الأحد 16 شباط / فبراير 2025, 20:14
مروان سليمان:سوريا- خيارات شعب محاصر




مروان سليمان:سوريا- خيارات شعب محاصر
الثلاثاء 25 أيلول / سبتمبر 2012, 20:14
كورداونلاين
إنتهى زمن العصابات الحاكمة و السلطات المافيوية و الحكومات العسكرية، و المنطقة في طريقها إلى تغييرات سياسية تقوم بها الشعوب من أجل تغيير واقعها بالقوة بعد أن يئست الشعوب و نفذ صبرها

أصبح القتل في سوريا مسألة روتينية و عادية، كل يوم نقرأ الأخبار و نمر على القتلى مرور الكرام و نترجمها بلغة الأرقام فقط دون الإكتراث، لقد فقدت المشاعر و الأحاسيس الإنسانية من الحياة في عالم لا يهمه سوى لغة المصالح، و أقتلعت الرحمة من القلوب، و أصبح الدمار و الخراب هدفاً.

كل يوم تتحقق الإنتصارات لهذا الطرف أو ذاك، أو أنهم يزعمون كذلك و يدفع ثمنها الفقراء و المساكين و السكان المدنيين الذين هم ضحايا سلطة متشبثة بالحكم دون الإكتراث بما يحصل للشعب المغلوب على أمره  من قتل و تهجير و تخريب ممنهج تحت مرأى و مسمع العالم الذي يذرف دموع الكذب و الغش في مسرحيات هزلية على شكل مؤتمرات خادعة

و مغشوشة يستعملونها كمسكينات للسوريين  باسماء كبيرة و لكن دون فعل حقيقي على الأرض( أصدقاء سورية- منطقة حظر جوي- مساعدة الثوار مرة بالمناظير و تارة بالسلاح) .....الخ، حتى أصبح الشعب السوري يكره اسم المؤتمرات

 أو سماعها، و في النهاية يبدو أن جميع القوى الدولية و العصابة الأسدية متفقون على دمار الوطن و خراب المدن و قتل

 و تهجير السوريين، و المجتمع الدولي يعمل على إطالة عمر النظام  من خلال المبعوثين الأمميين و العرب الذين يمهلون النظام الفرصة تلو الفرصة لقتل أكبر عدد ممكن من السوريين و تخريب و تدمير المدن السورية من بكرة أبيها حيث يعيد إلى الأذهان مجازر حماة و تدميرها على رؤوس سكانها و بالتالي فهم جميعاً مشتركون في الجريمة، جريمة قتل شعب برئ يطالب بالحرية و العدالة و المساواة و الحفاظ على كرامته الإنسانية.

بعد كل هذا التدمير الهائل و القتل اليومي لا يزال البعض من ضعاف النفوس المجردين من أخلاق المهنة و من مختلف المهن ( الصحافية و الفنية و السياسية) في تأدية وظيفة التبعية التي إبتعد عنها الشرفاء من أبناء الشعب و من جميع المراتب حتى العليا في الدولة ، في القيام بتلميع صورة الحاكم و تمسيح الجوخ ،و تطويع أنفسهم كشعراء للبلاط الرئاسي الذي لم يبق منه سوى إطلالة مؤلفة من مسند للظهر و يقوم على أربعة قوائم، مفروغ من المحتوى و المضمون و حتى بدون شعب، و أصبح الحاكم أسير طموحاته و رغباته في قصر دخله عنوة بدون وجه حق و لا يريد الخروج منه إلا محملاً

 أو مسحولاً و مضرجاً بدمائه العفنة الملوثة بالجرائم التي يرتكبها أو التي إرتكبها من قبل، الذي حول الوطن إلى مستوطنة للخوف و أصبح اليوم أرض معركة يتم فيها تخريب الوطن بشكل ممنهج، حيث تم نزع شعارات القومية و العروبة التي كان يتشدق بها و تم استبدالها بشعارات طائفية مقيتة كأيديولوجية بديلة له و التي قام عليها النظام أساساً منذ بدايته في السبعينات من القرن الماضي و كان عليه أن يضمرها خدمة لمصالحه الطائفية على المدى البعيد في نهب الوطن و إستعباد الناس على أمل الحفاظ بالحكم لمدد أطول.

من الصعب أن يتفوق جيش الأسد على الشعب السوري المنتفض و الثائر، لأن الشعب أقوى من المدافع و الدبابات

و الصواريخ التي تمتلكها الجيوش و لأن إرادة الشعوب لا تقهرها النار و لا ظلم الإستبداد و لا طغيان الحاكم الجهول بقوة الشعوب و إيمانها بأهدافها التي تسعى لتحقيقها من حياة كريمة حرة ذات طابع إنساني .

لا يمكن لنظام أن يكون مقاوماً و ممانعاً و هو يحصي على الشعب أنفاسه و يبني السجون بدلاً من المدارس، و المعتقلات بدلاً من المستشفيات، و لا يمكن لنظام يرهب شعبه أن يكون إلا جباناً أمام عدوه، و لن يستطيع الإستمرار في الحكم من دمر المدن و القرى فوق رؤوس أصحابها، و لن يستمر حكم العائلة لمن سمح لحاشيته و عائلته بنشر الفساد و عمل على سلب و نهب البلد بينما يزداد الشعب السوري فقراً يوماً بعد يوم، و لا بد من أن يحاسب كل من لطخت يداه بدماء هذا الشعب، و عمل على إسكات صوت الحق.

لن يستطيع جيش أن يكون جيش دولة و هو يقوم على ثقافة القتل و التدير و القصف العشوائي بجميع صنوف الأسلحة على شعبه و أهله و يمارس عمليات السرقة و الإختطاف و الإغتصاب و التعذيب و القهر و الأهم من كل هذا أنه قائم على التبعية الطائفية، و إستمراره لهذه الفترة الطويلة من القتل و التخريب الممهنج دليل على تركيبته الطائفية و العنصرية

 و طبيعته الإجرامية التي نشأ عليها.

لقد إنتهى زمن العصابات الحاكمة و السلطات المافيوية و الحكومات العسكرية، و المنطقة في طريقها إلى تغييرات سياسية تقوم بها الشعوب من أجل تغيير واقعها بالقوة بعد أن يئست الشعوب و نفذ صبرها و ضاقت ذرعاً من هذه الأنظمة

 و الحكومات و هي تنتظر التغيير بالطرق السلمية و الإنتقال إليها بالطرق الديمقراطية.

أصبح الشعب السوري اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: أولها استمرار الحرب و دمار سورية و التخلص من حكم آل الأسد

 و يبدو أن هذا مصير الشعب السوري و قدره و لو طالبوا بالحرية بعد مائة سنة و ثانيها القبول ببقاء الأسد و هو ما يعد بمثابة إنتحار للشعب السوري لأن النظام أصبح قائماً بقوة السلاح فقط.

مروان سليمان

23.09.2012

514.

مواضيع جديدة في موقعنا الجديد اضغط هنا


ارشيف
ارشيف

صحافة وإعلام و آراء

كتاب الموقع
عبدالغني ع يحيى
العصر الطيني في العراق.
بنكي حاجو
الكذبة الكبرى
ب. ر. المزوري
النقطة
زاكروس عثمان
أحزاب خارج التغطية
إبراهيم اليوسف
النص الفيسبوكي 2.
عبد عبد المجيد
الفسيفساء السورية
أفين إبراهيم
رضاب الفراش
وزنة حامد
قلق الذات