خريطة طريق من أوجلان لحل النزاع الكردي التركي
الإثنين 20 تمّوز / يوليو 2009, 20:38
كورداونلاين

ويرى مراقبون أن مبادرة أوجلان الجديدة للتصالح مع الحكومة سببها الإصلاحات الأخيرة التي أعلنتها الحكومة في شأن الأكراد، ومنها إدخال اللغة الكردية في التعليم، وترجمة القرآن بالكردية،
إسلام أونلاين |
|
يستعد زعيم حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا عبد الله أوجلان للإعلان عن "خريطة طريق" تضع حدا لـ30 عاما من القتال مع الجيش، حاول خلالها الحزب دون جدوى إجبار الحكومة على منح الأكراد الحكم الذاتي في منطق جنوب شرق البلاد. ولم يصدر حتى صباح اليوم الإثنين تعليق من الحكومة على خريطة أوجلان، والتي أرجع مراقبون إعلانه إياها إلى الخطوات التي اتخذتها الحكومة في السنوات الأخيرة لإعطاء الأكراد مزيدا من الحقوق في الحياة الدينية والتعليمية والثقافية والسياسية خففت الضغوط الأوروبية على الحكومة بشأن ملف الأكراد.ووفق ما كشفه رئيس تحرير "حريت ديلي نيوز" التركية إيرتوجرول أوزكوك الأحد عقب لقائه محامي أوجلان فإن "خريطة الطريق" المقرر أن يتم الإعلان عنها في 15 أغسطس المقبل تتضمن 4 نقاط، هي: إقامة تحالف إستراتيجي بين الدولة التركية والأكراد، سواء أكراد تركيا أو أكراد الموصل وكركوك أو أكراد سوريا، ونزع سلاح حزب العمال الكردستاني، واستبدال دستور مدني ديمقراطي بالدستور العسكري للبلاد، ولم يتضح في وسائل الإعلام التي نشرت تقارير عن الخريطة ما هي النقطة الرابعة التي تتضمنها.وأضاف أوكوك أن النقطة الأولى الخاصة بإقامة تحالف إستراتيجي بين الحكومة وأكراد العراق وسوريا، إضافة بالطبع إلى أكراد البلاد، تعني التقريب في وجهات النظر والمصالح بين الطرفين، ولا يمس هذا بأي حال من الأحوال مسألة الحدود التي يشكك فيها الأكراد بين البلاد الثلاثة.وبحسب ما تناقلته وكالات إعلامية مقربة من حزب العمال الكردستاني فإن أوجلان قال في اجتماع مع محاميه ناقش فيه خريطة الطريق: "أنا لا أتكلم عن تغيير في الحدود (بين تركيا والعراق وسوريا)، ولكني أتحدث عن تحقيق الوحدة بين الأتراك والأكراد؛ فحرب الاستقلال (التي قادها مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة لتحرير أراض احتلتها دول أوروبية بعد الحرب العالمية الأولى) شارك فيها كل من الأتراك والأكراد معا".وعبد الله أوجلان، الذي كان أول من ترأس حزب العمال الكردستاني عام 1978، يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في حبس انفرادي بجزيرة إمرالي التركية بتهمة قيادة منظمة إرهابية تسعى للانفصال عن الدولة، وكان الحكم عليه بداية بالإعدام خلال محاكمته في عام 1999، ثم تم تخفيف الحكم إلى السجن مدى الحياة بعد أن أعلن رغبته في التصالح مع الحكومة ونزع سلاح الحزب.نزع السلاحوسيعلن أوجلان في خريطته للحل الاستعداد لتفكيك ترسانة أسلحة الحزب مقابل شروط، لم تكشف المصادر عنها بعد.وليست هذه هي المرة الأولى التي يبدي فيها الزعيم الكردي استعداده لمطالبة الحزب بنزع سلاحه مقابل إنشاء علاقات جيدة مع الحكومة التركية يحصل فيها الأكراد على ما يقولون إنها حقوق سياسية وتعليمية وثقافية واقتصادية تحرمهم منها الدولة، فخلال محاكمته في عام 1999 قدم أوجلان الاعتذار لأسر الضحايا الأتراك الذين قتلوا بسلاح حزبه، وطالب الأخير بتسليم السلاح وترك نشاط المقاومة المسلحة.وبرغم أن حزبه لم يستجب لهذا المطلب، فإنه عاود الكرة مرة ثانية في عام 2006 عبر محاميه إبراهيم بيلمز، حين طالب حزبه بعدم استخدام السلاح إلا في حالة الدفاع عن النفس، وصرح برغبته في المصالحة مع الحكومة.ولا يعرف في هذه المرة ماذا ستكون استجابة الحزب لخريطة طريق أوجلان لحل المشكلة الكردية، غير أن قيادات في الحزب أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستمدد، للمرة الثالثة، وقف إطلاق النار الأحادي الجانب مع الحكومة حتى الأول من سبتمبر القادم كبادرة حسن نية لتسوية النزاع سلميا.ونقلت وكالة "فرات" الموالية للأكراد عن مراد كرايلان، أحد قادة الحزب، أن القرار اتخذ قبل كشف زعيم حزب العمال عبد الله أوجلان عن التفاصيل الكاملة لخريطة الطريق، ومن المقرر أن يكشفها في 15 أغسطس.وأضاف أنه: "حتى هذا الموعد فإننا لن ننفذ عمليات عسكرية باستثناء عمليات دفاعية إذا اضطررنا.. الحزب يعلق أهمية كبيرة على خريطة الطريق".ويرى مراقبون أن مبادرة أوجلان الجديدة للتصالح مع الحكومة سببها الإصلاحات الأخيرة التي أعلنتها الحكومة في شأن الأكراد، ومنها إدخال اللغة الكردية في التعليم، وترجمة القرآن بالكردية، ونقل احتقالات الأكراد القومية في التلفزيون الرسمي، وإطلاق قناة باللغة الكردية في إطار جهود الحكومة لحل النزاع مع الأكراد من جهة، ولتقوية فرصتها في الانضمام للاتحاد الأوروبي الذي يطالبها بمزيد من التقارب مع الأقليات من ناحية أخرى.وعزز هذا التفسير تصريح صحفي للقيادي الكردي في الحزب مراد كرايلان بأن مبادرة أوجلان تأتي بعد حصول الأكراد على حرية في العمل السياسي، ومساواتهم في الكثير من المجالات مع الأتراك، الأمر الذي جعل الغرب يقف مع تركيا أكثر في مواجهة المقاتلين الأكراد.ويوجد في تركيا ما بين 12 و14 مليون كردي من إجمالي عدد السكان البالغ 71 مليون نسمة.تغيير الدستوروإضافة إلى النقطتين السابقتين تتضمن خريطة طريق أوجلان الأخيرة مطلبا بتغيير الدستور الحالي في تركيا، والذي وضعه قادة الانقلاب العسكري عام 1981، ويتضمن قيودا على الأكراد، على أن يحل محله دستور ديمقراطي مدني جديد.وحزب العمال الكردستاني هو حزب كردي ماركسي مسلح أنشأه عبد الله أوجلان عام 1978 في جنوب شرق البلاد بهدف إنشاء ما يطلق عليه الحزب دولة كردستان المستقلة، حيث يعتقد كثير من الأكراد أن الأراضي التي يتركز فيها الأكراد في كل من العراق وتركيا وسوريا وإيران هي أراض كردية ضمتها هذه الدول إليها عنوة، وحرمت الأكراد من المناصب السياسية المهمة، بحسب رأيهم.وللحد من نشاطه المسلح الانفصالي أعلنت الحكومة التركية تطبيق قانون الطوارئ في الأقاليم ذات الغالبية الكردية سنة 1979، ثم قررت التدخل العسكري المباشر في المنطقة منذ سبتمبر 1980.وشهد عقدا ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي أكثر فترات الصراع بين الأكراد والجيش التركي دموية، وما زالت المعارك متواصلة حتى الآن، ووفق إحصاءات الجيش التركي فقد خلف هذا القتال أكثر من 45 ألف قتيل.ولم تقتصر عمليات مسلحي حزب العمال العسكرية على الجيش التركي، بل شملت المدنيين -أتراكا وأكرادا- وخصوصا المتعاونين مع الحكومة التركية، كما شملت بعض السائحين الأجانب، وقد وجهوا ضرباتهم لبعض المصالح التركية في البلدان الغربية.والحزب مدرج على قائمة المنظمات الإرهابية في كل من تركيا والاتحاد الأوروبي وسوريا وإيران وأستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا. |