستفيدون فائدة كبرى من أخطاء الساسة العراقيين وتدهور الأوضاع
في أجزاء العراق الأخرى واستمرار الصراع الطائفي فيها، ما يوفر لهم مبررات كثيرة لتعزيز
طموحاتهم بدولة مستقلة عن العراق المحترق.
وحسب تلك المصادر فإن المباحثات الأخيرة التي أجراها زعماء أكراد العراق
مع الإدارة الأميركية في واشنطن، ومع الدبلوماسيين الأميركيين الذين زاروا أربيل والسليمانية
مؤخرا أفضت الى قناعة أميركية بالاتجاه نحو إعلان استقلال كردستان، ولكن بصورة تدريجية
حذرة غير متسرعة، لئلا يثيروا معارضة عراقية وعربية وإقليمية مبكرة تحرج واشنطن.
كما انطوت تلك القناعة (الأميركية الأوروبية الكردية) أيضا على ضرورة
أن ينتزع الأكراد أولا مدينة كركوك وبعض المناطق التي يطلق عليها وصف (المناطق المتنازع
عليها)، والغنية بالنفط لتصبح القاعدة الاقتصادية القوية لكردستان وللاقتصاد العالمي.
وأضافت تلك المصادر: لو لم يكن قد حصل الأكراد على الضوء الأخضر الأميركي بعقد مؤتمر
ممثلي الأجزاء الأربعة دون ردود فعل تركية وإيرانية وسورية، وما انطوت عليه زيارة بايدن
الأخيرة لكل من أربيل وأنقرة لما أعلنوا عن مؤتمرهم هذا.
وقد شهد إقليم كردستان في الآونة الأخيرة حضورا كثيفا لمعارضين أكراد
من سوريا ومن ايران ومن تركيا، يمثلون احزابا ومجموعات ناشطة هنا وهناك فيما سبق ذلك
انعقاد عدة مؤتمرات للأكراد في اوروبا ودول أخرى.
زهير الدجيلي
عن " القبس " الكويتية