يحتفل العالم اليوم بالذكرى الثالثة والستين للإعلان العالمي لحقوق
الإنسان، الذي أصدرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة في العاشر من كانون الأول / ديسمبر عام 1948
بباريس بموجب قرار الجمعية العامة 217 أ ( د - 3 )، وقد كان ومازال مصدر الإلهام
لكل الأفكار والأنشطة المتعلقة بحقوق الإنسان في كل مكان في العالم، وأصبح مصدرا
رئيسا تفرعت عنه كل الإعلانات والعهود والاتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة
بحقوق الإنسان, والتي شكلت تطلعات مشتركة بين جميع الحضارات والثقافات، وإعادة
صياغة النظام القانوني - الدولي والوطني - استنادا على مبادئ الشرعة الدولية لحقوق
الإنسان والإصرار على المساهمة في جعل مستقبل البشر عالم جدير بالعيش، ولتأخذ
قضايا حقوق الإنسان أبعادها الكونية ، في سياق الاعتراف المقنن لكل إنسان بحقوق
معينة غير قابلة للإنكار.
ورغم مرور ثلاثة وستين عاما على إصدار الإعلان
وما تلاه من عهود وإعلانات واتفاقيات متعلقة بحقوق الإنسان، إلا أن، نفاذ ما ورد
فيه بفاعلية على المستوى المحلي والدولي ما يزال دونه الكثير من العقبات، وما زال
أمام الآسرة البشرية الكثير من العمل في هذا المسار، لكن هذا العام يختلف العالم
بطرق الاحتفالات بهذا اليوم، فالدول الديمقراطية تفخر بهذا اليوم وما عاد بتقدم
وازدهار لشعوبها نتيجة لاحترام وتطبيق هذا الإعلان وما انبثق عنه من عهود ومواثيق
دولية، وهي ساعية أيضاً في تطويرها والتفكير في سن بروتوكولات تضمن وتكفل الحقوق
بشكل أوسع وأشمل,أما الدول التي تتسم
أنظمتها بأنّها أنظمة استبدادية ولا ديمقراطية، فسيحتفل ناشطوها والمنظمات
الحقوقية بهذا اليوم في تأكيدهم على استمرارهم بنضالهم للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان
ليعيشها مجتمعاتهم واقعاً قانونيا لا قولاً.
وتتوافق مناسبة صدور الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان مع صدور إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان بتاريخ 9 ديسمبر/ كانون
الأول 1998 فرغم التأكيد على أن تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية هي من
مسؤوليات الدولة وواجبها الرئيسي إلا أن هذا الإعلان أكد على حق ومسؤولية الأفراد
والجماعات وهيئات المجتمع المدني في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية
المعترف بها على الصعيد الوطني والدولي، فجاء هذا الإعلان أيضا من أجل أنصاف
المدافعين عن حقوق الإنسان، مما يتعرضوا له، بسبب من دورهم، من كل أشكال الاضطهاد
التضييق والتشويه للسمعة والملاحقة والاعتقال والتعذيب وحتى القتل.وبهذه المناسبة
نتوجه بالتحية إلى كل المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم، وتضامننا معهم للمضي
قدما من أجل حياة جديرة بالعيش للإسرة البشرية جمعاء.
إن الاحتفال بذكرى الإعلان العالمي لحقوق
الإنسان من كل عام هي فرصة في المقام الأول لتقييم حال حقوق الإنسان والوقوف على
معيقات التمتع بها والتحديات التي تواجهها ،وفي هذا العام 2011 تميزت حالة حقوق
الإنسان في سورية ,ببروز الوعي واليقظة الشعبية والانتفاض في عقول وقلوب الجماهير
السورية وخاصة الشباب منها الذي انفجر غاضباً ورافضاً للظلم والاضطهاد والقمع
والفساد,لكن السلطات السورية واجهت الاحتجاجات السلمية بالقمع والعنف المسلح
استمرار على نهجها الأمني في التعاطي مع المجتمع السوري، مما ساهم بزيادة التدهور
في حالة الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان،منذ أوائل آذار وحتى الآن,وزاد في حالة
التدهور وتعقيد الأزمة في سورية ظهور حالات من العنف المسلح المتبادل بين جهات غير
حكومية والحكومة السورية, كنتيجة للتعامل الأمني العنيف من قبل السلطات السورية مع
الاحتجاجات السلمية.
ونحن في المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان
رصدنا ووثقنا في هذا العام, وخاصة منذ اوئل اذار 2011
* سقوط الآلاف من
الضحايا بين قتلى وجرحى من مدنيين وعسكريين.
* تعرض الآلاف من
المواطنين السوريين للاعتقال التعسفي, من قبل مختلف الأجهزة الأمنية الموجودة في
سورية, مع استمرار عمليات التعذيب وإساءة المعاملة من وسائل التحقيق المعتمدة في
مراكز التوقيف المختلفة.
* تعرض المئات من
المواطنين السوريين للاختفاء القسري والتهديد الدائم بالحق في الحياة والأمان
الشخصي.
* تحول الآلاف من
الناشطين والمثقفين والمشاركين في التظاهرات السلمية الى فارين وهاربين الاعتقال
والخوف من تعرضهم للتعذيب والذي يمكن أن يودي بحياة بعضهم.
* هجرة المئات من
المواطنين السوريين إلى خارج سورية,ولجوءهم إلى أماكن أكثر أمانا وأمنا.
* استمر انتهاك حرية
الراي والتعبير والتضييق على حرية الصحافة والصحفيين، وتعرض العديد من الصحفيين
والاعلامين للاعتقال التعسفي ومنهم من فر الى الى داخل او خارج سورية.
* ونشير هنا الى انه
نتيجة العقوبات التي تتعرض اليها سورية, بسبب الأحداث الدامية, فقد تركت اثارا
سلبية وكبيرة على الوضع الاقتصادي والمعاشي للمواطنين السوريين, واتسعت دوائر
الفقر والبطالة والغلاء.
* ونشير هنا إلى أننا
في المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان سنقوم بنشر تقريرا مفصلا ودقيقا وموثقا
,بالأسماء والأرقام والإحصائيات,حول وضعية حقوق الإنسان في سورية لعام 2011,بعد نهاية
هذا العام.
وكنا في المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان,
ومازلنا نعلن تأييدنا الكامل لممارسة السوريين جميعا حقهم في التجمع والاحتجاج
السلمي والتعبير عن مطالبهم المشروعة والمحقة والعادلة, وتوجهنا الى الحكومة
السورية بالعمل سريعا على تنفيذ جميع مطالب السوريين المشروعة والعادلة, من اجل
صيانة وحدة المجتمع السوري وضمان مستقبل ديمقراطي
امن وواعد لجميع أبناءه دون أي استثناء.
وكنا نؤكد بشكل يومي,ومازلنا, على أن الحق في التظاهر السلمى مكفول ومعترف به في كافة المواثيق الدولية
باعتباره دلالة على احترام حقوق الإنسان في التعبير عن نفسه وأهم مظهر من مظاهر
الممارسة السياسية الصحيحة, كما هو وارد في المادة ( 163) من العهد الدولي الخاص
بالحقوق المدنية والسياسية ,وكذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة ( 3 ), و المادة ( 12 ), ان حرية
الرأي والتعبير, مصونة بالقانون الدولي العام وخاصة القانون الدولي لحقوق الإنسان,
وتعتبر من النظام العام في القانون الدولي لحقوق الإنسان, ومن القواعد الآمرة فيه،
فلا يجوز الانتقاص منها أو الحد منها, كما أنها تعتبر حقوق طبيعية تلتصق بالإنسان،
ولا يجوز الاتفاق علي مخالفتها، لأنها قاعدة عامة، ويقع كل اتفاق علي ذلك منعدم
وليس له أي آثار قانونية, لذلك فإن القمع العنيف للمظاهرات السلمية جرائم دولية
تستوجب المساءلة والمحاكمة, ونعيد مطالباتنا للحكومة السورية بالعمل من اجل:
* اتخاذ التدابير اللازمة والفعالة لضمان ممارسة حق التجمع السلمي ممارسة
فعلية.
* ضمان الحقوق والحريات الأساسية لحقوق الإنسان في سورية ,عبر تفعيل مرسوم إلغاء
حالة الطوارئ والأحكام العرفية.
* الوقف الفوري لجميع ممارسات الاعتداء على المتظاهرين السلميين وعلى
المواطنين الأبرياء ,المرتكبة من قبل ما يسمى ( اللجان الشعبية ) أو ( ما يعرف
بالشبيحة), ولاسيما أن فعل هذه العناصر, هو خارج القانون مما يقتضي إحالتهم للقضاء
ومحاسبتهم, ومحاسبة جميع الداعمين لهم والممولين لأنشطتهم, باعتبارهم عناصر في
منظمة تمارس العنف, وغير مرخصة قانونيا.
* أن تكف السلطات السورية عن أسلوب
المعالجات القمعية واستعمال القوة المفرطة, والذي ساهم بزيادة التدهور في الأوضاع
وسوء الأحوال المعاشية وتعميق الأزمات المجتمعية, ولم يساهم هذا الأسلوب القمعي
بتهدئة الأجواء ولا بالعمل على إيجاد الحلول السليمة بمشاركة السوريين على اختلاف
انتماءاتهم ومشاربهم ,هذه الحلول التي ستكون بمثابة الضمانات الحقيقية لصيانة وحدة
المجتمع السوري وضمان مستقبل ديمقراطي آمن لجميع أبنائه بالتساوي دون اي استثناء.
إننا في
المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية, اذ نتوجه بالتعازي الحارة والقلبية,
لجميع من سقطوا من المواطنين السورين ومن المدنيين والشرطة والجيش ,ومع تمنياتنا
لجميع الجرحى بالشفاء العاجل, فإننا ندين ونستنكر جميع ممارسات العنف والقتل
والاغتيال ,أيا كانت مصادرها ومبرراتها, فإننا نتوجه إلى جميع الأطراف الحكومية وغير الحكومية,من
اجل العمل على:
* الوقف الفوري لدوامة
العنف والقتل ونزيف الدم في الشوارع السورية, آيا كانت مصادر هذا العنف وآيا كانت
أشكاله ومبرراته.
* اتخاذ الحكومة
السورية, قرارا عاجلا وفعالا في إعادة الجيش إلى مواقعه و فك الحصار عن المدن
والبلدات وتحقيق وتفعيل مبدأ حيادية الجيش أمام الخلافات السياسية الداخلية،
وعودته إلى ثكناته لأداء مهمته في حماية الوطن والشعب، وضمان وحدة البلد.
* تشكيل لجنة تحقيق قضائية
مستقلة ومحايدة ونزيهة وشفافة بمشاركة ممثلين عن المنظمات المدافعة عن حقوق
الإنسان في سورية, تقوم بالكشف عن المسببين للعنف والممارسين له, وعن المسئولين عن
وقوع ضحايا ( قتلى وجرحى ), سواء أكانوا حكوميين أم غير حكوميين, وأحالتهم إلى
القضاء ومحاسبتهم.
وكذلك فإننا ندين ونستنكر بشدة الاعتقال
التعسفي والاختفاء القسري بحق المواطنين السوريين، ونبدي قلقنا البالغ على مصيرهم,
ونطالب الأجهزة الأمنية بالكف عن الاعتقالات التعسفية التي تجري خارج القانون
والتي تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق والحريات الأساسية التي كفلتها جميع المواثيق
والاتفاقيات الدولية المعنية بذلك. ونبدي قلقنا البالغ من ورود أنباء عن استخدام
التعذيب على نطاق واسع وممنهج، مما أودى بحياة
العديد من المعتقلين, ولذلك فإننا نتوجه الى الحكومة السورية بالمطالب التالية:
* إغلاق ملف الاعتقال السياسي وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين,
ومعتقلي الرأي والضمير, وجميع من تم اعتقالهم بسبب مشاركاتهم بالتجمعات السلمية التي
قامت في مختلف المدن السورية, ما لم توجه إليهم تهمة جنائية معترف بها ويقدموا على
وجه السرعةً لمحاكمة تتوفر فيها معايير المحاكمة العادلة.
* كف أيدي الأجهزة الأمنية عن التدخل في حياة المواطنين عبر الكف عن ملاحقة
المواطنين والمثقفين والناشطين, والسماح لمنظمات حقوق الإنسان بممارسة نشاطها بشكل
فعلي.
* وضع جميع أماكن الاحتجاز والتوقيف لدى جميع الجهات الأمنية تحت الإشراف
القضائي المباشر والتدقيق الفوري في شكاوي التعذيب التي تمارس ضد الموقوفين
والمعتقلين والسماح للمحامين بالاتصال بموكليهم في جميع مراكز التوقيف.
* الكشف الفوري عن مصير المفقودين.
دمشق
في 10 / 12 / 2011
المنظمات المدافعة عن
حقوق الإنسان في سورية
1- اللجنة الكردية
لحقوق الإنسان في سوريا (الراصد ).
2- المنظمة الوطنية
لحقوق الإنسان في سورية.
3- منظمة حقوق الإنسان
في سورية – ماف
4- المنظمة العربية
لحقوق الإنسان في سورية
5- المنظمة الكردية
للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات العامة في سورية ( DAD
)
6- لجان الدفاع عن
الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية ( ل.د.ح ).