ن الطبيعة الاستعلائية و الاقصائية للمجلس الوطني السوري و التي يمارسها بفظاظة مع بقية مكونات المعارضة السورية تأتي نتيجة لبنية مكوناته التي تتألف من مجموعات دينية مغلقة
بعد مرور
أكثر من تسعة اشهر على الثورة السورية و اختفاء المئات من المواطنين المعارضين
للنظام السوري و اعتقال الالاف من شباب الثورة و سقوط الالاف من الشهداء بآلة
القتل البعثية و الاسدية , وفي ظل محاولات النظام جر سورية إلى حرب أهلية طائفية لا
بل جر المنطقة بأكملها إلى بؤرة للحروب و الدمار , تعمل قوى المعارضة السورية و
بكافة انتماءاتها السياسية و الاجتماعية و القومية إلى بذل المزيد من الجهود
لتوحيد صفها و كلمتها ضد هذا النظام الذي فقد كل المعايير و المقاييس الانسانية و
في هذا الاطار انعقد مؤتمر ما يسمى بالمجلس الوطني السوري في تونس , المؤتمر الذي
كان الشعب السوري و قواه الحية ينتظر منه نتائج أكثر واقعية و عملية لرأب الصدع
بين أطراف المعارضة و استيعاب المرحلة بكافة عناصرها و جزئياتها , كانت النتائج و
كما كانت متوقعة مخيبة لآمال الكثيرين من الشعب السوري .
إن الطبيعة
الاستعلائية و الاقصائية للمجلس الوطني السوري و التي يمارسها بفظاظة مع بقية
مكونات المعارضة السورية تأتي نتيجة لبنية مكوناته التي تتألف من مجموعات دينية مغلقة
و هي الاكثرية مع أخرى قومية عروبية و مغامرة ذات خلفيات عنصرية و بعض من الشخصيات
الكردية غير المسؤولة التي ما دأبت أن تنصب نفسها الممثلة الوحيدة للشعب السوري و
ثورته مستغلة بذلك الدعم المادي و الاعلامي اللامحدود من قوى اقليمية ذات توجهات
دينية غير واضحة و لا مصداقية واضحة لها حتى الآن من الثورة كتركية مثلاً و بعض دول الخليج العربي و على رأسهم دولة قطر
في حين أن معطيات الثورة السورية وقواه الشبابية و التنسيقيات تشير إلى أن هذا
المجلس لا يمثل سوى قوى سياسية و شبابية معينة وهو ليس بالحجم الذي تصوره بعض
الوسائل الاعلامية العربية القريبة منه و الداعمة له , و أن هناك الكثير من القوى
السياسية السورية العلمانية و القومية الديمقراطية من كردية و عربية و آشورية و
تركمانية و شركسية لها الدور الكبير في عملية الحراك الثوري على الساحة السورية .
إن هذا السلوك غير المسؤول يؤثر بشكل أو
بآخر على المنحى الايجابي و المتفاعل للثورة السورية و بالتالي تقلل من فرص التقارب
و توحيد المعارضة السورية في إطار تنظيمي واحد و أكثر فعالية و تأثيراً في المجرى
السياسي و الثوري للثورة و يغير الاتجاه و المطلب الحقيقي الذي قامت من أجله الثورة
.
إن ما
جاء في المؤتمر الصحفي لرئيس المجلس الدكتور برهان غليون و الذي أعيد تعينه عقب
انتهاء المؤتمر.....!!! فضلاً عن البيان الختامي للمؤتمر كان مخيباً للآمال ,
فالمجلس الوطني السوري لم يرسم رؤيته المستقبلية بالشكل المطلوب و الواضح من جميع
القضايا الوطنية و الديمقراطية التي تنتظر الحل و التي من شأنها أن يترتب عليها
نتائج سلبية على المستقبل السوري و لعل من أهم القضايا التي لم يحسمها المجلس
بالشكل العملي و الواقعي هي قضية القوميات في السورية كالقضية الكردية و الآشورية و
السريانية و التركمانية و الشركسية سوى بجملة واحدة أو جملتين غير معرّبة و غير
معرفة على الأقل بالمعنى القانوني لها فــجملة " الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي "
او غيره من الشعوب و التي جاءت في سياق نص البيان الختامي للمؤتمر لا يعتبر أساسا
دستورياً لأي دستور سوري جديد قادم بل هي و على ما يبدو التزام أخلاقي من القائمين
الفعليين على المؤتمر لإرضاء المجموعات القومية الحاضرة في هذا المؤتمر و منها الكردية ولعل هذا
ما يؤكد أن التصريحات التي أدلى بها السيد برهان غليون و أصدقائه من جماعة الاخوان
المسلمين " رياض شقفة " بشأن الاقليات و أن سوريا هي اسلامية لم تكن
عفوية أو عدم معرفة بالحقيقة كما أشاع البعض من أعضاء هذا المجلس و هذا ما يؤكد
أيضاً الدور التركي في رسم سياسة هذا المجلس و خاصة فيما يتعلق بقضية القوميات
الموجودة في سوريا و بالذات منها القومية الكردية التي قال فيها كنعان ايفرين
" لو انشأت دولة كردية في جنوب أفريقيا سنحاربها " .
كيف يمكن
لهذا المجلس تبني هذه القضايا القومية الديمقراطية في المستقبل و هو لا يستطيع و
للأسف حتى الآن قبول الآخر المختلف و لا يستطيع لم الشمل السوري المعارض و هو يدعي
أنه الاقوى و الممثل الوحيد للشعب السوري إنها إشارات استفهام نضعها على طاولة
المجلس الوطني السوري , إن ما طرحه مؤتمر المجلس الوطني السوري في تونس عبر
استدعاء ما تسمى قوات الردع العربية إلى
سورية لحماية المدنيين السوريين دليل على
عدم قراءة المجلس الوطني السوري و القائمين على المجلس الواقع أولاً و التاريخ
ثانياً بشكل علمي و منهجي سليم , فالواقع العربي المتباين المواقف من النظام
السوري بين مؤيد له و بكل وضوح " الجزائر , السودان , لبنان حزب الله , العراق المالكي "
و هي قوى تسبح في الفلك الايراني الحليف القوي للنظام السوري و معارض له " دول الخليج العربي باستثناء
اليمن " المعارضة للسياسات الايرانية
في المنطقة و التي تنسجم مواقفها مع تركيا , و دول أخرى لا حول و لا قوة لها و لا
ننسى موقف مصر غير الواضح تماماً حتى الآن لا يؤهل " الواقع العربي
" لا يؤهل و لا بأي شكل من الاشكال
طرح هكذا مشروع لأن القضية حقيقة ستأخذ منحى خطير آخر قد تقلب الامور عكساً سيدفع الشعب
السوري ثمن هذه الحسابات الخطأ .
ثم كان
على المجلس أن يحدد موقفه على الأقل من هذه التسميات التي يطلقها الجيش السوري
الحر على كتائبه و التي لا دلالات وطنية أو سياسية لها بل دلالات مذهبية دينية لا
علاقة لها بالأهداف الذي أسس من أجله هذا الجيش
, تلك التسميات التي لا تثير قلق فقط لدى بعض شرائح المجتمع السوري غير المسلم لا بل لدى القوى الديمقراطية و الليبرالية
العالمية و الاقليمية .
:::::::::::::::::
·
رئيس
المجلس الديمقراطي السوري - الدنمارك