العاصفة الشتوية تحدث دمارا واسع النطاق في سوريا وجيرانها
الإربعاء 09 كانون الثّاني / يناير 2013, 13:15
كورداونلاين
في شمال سوريا قال فادي ياسين الناشط من محافظة إدلب في شمال غرب البلاد وهي من أولى المناطق التي تحولت فيها الاحتجاجات السلمية الى تمرد مسلح إن مدنيين نازحين اضطروا للجوء الى الكهوف هربا من الأمطار
(رويترز) - اجتاحت منطقة شرق المتوسط هذا الاسبوع أعنف عاصفة شتوية في نحو 20 عاما لتزيد الدمار والموت في سوريا والدول المجاورة التي تعاني بالفعل من أزمة لاجئين نجمت عن الحرب الأهلية التي تدور رحاها في سوريا.
ويقول نشطاء معارضون في سوريا حيث دفعت الحرب مئات الألوف للفرار من ديارهم وقطعت إمدادات الغذاء والوقود والكهرباء عن المدن والبلدات إن العشرات لاقوا حتفهم هناك خلال أربعة ايام من الطقس السيء.
وقتل 17 شخصا على الأقل كذلك بسبب العواصف في لبنان والأردن وتركيا وإسرائيل والاراضي الفلسطينية. وأُغلقت المدارس في بعض المناطق لأيام ودخلت المياه مخيمات اللاجئين وقطعت الطرق مما أدى الى عزل القرى.
ووصفت وكالات أرصاد جوية في إسرائيل ولبنان العاصفة بأنها الأسوأ في 20 عاما.
ولم يوقف تساقط الثلوج على العاصمة السورية دمشق ومدينة حلب في الشمال القتال الدائر بين مقاتلي المعارضة المسلحة وقوات الرئيس بشار الاسد والذي أودى بحياة أكثر من 60 الف شخص على مدى أكثر من 21 شهرا.
وقال أبو عثمان الناشط السوري المعارض في حي بشرق دمشق حيث انخفضت درجات الحرارة إلى ست درجات مئوية تحت الصفر مساء الثلاثاء إن القتال الدائر في الشوارع لم يهدأ لكن سوء حالة الطقس أوقف الغارات الجوية التي تشنها قوات الأسد.
وقال متحدثا عبر الانترنت عن طريق الأقمار الصناعية "ظروفنا تزداد سوءا بفعل هذه العاصفة. الجميع يتجمدون ولا يوجد ما نستدفيء به. هناك مشكلة متزايدة في الغذاء لأن الأمطار والآن الثلوج جعلت أوضاع الطرق أكثر خطورة."
وفي شمال سوريا قال فادي ياسين الناشط من محافظة إدلب في شمال غرب البلاد وهي من أولى المناطق التي تحولت فيها الاحتجاجات السلمية الى تمرد مسلح إن مدنيين نازحين اضطروا للجوء الى الكهوف هربا من الأمطار.
وكان بضعة الوف من الذين فقدوا منازلهم في القصف أو فروا هربا من القتال قد لجاوا إلى ما يعرف باسم المدن الميتة في سوريا وهي 700 تجمع مهجور يعود الى العصر البيزنطي.
وقال ياسين "لقد وضعوا رقائق بلاستيكية على نوافذ المباني القديمة ويعيشون هناك لكن من الواضح ان من الخطورة بمكان الاقامة هناك مع برودة الطقس وفي ظل عاصفة كهذه."
وقال "يكاد لا يوجد لدى أحد أي شيء مثل وقود التدفئة وكثيرون يشعرون بأنهم محظوظون لأن لديهم أغطية."
وقال ميشال برزيدالكي من منظمة (بيبول إن نيد) الخيرية التشيكية إن بعض الاسر تحرق الأبواب والمقاعد التماسا للدفء في ظل نقص الوقود في حلب كبرى مدن سوريا سكانا والتي تسيطر المعارضة على أغلب مناطقها الآن.
وأضاف "للاسف أعتقد أن من المرجح أن يموت الناس بسبب الظروف الجوية السيئة. انهم بالفعل لا يأكلون ما يكفي منذ عدة أشهر وهذا يعرضهم للاصابة بمزيد من الأمراض والعدوى خاصة بعد تعرضهم للطقس شديد البرودة على مدى اسابيع."
وتأثر بالعاصفة أكثر من 600 ألف لاجئ سوري فروا إلى دول مجاورة. واضطر كثيرون في لبنان والأردن للانتقال بعد أن غمرت المياه خيامهم.
وفي سهل البقاع اللبناني اقتحمت مياه السيول مخيما مؤقتا به نحو 400 شخص ودمرت الخيام.
ويعاني اللبنانيون أنفسهم من تدمير السيول لكثير من الطرق. وانقطعت الكهرباء وخدمات الهاتف عن معظم سهل البقاع اللبناني الذي يقع بين جبال مرتفعة تفصل سوريا عن الساحل وتقطعت السبل بسكان عشرات القرى الجبلية بسبب الثلوج.
وفي مخيم الزعتري الأردني للاجئين الذي يستضيف 30 ألف لاجئ سوري اجتاحت السيول مئات الخيام وأجبرت اللاجئين على التدافع بحثا عن مأوى في بيوت متنقلة جاهزة.
وانتقل مئات السكان إلى مباني المدارس وإلى مقطورات بعد أن غمرت المياه خيامهم وألحقت أضرارا بمتعلقاتهم.
قالت أم بلال وهي تمسك بدلو لإفراغ المياه من خيمتها "أدعو أصحاب الضمائر. نحتاج إلى وسائل تدفئة لأطفالنا. كثير من الناس انتقلوا إلى عربات متنقلة لإيواء أطفالهم من البرد ومن السيول. ظروف المعيشة مروعة."
وفي مخيم قبة بشمرة المؤقت على ساحل المتوسط في لبنان فإن الخيمة التي أقامها سيد علي (27 عاما) من أفرخ البلاستيك لحماية أسرته لم تقيه من موجة المطر والرياح والبرد القادمة من البحر.
وقال علي بينما المطر يتساقط على خيمته "يبدو الأمر كما لو أننا عدنا إلى العصور القديمة... نعيش بلا كهرباء ولا مياه ولا أي شيء."
وقالت مصلحة الأرصاد الإسرائيلية إن العاصفة التي لم تهدأ منذ الأحد جلبت معها أمطارا غزيرة لم تشهدها منذ نحو 20 عاما. وقالت مصلحة الأرصاد اللبنانية إنه لم يتفوق على الأمطار التي سقطت هذا الأسبوع سوى الأمطار التي هطلت بشكل متواصل على مدى شهر في عام 1992 .
وكان من المتوقع تساقط ثلوج على القدس يوم الأربعاء وأمرت سلطات البلدية بغلق المدارس عند الظهيرة.
وكتب أوفير جندلمان المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على حسابه على تويتر "برد في تل أبيب ويتوقع تساقط ثلوج بارتفاع قدم في القدس اليوم وبحيرة طبرية ممتلئة بعد سنوات من الجفاف. من يستطيع أن يطلب المزيد؟."
وفي الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل جرفت مياه الفيضانات امرأتين في سيارة أجرة فلسطينية في منطقة طولكرم وعثر على جثتيهما صباح اليوم الأربعاء. وفي غزة قال سكان ومسعفون محليون إن فلسطينيا لقي حتفه وأصيب آخرون عندما انهار نفق أسفل الحدود مع مصر بسبب الفيضانات.
وفي مدينة الخضيرة على بعد 45 كيلومترا شمالي تل أبيب قطعت الكهرباء عن حوالي 2500 منزل. وفي ليل الثلاثاء استخدم عمال الإنقاذ قوارب مطاطية للسير في الشوارع وإجلاء الناس من المنازل التي غمرها الفيضان.
وألغت الخطوط الجوية التركية مئات الرحلات. وأغلقت جميع المدارس في كثير من المناطق الشرقية والشمالية في تركيا وفي اسطنبول انحرفت حافلة ركاب عن طريق غطاه الجليد وسقطت في بحيرة اسطنبول في ساعة متأخرة أمس الثلاثاء مما أسفر عن إصابة 30 راكبا.
ووجهت الحكومة أيضا تحذيرات من تسرب الغاز الطبيعي بينما يسعى الناس إلى تدفئة بيوتهم بعد وفاة ثمانية أشخاص جراء التسمم أثناء نومهم خلال الأسبوع المنصرم وهو حادث متكرر أثناء فترات البرد في تركيا.
وقدمت قنوات التلفزيون ومحطات الإذاعة فقرات متكررة للتنويه عن هذا الموضوع ودعت كذلك محبي الحيوانات من الأتراك إلى ترك بقايا الطعام والحنطة خارج منازلهم لإنقاذ الحيوانات من النفوق.
(إعداد لبنى صبري وأشرف راضي للنشرة العربية - تحرير أحمد حسن)
من اريكا سولومون وأوليفر هولمز