الخميس 26 كانون الأوّل / ديسمبر 2024, 13:15
دلشا يوسف :المرأة و الهوية السياسية في كردستان تركيا




دلشا يوسف :المرأة و الهوية السياسية في كردستان تركيا
الأحد 24 آذار / مارس 2013, 13:15
كورداونلاين
حاربت المرأة الكردية ضد المفاهيم القديمة، محطمة التابوهات القديمة التي تحصر المرأة في نطاق مفهوم الشرف، و إستطاعت أن تهدم المفاهيم القديمة للشرف و للعائلة و العلاقات الإجتماعية

من أكثر المفاهيم الدارجة في المجتمع الكردي في كردستان تركيا ( شمال كردستان) هو " درجة وطنيتك تقاس بمدى إيمانك بالمساواة الإجتماعية".

  ففي السنوات الثلاثين الأخيرة و في ظل الحركة التحررية الوطنية الكردية، طرأت تطورات كثيرة  على مكانة و موقع المرأة الكردية في المجتمع الكردي في كردستان تركيا، بتأثير إديولوجية ثورة التحرر الوطنية التي منحت المجتمع الكردي هوَيته السياسية الخاصة به و التي ميَزت الثورة التحررية الكردية عن باقي الثورات التحررية العالمية الأخرى،  من خلال التوَجه أولا نحو التحرر الإجتماعي.

     تثمن الباحثة و الأكاديمية التركية ( هاندان جاغلايان) في ابحاثها و دراساتها القيَمة، دور المرأة الكردية و مسيرتها النضالية في صفوف الثورة التحررية الكردية، و قد صدر لها كتابا أيضا بهذا الشأن، بعنوان " الهوية السياسية الرسمية من منظور المرأة الكردية" من منشورات دار ئيليتشم التركي. حيث و حسب إعتقاد الباحثة أن وضع المرأة الكردية في كردستان تركيا طرأت عليه تغييرات جمة في ظل النهج الثوري للحركة التحررية الكردية بقيادة حزب العمال الكردستاني و أفكار زعيمها عبد الله أوجلان، و بالأخص في العقدين الأخيرين، حيث من الملحوظ أن المعرفة السياسية نضجت لدى المرأة الكردية خلال هذه المرحلة.

و تضيف الباحثة قائلة:

" في بداية القرن العشرين، كان النشاط السياسي ينحصر في نخبة معينة من الكرد، و بالأخص كان من عمل الرجال فقط. و عائلة البدرخانيين خيرمثال على ذلك. و لكن في سنوات الخمسينيات و الستينيات  من القرن العشرين  بدأت الظروف تتغير، و إتسع نطاق المشاركة السياسية لتشمل عامة الناس، و بدأت الحركات الشبابية بالظهور. أما حضور المرأة في الميدان السياسي فكان نادرا في تلك المراحل، و تطور المعرفة السياسية لدى المرأة الكردية و نضج أكثر في العقود الثلاثة الأخيرة.

   يظهر لنا جليا من خلال الأبحاث و الدراسات التي أجرتها السيدة هاندان جاغلايان حول وضع المرأة الكردية في كردستان تركيا، أنه و رغم تباين آراء النساء الكرديات حول سبل إيجاد الحلول للقضية الكردية في تركيا، لكنهن متفقات بشأن مطاليبهن من قبيل " حقوق المرأة" و " المساواة الإجتماعية". و تخوض المرأة تجربة المشاركة الفعلية في كافة المجالات و النشاطات  و في كل مناسبة تنادي بصوت واحد بالسلام و المساواة في الحقوق و الواجبات. و السلام و المساواة مفهومان لا يمكن فصلهما مبدئياً عن المطاليب التحررية و الوطنية للجماهير الكردية.

   و المرأة الكردية في كردستان تركيا تعرضت لصنوف المعاناة و التنكيل خلال عقود طويلة من تاريخ النضال التحرري الكردي، منذ بدايات القرن العشرين و حتى يومنا الراهن. و إشتدت عليها المعاناة في العقود الأخيرة، نتيجة الممارسات القمعية و الشوفينية للأنظمة التركية التي لم تتورع عن تدمير كافة البنى التحتية في المناطق الكردية و التي طالت إحراق آلاف القرى و تهجير أهاليها قسريا، و فرض أبشع أساليب الحرب النفسية على المجتمع الكردي، و تعريضه لحملات الإنكار و الصهر القومي،  و شن حرب شعواء على الهوية القومية و الثقافة الكردية، و فرض الأحكام العرفية الجائرة على المناطق الكردية، و تسليح المليشيات الكردية لحماية مصالحها، و زج الآلاف من الرجال و النساء و الأطفال في السجون، و قتل آلاف آخرين على أيدي قتلة مجهولي الهوية، و ما تزال أثار المقابر الجماعية التي نفذت بحق الكرد شاخصة إلى يومنا هذا. كل هذه الممارسات القمعية حملّت المرأة الكردية أكثر من طاقتها و جعلتها تكسر قوقعتها و تخرج للنضال لتنهي مأساتها و ماسأة أمتها التاريخية.

    إهتدت المرأة الكردية في كردستان تركيا بالفكر النيَر للثورة التحررية الكردستانية ، و خرجت تتحدى واقعها المرير، لتبث روح المقاومة و التحدي في كافة شرائح المجتمع الكردي، منطلقة من ثقتها بنفسها و إرادتها الحرة، لتشارك في كافة مجالات الحياة السياسية و الإجتماعية و العسكرية و الثقافية، مسجلة بذلك فارقا كبيرا و مميزاً، جعلها تتقدم عملياً على باقي الثورات التحررية في المنطقة و في العالم أيضا. كونها سجلت ثورة داخل ثورة.

   حاربت المرأة الكردية ضد المفاهيم القديمة، محطمة التابوهات القديمة التي تحصر المرأة في نطاق مفهوم الشرف،  و إستطاعت أن تهدم المفاهيم القديمة للشرف و للعائلة و العلاقات الإجتماعية، و تشيَد بدلا عنهم مفاهيم حديثة من قبيل ( إمرأة حديثة)،و ( عائلة حديثة)، و (رجل و إمرأة حديثين)، و علاقات إجتماعية متحررة، مشرعة الأبواب أمام مشاركة فعلية للمرأة في تأسيس المجتمع، و ترفع من مستواها المعرفي و تجعلها تتصدر مراكز القرار، لتصل لمستوى المناصفة مع الرجل في كافة مجالات الحياة. و يعتبر أسلوب مشاركة المرأة الكردية بالمناصفة في كافة مهام حزب السلام و الديمقراطية، و في كافة المجالات الإدارية و الوظيفية، نموذجا راقيا و مميزا يحتذى به.

   هذه المشاركة الفعلية للمرأة الكردية في كردستان تركيا، ساهمت في تغيير ستراتيجية الثورة التحررية الكردستانية، و أكسبتها هوية سياسية وطنية متساوية جنسيا.

*مع تهانيّ القلبية لكافة النساء الكرد و نساء العالم بمناسبة 8 آذار يوم المرأة العالمي

1266.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات