في منتصف شهر آذار الجاري ، دخلت ثورة الحرية والكرامة في سوريا ، عامها الثاني ، رغم هول وشراسة القمع الوحشي لقوات النظام الأمنية والعسكرية ولعناصر شبيحته ومرتزقته
* المحامي مصطفى أوسو
في منتصف شهر آذار الجاري ،
دخلت ثورة الحرية والكرامة في سوريا ، عامها الثاني ، رغم هول وشراسة القمع الوحشي
لقوات النظام الأمنية والعسكرية ولعناصر شبيحته ومرتزقته ، ورغم وقوع عشرات الآلاف
من الشهداء والجرحى من الرجال والنساء والأطفال ، وأيضاً رغم الأعداد الكبيرة والهائلة
من المعتقلين تعسفياً والمختطفين والمختفين قسرياً ، وكذلك رغم القصف الهمجي للعديد
من المدن والبلدات والقرى السورية ، بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والفتاكة.
ومع مرور هذه المدة الزمنية
الطويلة من عمر الثورة ، وتحولها إلى ثورة جماهيرية شعبية عمت كافة أرجاء الأراضي السورية
من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ومن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ، لا يزال النظام حتى
هذه اللحظة يتجاهلها تماماً ، ويصر على أنها مؤامرة خارجية تستهدف أمن سورية واستقرارها
ومواقفها الوطنية المناهضة والممانعة والمقاومة ، تقوم بها جماعات مخربة وإرهابية!
متجاهلاً تفسخه وأزمته البنيوية الخانقة ، التي أفرزها واقع القمع والاستبداد والاستئثار
والظلم والاضطهاد وغياب القانون والحريات الديمقراطية ومصادرة الحقوق وتفشي المحسوبية
والفساد والإفساد ، وانتهاك الكرامة الشخصية للمواطن ، وغيرها ، مما أوصلت بالمجتمع
السوري إلى هذه اللحظة التاريخية المفصلية واندلاع شرارة الثورة.
ولا يزال النظام ، مصراً على
المضي في خياره الأمني – العسكري ، المقيت ، كخيار وحيد للتعامل مع هذه الثورة ، والتغول
أكثر فأكثر في استعمال القمع والعنف والقوة المفرطة بحق أبناء الشعب السوري ، وارتكاب
أفظع وأبشع أنواع الجرائم بحقهم من قتل وتدمير وتهجير وتشريد وتجويع وانتهاك للحرمات
والمقدسات ، التي ترقى استناداً إلى المعايير والقوانين والمواثيق القانونية الدولية
إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية ، وخاصة بعد إخفاق مجلس الأمن الدولي ، التوصل إلى
قرار صريح وحاسم ، بإدانة مجازره وجرائمه المروعة بحق الشعب السوري ، ووقف دوامة العنف
والقتل ونزيف الدم في الشوارع السورية ، وردعه وإجباره على الاستجابة لمطالب الشعب
السوري ، نتيجة للمواقف المتواطئة والمتعنتة لكل من روسيا والصين.
لقد أثبتت تجربة عام كامل مضى
من عمر الثورة ، الفشل الذريع للحلول الأمنية والعسكرية ، وسياسة القمع والقتل والتصفية
الجسدية والاعتقال التعسفي ، لا بل إننا نستطيع أن نقول: إن هذه السياسة لم يزد شعبنا
السوري ، إلا ثباتاً وقوة وإصرارا وتصميما ، على المضي في ثورته حتى تحقيق أهدافها
وتطلعاتها المشروعة في الحرية والكرامة والديمقراطية وإنهاء النظام الاستبدادي الشمولي
الحاكم , ببنيته التنظيمية والسياسية والفكرية، وبناء نظام علماني ديمقراطي تعددي برلماني
وفق أسس اللامركزية السياسية ، تكون فيها سوريا وطناً لكل السوريين بعيداً عن الاستبداد
أو الاستئثار أو الاضطهاد أو التفرقة ، ويتمتع فيها جميع أبنائها على اختلاف انتماءاتهم
القومية والدينية والمذهبية ، بحقوقهم الوطنية الديمقراطية والقومية ، بما فيهم شعبنا
الكردي على أساس احترام حقه في تقرير مصيره بنفسه وفق صيغة الفيدرالية ضمن إطار وحدة
البلاد.
لقد علمتنا التجارب التاريخية
، القريبة منها والبعيدة ، وخاصة تجربة ثورات الربيع العربي في كل من تونس و مصر و
ليبيا و اليمن ، أن إرادة الشعوب لا يمكن أن تقهر أبداً ، وأنها لا بد وأن تنتصر مهما
طال الزمن أو قصر ، وأن عصر الطغاة والمستبدين ، وعصر الظلم والقمع والاضطهاد والتسلط
آفل إلى الزوال لا محالة.
ومن هنا فإن على النظام السوري
، أن يأخذ الدروس والعبر منها ، وأن ينصاع لإرادة شعبه المنتفض والثائر ، حقناً للدماء
، وتمهيداً لعملية انتقال البلاد إلى مرحلة جديدة ، تعم فيها الحرية والديمقراطية والمساواة
والتداول السلمي للسلطة ، ويسود فيها القانون واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
ونود أن نؤكد هنا ، من جديد
على ضرورة وأهمية توحيد صفوف المعارضة السورية بكافة فصائلها وتياراتها وأطرها ، وإنهاء
حالة الانقسام والتشتت الحاصل فيما بينها ، بأسرع وقت ممكن ، للإسراع والتعجيل في عملية
إسقاط النظام ورحيله وإنهاء الاستبداد ، والتصدي لتحديات المرحلة المقبلة واستحقاقاتها
على مختلف الأصعدة.
ونطالب المجتمع الدولي، وخاصة
اللجان والهيئات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ، بممارسة
أقصى الضغوط على النظام السوري لإجباره على إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ،
ومعتقلي الرأي والضمير، وجميع من تم اعتقالهم بسبب مشاركتهم في التظاهرات والتجمعات
السلمية في مختلف المدن السورية ، وكشف مصير المفقودين والمختفين قسرياً ، وتأمين المستلزمات
والاحتياجات الإنسانية الضرورية لديمومة الحياة واستمراريتها في المناطق المنكوبة التي
تتعرض لهجمات قوات النظام الأمنية والعسكرية وقصفها المتواصل.
المحامي : مصطفى أوسو
سكرتير حزب آزادي الكردي في سوريا
جريدة آزادي العدد 441 أذار 2012
لتحميل العدد كامل انقر على الرابط التالي
http://www.box.com/s/e4355c145720fda8193e